أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

فبراير 18، 2014

إعلان في جريدة


في طريق عودته إلى البيت لمح "وسام" أسفل السور، خلف الحاوية تماما محفظة سوداء صغيرة، تناولها على الفور، وقبل أن يفتحها تلفّت يمنة ويسرة حتى اطمأن لخلو الشارع من المارين، لم يمكنه فضوله أن ينتظر وصوله البيت ليعرف ما في المحفظة، ففتحها ليجد فيها مفاجأة العمر .. رزمة دولارات خضراء لونها يسرُّ الناظرين، لم يصدق عيناه، صعقته الدهشة حتى كاد أن يرقص في الشارع، وبدون وعي وجد نفسه يركض، ثم يقف، إلى أن هدأ قليلا وأخذ يمشي ببطء، يفكر ويحسب.

قرر إخفاء الأمر عن زوجته وأطفاله، إلى أن يتوصل لقرار بشأن المبلغ، فربما تكون دولارات مزورة، وربما يثرثر أطفاله مع أصحابهم فيسمع بالخبر أحدهم فيأتيه مطالبا بالمال مدّعيا أنه له، وهكذا أمضى مساءه محاولاً إخفاء ارتباكه قدر الإمكان، وظل صامتا، غارقا في أفكاره، إلى أن توجه لفراشه مبكرا.

ظل يتقلب في فراشه، تراوده أحلامه المجنونة تارة، ومخاوفه وهواجسه تارة أخرى، يصارع ضميره بين رغبته بالاحتفاظ بالمبلغ والتمتع به، وبين إعادته لأصحابه .. ولكن من هم أصحابه ؟! تساءل في نفسه، بالتأكيد صاحب المبلغ رجل ثري جدا، لدرجة أنه يفقد مثل هذا المبلغ بسهولة، وحتى أنه لا يتعب نفسه بالبحث عنه !! ولكن ربما يكون لأبٍ مكلوم جمعه من المحسنين، بعد أن تنازل عن كرامته ليعالج ابنته المريضة بالسرطان، وربما يكون لموظف مسكين أفنى عمره وهو يدخره ليدّرس ابنه البكر في الجامعة .. وأخيرا اهتدى لقرار منحه بعض الراحة.

في اليوم التالي نشر إعلانا في الجريدة: "على من فقد مبلغا كبيرا من المال الاتصال بهاتف رقم (×××) خلال أسبوع من تاريخه، على أن يحدد بدقة أوصاف المبلغ".

تمنى في داخله أن لا يرى الإعلان أحد، حتى يمضي الأسبوع، حينها سيصرف المبلغ وهو مرتاح الضمير، ومع ذلك توقع سيلا من الاتصالات، وحتى لا يثير شكوك عائلته، قرر أن يمضي نهاره عند أحد الأصدقاء ليتلقى الاتصالات هناك، لكن عدد المكالمات فاق توقعاته بكثير، فقبل أن ينتصف الليل كان قد تلقى ما يزيد عن الخمسمائة اتصال.

المتصل الأول: إنت بس إحكيلي أوصاف المبلغ، وإذا كانت صحيحة بكون المبلغ إلي، وإذا كانت غير صحيحة بقلكك لأ، ولازم تثق فيّ.

المتصل الثاني: أنا كنت اليوم في المول واشتريت شوية أغراض ودفعت 600 شيكل، مع إنها أشياء بسيطة، يعني أكيد وقع مني 200 شيكل.

المتصل الثالث: أنا اليوم مريت عالسوق، كان معي ألف شيكل، ولما روحت كانوا بس خمسين، صحيح أني صرفت شوية، بس أكيد وقع مني مبلغ معين وما بقدر أحدده بالضبط.

الرابع: أنا أعطيت ابني 200 دينار ليدفع إيجار البيت، وحلف يمين إنه ضيعهم في الشارع.

الخامس: أنا رئيس جمعية الأمانة الخيرية، وأرجو منك أن تتبرع بالمبلغ لصالح الجمعية، وإنساك من صاحبه.

التاسع: أنا متأكد إنك ما لقيت مبلغ ولا شي، وهدفك تعمل دعاية لنفسك، وأنت واحد نصاب.

السادس عشر: شكلك موظف كبير، وناهب من خزينة الدولة، وبدك تبرر للناس من وين جبت المصاري، يا حرامي.

الحادي والعشرين: أنا آنسة عمري ثلاثين سنة، أقدس الحياة الزوجية وحلوة وبجنن، وعرفت من الإعلان إنك إنسان رائع وأمين، وحابب أرتبط فيك.

الثالث والثلاثين: بارك الله فيك يا أخي المسلم، هذه هي الأخلاق الحميدة، ومثلك مكسب لتنظيمنا، ندعوك لأن نلتقي بعد صلاة العشاء في الجامع الكبير.

الأربعون: أنا بقدر أطلع ملفك الكامل من رقم تلفونك، يا بتعطيني نص المبلغ، أو بدبرلك تهمة في حياتك ما بتطلع من السجن.

المائة: صارلي من أول إمبارح بتصل فيك، وأنت خطك مشغول على طول، أو مسكر جوالك، يا أخي عيب عليك، أنا ضيعت آخر عشرين شيكل معي، وروحت عالبيت مشي.

المتصل رقم 320: يا أخي أرجوك، يعني إنت ما تعبت في المصاري، وهي مش إلك، وبترجاك تعطيني منهم أي مبلغ، والله العظيم صارلي أسبوع ما تعشيت، وأولادي بفطرهم شاي وخبز، وبغديهم خبز وشاي.

المتصل 490: شوف يا إبني، مهما كان المبلغ، لازم تدفع عنه ضريبة دخل، وإلا تعتبر مواطن غير صالح، ومخالف للقانون.

المتصل 511: ولك وينك من الصبح بتصل عليك، أكيد أنت هسه عند مرتك الثانية ومسكر تلفونك، يعني صحيح اللي بتحكيه عنك إم يوسف إنه عينك زايغة، طيب أنا بورجيك، أنا رايحة عند أهلي، وبتبعتلي ورقة الطلاق والمتأخر، يا كذاب يا حقير .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق