أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أغسطس 29، 2013

في مصر ثورة، أم انقلاب ؟!


مؤيدو الثورة اعتبروا ما حدث إنما هو موجة جديدة للثورة المصرية واستمرارا لها، وأن هذه الثورة تنتظرها مراحل ودورات أخرى، باعتبار أن الربيع العربي لم ينتهي بعد، وأنه في جوهره إنساني ديمقراطي مدني. 

أما جماعة الإخوان الذين انتظروا خمسة وثمانين عاما للوصول إلى السلطة فقد شعروا أنهم ضحية مؤامرة أعدت بليل، وأن الرئاسة سُرقت منهم، وأن رئيسهم المنتخب لم ينل الفرصة الكافية لإثبات نجاحه وصواب مشروعه، مؤكدين أن ما حدث إنما هو انقلاب عسكري مكتمل الأركان، بالرغم أن الجيش اختار رئيسا مدنيا مؤقتا، ودعا لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وتشكيل لجنة من الخبراء لوضع دستور جديد؛ فهذا حسب وصفهم انقلاب على الشرعية.

في المقابل، رأى المعارضون أن سنة واحدة كافية لتقييم الأمور، وليس ضروريا أن يصبر الشعب أكثر من ذلك، خاصة بعد أن رأوا أن الأوضاع بدلاً من تحسنها، أو ثباتها على الأقل، تسير باتجاه معاكس، ونحو مزيد من التراجع على كافة المستويات، وبالتالي فإن الانتظار حسب وجهة نظرهم لا يعني فقط إضاعة الوقت وهدر الفرص، بل الوصول لمرحلة يتعذر فيها الإصلاح.

الإخوان ارتضوا الديمقراطية كنظام حكم، وأعلنوا أنهم وصلوا الحكم عبر الانتخابات، واستندوا في موقفهم إلى "الشرعية" التي منحتهم إياها الديمقراطية .. وبما أن الإخوان يخوضون معركتهم تحت شعار الدفاع عن الشرعية، وباستخدام معايير الديمقراطية؛ فإن الديمقراطية - كما هو معروف - نظام متكامل، لا يصح أخذ جزء منها وترك الآخر، وهي تعني أساسا أن السلطة للشعب، وتداولها لا يكون إلا بطريقة سلمية، وهي تقتضي أيضا وجود معارضة وبرلمان ومساءلة، وانتخابات مبكرة واستفتاءات شعبية, وغير ذلك من آليات. فإذا كان الخطأ الذي وقع فيه الإخوان اختزالها بصناديق الانتخابات؛ فإن الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة هو نكران الانتخابات، كما لو أنها لا تعني شيئا. 

عشية الثورة كانت الحالة المصرية على النحو التالي: البرلمان متعطل، وعلى رأس السلطة حزب حاكم ليس لديه تراث ديمقراطي، ورئيس أعلن بصراحة أنه مستعد للموت دفاعا عن الشرعية (أي دفاعا عن منصبه)، وفي المقابل جماهير عريضة خرجت للشارع بالملايين تطالب بانتخابات مبكرة، بعد أن تأكدت أن آليات تداول السلطة الأخرى (الديمقراطية) غير متاحة بالمطلق، بسبب تشبث الإخوان بالسلطة، وبالتالي لم يكن أمامها إلا اللجوء للشرعية "الثورية" التي تفرضها الجماهير، أي بجملة واحدة القيام بالثورة.

الثورة حين تنضج عواملها، وتكتمل عناصرها، وتصبح ضرورة وطنية، حينها فقط ستنفجر، وفي هذه الحالة لن تعترف بكل ما هو موجود من أنظمة حكم قائمه، ولن تعترف بما تسميه السلطة الحاكمة "الشرعية الدستورية"، أو غيرها من مبررات وجود السلطة؛ لأنها في الأساس ثورة على كل ذلك؛ ثوره على الدستور الذي تتأسس عليه سلطات الحكم القائم والعلاقات التعاقدية الجارية، وإلا لن تكون ثوره ؟ ولن ينخرط الشعب في صفوفها من أجل التغيير. 

الثورة قامت بعد أن ارتكبت السلطة سلسلة أخطاء رئيسة جعلت شرعيتها تسقط في أعين المجتمع. قبل قيامها كانت القوى المعارضة (وأهمها جبهة الإنقاذ) تسعى عبر وسائل الإعلام المصرية (التي تبين أن أكثرها كان معارضا للسلطة) لإبراز تلك الأخطاء، وربما تضخيمها، تمهيدا لإسقاط النظام والظفر بالسلطة. لكنها لم تنجح في مسعاها هذا، بالرغم من وجاهة الكثير من أطروحاتهم. إضافة إلى قوى علمانية أخرى كانت تتخوف من هيمنة مشروع الإسلام السياسي، وتثبيت أركانه ومؤسساته، لأنه حسب وجهة نظرها مشروع دولة ثيوقراطية مستبدة. لكن مجموعة من الشبان الذين أسسوا حركة تمرد، استطاعوا جمع 22 مليون توقيع (حسب قولهم) للمطالبة بسحب الشرعية عن حكم الإخوان وتنظيم انتخابات مبكرة، وتحديد موعد الثلاثين من يونيو موعدا لخروج الشعب في تظاهرات حاشدة، لإسقاط نظام الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق