أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

مارس 02، 2014

مذكرات رياضي


أمام ساحة البيت كان الأولاد يلعبون كرة السلة، تحت "سطل أملشن" مفتوح من الأسفل ومثبت على الحائط بقضبان حديدية على ارتفاع مترين. وأثناء مروره من الساحة سمع صديقي القديم "أبو كريم" ابنه وهو يحدث صديقه عن صفقة بيع اللاعب "رونالدو" لنادي "ريال مدريد" بمبلغ خرافي (130) مليون دولار، فصُعق من الرقم، وضحك في نفسه، فأحبَّ أن يشارك الأولاد ضحكته؛ فقال لهم: هل تعلمون أنني عندما كنت بعمركم تقاتل عليّ ناديين من نوادي عمّان ؟ ضحكوا بشدة، ولم يصدقوا الخبر، وتساءلوا بفضول كم بلغت الصفقة ؟ وعلى الفور تجمع الأولاد من حوله ليسمعوا منه القصة:

في منتصف الثمانينات كنت شابا يافعا، طولي 190 سم، وكنت ألعب كرة السلة مع منتخب المدرسة، أقفز بكل خفة إلى مستوى الرينغ، وأسجل في المباراة الواحدة عشرات الأهداف، وبعد أن ذاع صيتي انتسبت لنادي صويلح، وفي إحدى بطولات الدوري لاحظني مدرب نادي عمّان، فأُعجب بمهاراتي وحركاتي الرشيقة، فتحايل عليّ لأوافق على الانضمام لناديه، وقدم لي عرضا مغريا: سندفع لك أجرة التنقل من صويلح إلى عمان (والبالغة حينها 13 قرشا)، إضافة لساندويش فلافل أيام التدريب، وساندويش شاورما أيام المباريات.

قبلتُ بالعرض، وقلت لنفسي إن نادي عمّان أكبر وأهم من نادي صويلح، وبإمكاني أن أستخدم الباص (أجرته 5 قروش) وأحتفظ بالفرق 8 قروش في الذهاب ومثلها في العودة، أي 16 قرشا عن كل يوم تدريب، وهو مبلغ معقول لطفران مثلي.

لكن المشكلة أن مدرب نادي صويلح تمسك بي، مدّعيا أنه سيصنع مني كريم عبد الجبار، وهكذا فشلت الصفقة، لم أتضايق كثيرا حينها، وقلت بعوّض الله، وفي تلك السنة أُلغي الدوري لأسباب لا أذكرها، وتخرجتُ من التوجيهي بمعدل 67% . وفي الثلاث أشهر التالية اشتغلت كنترول باص على خط عمّان صويلح، وكنت كلما ركب أي شاب يرتدي بدلة رياضية أعفيه من الأجرة، حتى اكتشفني السائق، ودفّعني دينار كامل غرامة، بعد أن اتهمني بالسرقة.

في كلية المجتمع، صرت كابتن الكلية الذي تتناقل الفتيات أخباره، وفي السنة الثانية تورطت بقص حب لفتاة من صفّي، وذات يوم مشمس شاهدها عميد الكلية تجلس ملاصقة لي على مقعد واحد، وهي تقدم لي كاسة قهوة، فاستدعاني لمكتبه على الفور، ولم أكن أعلم أنها ابنة أخيه، وعندما أخبرته أنني أحبها لم يكتفي بطردي من مكتبه، بل منعني من المشاركة في أي نشاطات للكلية.

بعد التخرج، كنت كلما أتقدم بطلب وظيفة يقول لي مدير الشركة: إنت على هالطول مفروض تشتغل لاعب سلة، مش محاسب .. وبعد شهور من البطالة، اشتغلت في الدهانات، يعني طرّيش، لأن المعلم أراد استغلال طولي في الوصول للسقف دون أن يضطر لشراء "سيبة".

وبلهجة استعراضية واصل "أبو كريم" قصته: وعلى مدار ثلاث سنوات أحرزت نقابة الدهانين والطريشة بطولة دوري نقابات العمال، وقد نلتُ كأس هداف الدوري مرتين. ولإثبات مهاراته تناول الكرة ووقف بثبات وصوّبَ على الهدف، وبعد لحظات رماها بكل قوة لتسقط مباشرة في السطل، فتناثرت بقع الدهان محدثة طرطشة قوية ترددت أصداءها في جنبات الحي، وغطّت جدران المدينة كلها ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق