أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

ديسمبر 17، 2013

عداء فطري للبيئة


تناقل نشطاء على الفيسبوك صور لمواطنين من قرى شرقي رام الله، يحملون على أكتافهم غزلانا برية، اصطادوها خلال موجة الثلج الأخيرة، وتقدر أعدادها في هذه المنطقة فقط بنحو 150 غزالا، وربما في مناطق أخرى اصطاد المواطنون أعدادا متقاربة من هذ الحيوان البري الجميل. وقد تذكرت حين رأيت تلك الصور المفزعة قصة حكاها لي أحد الأصدقاء جرت في بداية التسعينات، حين اجتاحت فلسطين عاصفة ثلجية من العيار الثقيل، وقد غطى الثلج حينها كل السهول والهضاب، وفي منطقة قرى جنوب نابلس دخلت عشرات الغزلان إلى شوارع تلك القرى بحثا عن الطعام، بعد أن أضناها الجوع لأيام متواصلة، فإذا بسكان تلك القرى (الذين كانوا حتى قبيل هذا اليوم أناس طبيعيون) قد تحولوا فجأة إلى وحوش برية تطارد فرائسها، وتصطادها بكل قسوة.
الغزال من أجمل الحيوانات في الطبيعة، وفلسطين من البلدان القليلة في المنطقة التي تعيش فيها الغزلان حياة برية عادية، إذ يشكل وجودها أضافة نوعية على مشهد البراري الخلاب، ويضفي رونقا خاصا على طبيعتها الساحرة، ما يزيدها جمالا وتألقاً، إلى جانب عدد كبير من الحيوانات البرية الأخرى والطيور النادرة التي وجدت في فلسطين واحة جميلة غنّاء.
ما يؤلم حقا، ويدعو للأسف، وما يحز بالقلب، أن تلك الحيوانات تنمو بحرية وأمان بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية، في حين تواجه خطر الانقراض بالقرب من القرى الفلسطينية، ببساطة لأن قلة من الشبان المستهترين، دأبوا على التربص بتلك المخلوقات الضعيفة، واصطيادها بدون أي درجة من المسؤولية، مع إدراكهم أن لحمها ليس لذيذا، ولا يصلح للطبخ، وهم أصلا ليسوا بحاجة له، وكل ما في الأمر أنهم وجدوا ضالتهم فيها، دون مراعاة لأهميتها في التوازن البيئي، وحفظ الإنواع النادرة.
هؤلاء ليسوا صيادين، لأن الصياد الحقيقي المسؤول يعرف ماذا ومتى يصطاد، وحسب حاجته، دون إسراف، بشكل منظم ومدروس. أما هؤلاء فمجرد أناس أعمتهم الأنانية، ودفعهم الطمع للإعتداء على الطبيعة، وقادهم غباؤهم لاقتناص أي فرصة، حتى لو كانت غير ضرورية، إنهم أناس لا يعرفون كيف يتمتعون بالجمال، ومتعتهم فقط بالعنف والقنص والاستحواذ على كل ما يمكنهم أخذه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق