أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

فبراير 23، 2014

تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا


جريمة القتل هذه المرة مختلفة، فقد اعترف والد الضحية بأنه كان يعذب ابنته منذ سنوات، وعندما استخرجت الشرطة جثمان الفتاة التي لم تكمل السابعة عشرة من عمرها وجدوا عليها آثار تعذيب شديد، حيث تبين وجود جروح ورضوض في أنحاء متفرقة في الجسد، إضافة إلى تعفن في القدمين نتيجة إصابتها بمرض الغرغرينا.
إذن، الفتاة طفلة (17 عام)، وقد ماتت تحت التعذيب، وهذا التعذيب لم يكن وليد لحظة غضب انفعالي، خرج عن السيطرة؛ بل كان فعلا مستمرا عن سبق الإصرار والترصد، في كل مرة كان الأب يجد مبررا لضرب ابنته بشكل وحشي وبمنتهى القسوة، وبحضور ومشاركة زوجته الثانية (أم الطفلة مطلقة)، ولم يكونا يكتفيان بمتعتهما السادية أثناء الضرب؛ بل كانا يتركانها دون علاج بعد كل وجبة تعذيب، فتنـزف قدماها حتى تتقيح جروحها، إلى أن تعفنتا تماما، وأصيبتا بالغرغرينا.

ومن المعلوم أن الغرغرينا لا تحدث بين ليلة وضحاها، ورغم ذلك فقد وجد الطبيب الشرعي آثار ضرب وكدمات على جسد الفتاة حتى وهي مصابة بهذا المرض القاتل !! فكيف لإنسان مهما بلغت فيه القسوة أن يضرب ويعذب مريضا مصابا بتعفن القدمين، وهو من تلقاء نفسه يئن على مدار الساعة من شدة الألم !! وكيف لنا أن نعقل أن يكون هذا الإنسان (مضطر لاستخدام كلمة إنسان) هو الأب، الذي من المفترض أن يحمل قلبه بقايا مشاعر أبوّة، وشيئا من الحنان !!

والسؤال المؤلم: ما هو الذنب الذي يمكن لطفلة في هذا العمر أن تقترفه !! بالتأكيد لا شيء يبرر هذا العمل الجبان والسادي، ولكن حتى بمفاهيم المجتمع المتخلفة من الصعب جدا تخيل ذنب يقترفه طفل ليستحق مثل هذه المعاملة الوحشية. ومن الواضح تماما أن غيرة زوجة الأب، وتحريضها الدائم الذي تجاوب تماما مع نفسية الأب المريضة، والمحتقنة بشتى صنوف القهر والكبت والعنف، هو المسؤول الأول عن هذه الجريمة البشعة.

ومثل هذه الأمراض النفسية والحالات الشاذة قد توجد في أي مجتمع في العالم، لكن بيئات التخلف في مجتمعاتنا هي الحاضنة المثالية لنمو هذه الأمراض، صحيح أن القصة حدثت في غزة، لكن الكثير من مدن وقرى الضفة الغربية شهدت قصصا أكثر رعبا وإيلاما .. ولو بحثنا قليلا لوجدنا قصصا تشيب منها الولدان وتقشعر لها الأبدان في كل المجتمعات التي تتقاسم نفس النظرة للمرأة: بأنها ناقصة عقل ودين، وأن شرفها (وشرف العائلة) مرتبط تحديدا في نصفها السفلي، وأنها ملكية خالصة للأب والزوج والأخ (الذكر) الذي من مسؤولياته تربيتها بأي وسيلة يراها مناسبة، ليضمن عدم خروجها عن الخط المرسوم، وله الصلاحيات الكاملة في ذلك، بدء من ضربها، وحتى ذبحها .. وما عليه إلا أن يقول بعد ذلك: دفاعا عن الشرف !!!

طبعا العائلة استباحت جسد الفتاة، ونكّلت فيها لسنوات طويلة، دون أن يكون من بينها من يوقف هذه الجريمة، أو من يرق قلبه، أو من يتحمل مسؤولياته كإنسان ويبلّغ عنها، وفي النهاية استسهلت دفن القتيلة دون تصريح، هكذا بكل خفة؛ فالموضوع بالنسبة لهم يمكن تبريره بسهولة: القتل دفاعا عن الشرف .. وإلصاق أي تهمة بحق الضحية كما جرت العادة، فمن يسأل ؟ ومن يهتم ؟ ومن سيعترض على قانون شرف العائلة ؟

وطبعا المسلسل لم يتوقف عند قتل (س.ن.م)، ففي نفس اليوم وفي جريمة مشابهة قُتلت الفتاة (إ. م. ش.) 18 عاماً، من خان يونس، جنوب القطاع، جراء تعرضها للطعن بآلة حادة في الرقبة، والمجرم المنفذ هو شقيقها ..
أما المجرم الحقيقي فهو عقلية المجتمع المريضة، التي دأبت على أن تستخف بالمرأة، وأن تعتبرها إنسانا ناقصا.
المجرم الحقيقي هو نفسية الرجل المهزومة والمكبوتة، التي عجزت عن تحقيق أي إنجاز، فلم تجد لتعويض هزائمها إلا المرأة، والتي مُرِّغت كرامتها بالوحل، فلم تجد إلا جسد المرأة لتسجل عليه انتصاراتها الوهمية.
وهذه العقلية المضطربة ما زالت تجد لها عونا وسندا في القانون !!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق