أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 25، 2013

المنطقة على حافة الجنون


حزب الله بعد أن كان قائد لواء المقاومة صار في نظر البعض "حزب اللات" !! الفنان السابق "فضل شاكر" يتفاخر بقتله عنصرين من الجيش اللبناني !! في طرابلس تتواصل الاشتباكات بين سكان الأحياء "السنية" وسكان جبل محسن "العلويين" !! وفي صيدا يسقط قتلى وجرحى في حرب متصاعدة بين ميليشيا الشيخ الأسير والجيش اللبناني !! وفي مصر يهاجم مئات القرويين منزلاً يقطن في أربعة مواطنين "شيعة"، ويهجمون عليهم بالعصي ويقتلونهم ويسحلون جثثهم وهم يهتفون ويكبّرون !! في سوريا مقاتل من الجيش الحر يستخرج قلب قتيل ويلوكه بأسنانه !! وجنود مؤيدون للنظام يعذبون أطفالا أمام أهاليهم قبل أن يقتلوا العائلة بأكملها !! فضلا عن عشرات حالات قطع الرؤوس !! أما في العراق فإن التفجيرات العشوائية في الأسواق والمساجد والحسينيات لم تتوقف منذ نحو عشر سنوات !!

هذه مجرد عينات من المشهد العام، ولا شك أن هناك ما هو أفظع وأخطر .. لكن، هل هذه مجرد لحظة جنون عابرة تعيشها المنطقة ؟ أم أن هذا الجنون متأصل ومتجذر .. وما يحدث بين فترة وأخرى هو أنه يطل برأسه ويذكِّر بنفسه ؟

وبنظرة سريعة، سنجد أن العامل المشترك وراء كل هذا الجنون هو الجهل والتعصب، وغياب التعددية وثقافة قبول الآخر، وشيوع منهج الإقصاء، والنزعة الطائفية والمذهبية، والادعاء باحتكار الصواب.

وبتحليل أكثر عمقا سنكتشف أن نزعة العنف والتطرف هي جوهر المشكلة، وما عدى ذلك إنما هي أعراضها وتجلياتها؛ فما عمليات القتل المفرطة في قسوتها -والتي تتم تحت مسميات دينية عديدة - سوى الوجه الآخر للكبت والعنف والغضب الكامن في نفوس هؤلاء القتلة؛ حيث لا يكتفي القاتل بإنهاء حياة خصمه؛ بل نراه يتلذذ بذلك، ويتفنن بقطع رأسه وتعذيبه قبل قتله، بينما يحيط به المشاهدون الذين لا يقلون عنه رغبة في إشباع نزعات العنف، وممارسة شهوة التوحش والانتقام، فيصوّرون حفلة القتل، لمنحهم أقصى درجات النشوة. 

والأسئلة التي تستدعي نفسها: طالما أن نزعات العنف موجودة في النفس البشرية منذ أقدم الأزمان، فلماذا تكثفت مشاهد القتل في الآونة الأخيرة على نحو غير مسبوق !؟ ولماذا يتركز العنف والتدمير في المنطقة العربية أكثر من سواها ؟! وهل الطائفية اختراع عربي جديد ؟! بمعنى آخر هل اكتشف أهالي "أبو مسلم" فجأة أن هؤلاء "الشيعة" كفار يتوجب قتلهم ؟ وكيف تجردوا من إنسانيتهم بهذه السرعة، وسوّلت لهم أنفسهم قتل جيرانهم بالعصي، بلا رحمة ولا شفقة، كما لو أتهم يقتلون "سحلية" !!

يرى كثير من المحللين أن العقلية الطائفية مترسخة في المنطقة منذ أمد بعيد؛ لكنها تظهر وتختفي، ويتم استدعائها من قبل رجال الدين والسياسة كلما اقتضت الحاجة، وقد ظهرت في التاريخ الحديث أكثر من مرة، كانت أسوأها في حرب لبنان الأهلية. لكن موجات التحريض المذهبي بدأت بشكلها العلني والصريح (بين الشيعة والسنة) مع احتلال العراق في عام 2003، وتصاعدت بشكل محموم بعد سلسلة من عمليات التفجير والقتل على الهوية من قبل الطرفين، رغم أنها ظلت محصورة ومقتصرة على جماعات محددة ومنبوذة من قبل غالبية الشعب العراقي؛ إلا أنها أخذت بالانتشار أكثر فأكثر مع دخول عناصر القاعدة بأفكارهم الوهابية، وانتشار فتاوي التكفير من قبل رجال دين امتطوا صهوة الفضائيات.

اليوم، ومع دعوات التحريض وتصاعد حدة النزوع الطائفي والاستقطاب المذهبي، تقف المنطقة برمتها على أعتاب حرب أهلية، ليست على غرار داحس والغبراء التي راح ضحيتها بضعة ألوف، ولا تشبه حرب الثلاثين عاما التي قسّمت أوروبا بعد حروب دينية طاحنة .. إنها الحرب التي - لا قدر الله - إن قامت، ستأتي على الأخضر واليابس.

فإذا ما استجاب الناس لدعوات شيوخ الفتنة، واستمعوا لخطابات التكفير .. فإن ما تحدثنا عنه في بداية المقال، سيكون مجرد نقطة في بحر .. ولكم أن تتخيلوا حجم الحرب التي وقودها مائتي مليون شيعي ضد ستة أضعافهم من السُنّة، فضلا عن عشرات الأقليات والطوائف التي ستجد نفسها متورطة في حرب مجنونة .. بدأت بخطبة لمأفون، حرَّض فيها على قتل أناس اتهمهم بالكفر، لمجرد أنهم لا ينتمون لطائفته !! ثم اشتعلت على أيدي موتورين، كانوا يداعبون نزعات العنف في دواخلهم، وينفّسون عن كبتهم .. ويجمّلون هزائمهم وفشلهم بشعارات دينية، خدعوا فيها أنفسهم قبل أن يخدعوا الآخرين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق