أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

مارس 12، 2013

موقف حماس والحركات السلفية من الثقافة والجمال



سعت حماس، قبل وبعد توليها مقاليد السلطة، لفرض مفاهيمها الاجتماعية والأيديولوجية على المجتمع، باتجاه أسلمته، ولكنها حرصت في نفس الوقت على أن لا تُظهر ذلك على نحو يثير حفيظة الناس، وتقول دائما أن نموذجها في الأسلمة حضاري منفتح، ولكن البعض يشككون في ذلك، ويرون أن الصدامات العنيفة بين حماس والتيارات الجهادية والسلفية المتشددة تأتي في إطار السباق والتنافس على فرض أسلمة المجتمع، ولكن كلٌ من وجهة نظره، وحسب أسلوبه؛ حيث سعت حماس وبخطوات حثيثة للسيطرة على البنية التحتية الإسلامية، وأرادت أن يتم ذلك بخطوات متدرجة تراكمية، بينما أرادت الحركات السلفية فرض الأسلمة بالقوة ودفعة واحدة، فلجأت إلى تفجير الأماكن السياحية، وحرق المخيمات الصيفية، وتفجير صالونات التجميل، ومحلات الإنترنت، والمقاهي، ومحلات بيع أسطوانات الأغاني والأفلام.
وبعد تفردها بحكم غزة، شرعت حكومة حماس بتطبيق حملة 'الفضيلة'، وفي هذا السياق أصدرت قرارات عديدة، اعتبرها المثقفون اعتداء على الحريات الشخصية، منها مثلاً: فرض الحجاب، ومنع الحفلات الموسيقية، ومنع الاحتفال بعيد الحب، تقييد الاستجمام على الشاطئ، تفريق حفلات الأعراس الغنائية بالقوة، وضرب المغنيين أو منعهم من الغناء .. أي محاربة كل ما يعتبرونه  مخالف للشريعة .. وقامت وزارة الثقافة بحرق كتب، ومنع ومصادرة أخرى، ورفضت استضافة فرق فنية عالمية بحجة أنها فرق رقص، كما امتنعت عن تنظيم مهرجانات فنية وثقافية ذات صبغة علمانية، وعندما  أعلنت أنها لا تمانع بإعادة فتح دور السينما المغلقة، اعتبر البعض أن هذا ليس كافيا، لأن القرار يتضمن فرض "رقابة" على ما سيُعرض فيها، وبالتالي فإن هذه الرقابة ستقيّد وستمنع كل ما تعتبره لا يتناسب مع "عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني"، أي بعبارة أخرى ستمنع حماس كل ما لا يتماشى مع رؤيتها الأيديولوجية، تحت ذريعة الفضيلة.
كان من بين أول ما فعله أنصار حماس بعد الانقلاب تدمير نصب الجندي المجهول بغزة وجره بحمار ! وفيما بعد قاموا بهدم الجاليري الثقافي، ونلاحظ أن نفس السلوك يتكرر في كل منطقة تدين لحكم الجماعات السلفية، ولكن بدرجات متفاوتة من الشدة: هدم التماثيل والنصب، وإغلاق المسارح ودور السينما، وتحريم الفن والنحت والتمثيل والتصوير والغناء والرقص، وتقييد حرية المرأة .. أي محاربة كل ما هو جميل، واستبداله بالقبح، وقتل الفرح واستبداله بالعبوس، وإحلال الغضب والكراهية محل الحب والتسامح !
بحجة "المحافظة" تمعن الحركات السلفية في فرض رؤاها المتشددة والمتعصبة على المجتمع؛ وتحارب أي شكل من الإبداع والفن والثقافة لا يتماشى مع فلسفتها، بذريعة أن ذلك يتعارض مع قيم المجتمع. علما أن المجتمع الفلسطيني متحضر ومنفتح ومتسامح، والمرأة تحظى فيه بمكانة محترمة تليق بتضحياتها، وبمستوى من الحريات الشخصية، تضيق بها المدارس الإخوانية المتأثرة بالسلفية.
تريد الحركات السلفية فرض حصار داخلي على المجتمع اسمه الأخلاق؛ والأخلاق في عرفهم تنحصر في الحجاب ومنع الاختلاط، والتركيز على الشكليات، والسؤال هل قررت تلك الحركات "الجهادية" استبدال هدف تحرير فلسطين، بهدف أسلمة المجتمع ؟!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق