أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

ديسمبر 27، 2013

كلاشنكوف


 قبل سنوات عديدة قرأت في مقابلة صحافية مع المهندس الروسي "ميخائيل كلاشنكوف" أنه ليس نادما على اختراعه أشهر بندقية آلية في العالم؛ لكنه يأسف بشدة كلما رآى رشاشه بأيدي العصابات والقتلة. وخلافا للسويدي "نوبل" مخترع الديناميت الذي ندم على ما فعل فمنح ثروته لتخصص في منح جوائز تشجع على العلم والأدب .. فإن "كلاشنكوف" ورغم أن اختراعه لا يقل فتكا عن الديناميت إلا أنه لم يقدم أي جائزة، وربما لأنه ظل مجرد موظف مغمور ..
قبل أيام غادر المهندس العبقري دنيانا عن عمر يناهز ال 95 عاما، عاش فيها فقيرا ومات فقيرا، ولم يجني من اختراعه فلساً واحدا، إلا أنه كان قانعاً براتب التقاعد الذي تدفعه له الدولة، على حد تعبيره، مع العلم أن اختراعات شديدة البساطة جنى أصحابها من ورائها ثروات ضخمة في البلدان التي تحفظ براءات الاختراع.
ملايين الكلاشنات بيعت في شتى أنحاء المعمورة، وملايين الطلقات أُطلقت منه في شتى الاتجاهات، عبر عشرات الحروب والصراعات .. في البداية كان "الكلاشن" حكرا على جيوش الدول الشيوعية، وحركات التحرر الوطنية .. من نيكاراغوا وكوبا غربا إلى فيتنام والصين شرقا، وكان سلاح الثورة الفلسطينية وأيقونتها .. وفي ذروة الزمن الفدائي كانت أحلى أغاني العاصفة: "كلاشنكوف خللي رصاصك بالعالي"، أما نشيد الانتفاضة فكان: "ما في خوف، ما في خوف .. الحجر صار كلاشنوف"، وقد زيَّـن شعار "فتح"، وبقية الفصائل الفلسطينية، وأخذ الفتية يرسمونه على حيطان البيوت وسور المدرسة وفي أزقة المخيمات .. لم يكن مجرد آلة حربية متطورة صنعها السوفييت مقابل الإم 16 الأمريكي، أو العوزي الإسرائيلي .. بل كان رمزا لمقاومة الإمبريالية والهيمنة الأمريكية في كل مكان.
لكن هذه الإمبريالية نجحت بشكل أو بآخر، بتلويث هذا الرمز، وعبر سياسة ممنهجة، فقد باعت منه عبر تجار السلاح ملايين القطع إلى عصابات المافيا، والمهربين، والجماعات الإرهابية، كما اقترن استخدامه في أفلام "هوليود" بالجهة التي تمثل الشر والإجرام والعدوان، بينما كان الإم 16 دوما بيد رجال الأمن (الطيبين) الذين يحاربون الجريمة والإرهاب !!
لا شك أن آلاف الضحايا الأبرياء قد قضوا نحبهم برصاص الكلاشنات، وهذا ما يدعو للأسف، لكن المشكلة ليست في "الكلاشنكوف" بل هي في الأيدي الآثمة التي حملته. لكنه رغم كل شيء سيظل سلاح الثوار والمناضلين، الذين يضيئون برصاصاته ليلهم المعتم، ويشقون بها فجر حريتهم .

المجد لك يا كلاشنكوف، ولترقد بسلام .. كما رقد "الكلاشنكوف" وللأسف، في زمن ما يسمى مفاوضات السلام.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق