أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

سبتمبر 16، 2012

هل الشعب دائما على حق ؟!


الجماهير عبارة عن مجموع أفراد، وبالتالي فإن وعي الجماهير هو محصلة وعي الأفراد، وبالعكس صحيح، حيث تؤثر هذه الجماهير في صياغة وعي الفرد وإعادة تشكيله وفقا لمفاهيمها وقيمها. ولكن الفرد هو إنسان يخضع لنزواته وضعفه بالضرورة، وإذا كان معظم الأفراد ذوو تعليم متدني وأفق محدود، فإن ذلك سينعكس مباشرة على الوعي الجمعي.

تصف الأنتلجنسيا الجماهير عادة بالغوغاء، أما النخب الحاكمة فلا تأخذ مطالب شعوبها على محمل الجد .. ولكن هذه الجماهير الشعبية التي وُصفت بالدهماء تصبح فجأة ذات إرادة حرة، عندما تخرج مرغمة لتحية الزعيم ! وتصبح واعية عندما تلتقي مواقفها مع آراء المنظرين !

المعارَضة تعتبر الشعب مضَللاً، عندما لا يكون في صفها، وتعتبره ذكيا عندما يصدّقها ! المعارَضة تستطيع أن تسفّه تحليل أي خبير أو عالِم لا يروقها، وأن تجعل من جملة مكتوبة على كرتونة بخط رديء وأخطاء إملائية وصياغة ركيكة أن تجعلها قمة الحكمة، لأنها وافقت أهوائهم، وبحجة أن حاملها متظاهر في الشارع !

الحكومة والمعارضة عادة ما يكونا على طرفي نقيض، والشعب غالبا مغيب، أو هو مجرد مرجعية افتراضية لطرفي الصراع، الحكومة اعتادت أن تصف المعارضة بأن لها أجندات أجنبية، المعارضة لا تعتبر نفسها وطنية إلا إذا كانت معارضة، يعني عليها دوما أن تذم الحكومة مهما كان برنامجها ! ولا يمكن لها أن تتخيل أن يكون الشعب والحكومة في صف واحد !
الثوريون يرفضون مقولة أن هناك شعب غبي، ويراهنون دوما على الوعي الشعبي، وفي العادة لا يخيب رهانهم. ولكن التاريخ يخبرنا أيضا عن سقطات تاريخية وقعت فيها الشعوب، وكان خيارها فيها خاطئا.

الشعوب الحية تتقدم على قيادتها، ولكنها تظل بحاجة إلى قيادة، الشعوب صادقة في توجهها، وحساسة في إدراك مصالحها، ولكنها بدون توجيه قد تفقد البوصلة. التاريخ يعطينا أمثلة عن شعوب انقرضت، وصارت ذكرى.

الشعوب مسكونة بهاجس الخوف من تغيير الموروث، لذلك هي بحاجة إلى طلائع تثور على القديم، لتتقدم، أحيانا تكون هذه الطلائع مبهورة بنماذج الغرب أو مستلبة فكريا، أو لها رؤى بعيدة المدى، لذلك ستكون بحاجة إلى محافظين يشدونها إلى جذورها، حتى لا تقتلعها الريح.

الشعوب في المِحَـن والهزّات تنزل إلى الشارع .. الشعوب تغضب، وتثور، وأحيانا تفقد أعصابها؛ لأنها كما ذكرنا مجموعة من الأفراد، ولكل فرد منهم وجهة نظر، وقد تملك آرائهم قوة ديكتاتورية الرأي العام. الإعلام في هذه المرحلة يصبح أداة خطيرة، وأحيانا يلعب دور المهرج والمحرض، بعض الإعلاميين يبرزون في هذه المراحل؛ لأنها توفر لهم الفرصة الأخيرة.

ليس الإعلاميون وحدهم من ينتظر مثل هذه الفرصة السانحة؛ هناك قادة مغمورون، حزبيون، محللون سياسيون، خبراء اقتصاد، رجال دين، طائفيون، تجار ... كلهم سيملئون الوادي صراخا. وقد وفرت لهم ثورة المعلومات والاتصالات أكثر مما كانوا يحلمون به: قنوات فضائية، فيسبوك، يوتيوب ...

بعض المشايخ لم يكتف بأعداد مريديه في حلقته الصغيرة؛ فاستخدم اليوتيوب، وحتى يزيد أعداد المتابعين والمعجبين، لم يكن أمامه سوى زيادة جرعات التعصب والطائفية !! بعض المحللين وقعوا في فخ عدد اللايكات على صفحاتهم في الفيسبوك، وحتى يزيدوها صاروا محرضين شعبويين !! بعض المفكرين أعجبتهم صورهم على الشاشة، فتحولوا إلى ممثلين ! بعض الكتّاب بات همهم إرضاء جمهورهم، فصاروا ينشرون الجهل والتجهيل.

هؤلاء من المفترض أنهم الطليعة والقيادة والبوصلة، لكنهم من فرط نرجسيتهم، صاروا مهرجين.


Top of Form
Bottom of Form

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق