لا يمكن فهم المعنى الحقيقي للحياة بصورتها الحالية لكافة الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان، دون فهم الظروف التي سبقت نشأتها، والتي أحاطت بها أثناء صيرورتها في ذلك الزمن الموغل في القِدم، نظرا للتشابك الذي لا يقبل الانفصام بين الحياة نفسها والوسط المحيط الذي انبثقت منه، وعمق وقوة التأثير المتبادل فيما بينهما.
فلو عدنا بالزمن 4.7 مليار عام، وهو العمر الذي يقترحه العلماء لكوكب الأرض، لوجدنا كوكبا ملتهبا تُقدر حرارته بمئات الدرجات المئوية، ويدور حول نفسه مرة كل ثماني ساعات، والقمر على مسافة قريبة جدا منه، بحيث كان تأثيره بالغا على توجيه ميل محور الأرض وجعله غير مستقر، الأمر الذي أخّر حصول التغييرات المناخية اللازمة لنشوء الحياة، حيث أن زاوية ميل محور الأرض ضرورية لتكوّن الدوائر القطبية، وتوزيع كمية الحرارة الشمسية على سطح الأرض، مما يجعله أحد العناصر الأساسية لاستقرار مناخ الأرض وتتابع الفصول الأربعة. وكانت الأرض في ذلك الزمن السحيق بلا غلاف جوي يحميها من إشعاعات الشمس القاتلة، وقشرتها غير مستقرة، تتفجر فيها البراكين على نحو مجنون، وتضربها الزلازل والصواعق والبروق، ولا يوجد بها ماء ولا أوكسجين، وتتعرض لقصف نيزكي شديد البطش .. بجملة واحدة كانت غير صالحة للحياة.
بدأ القمر يتباعد، ومحور الأرض يميل نحو الزاوية المطلوبة، وسرعتها حول مدارها تتباطأ، وقشرتها تهدأ شيئاً فشيئا، وتواصل تبريد ذاتها، والغلاف الجوي الأرضي أخذ بالتشكل بفعل الأبخرة المتصاعدة من البراكين، تلك الأبخرة كانت مكونة بشكل أساسي من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان والأمونيا, وبسبب تلك العناصر ومع تساقط بخار الماء تكونت مجموعة غيمية هائلة كوّنت البحار الأولى. ( هناك نظرية ثانية تقول أن الماء الأرضي أتى من الفضاء الخارجي محمولا على صهوة النيازك والمذنبات ). ولعدم وجود الأوكسجين في تلك الفترة – المكون الأساسي لطبقة الأوزون - كانت الأشعة فوق البنفسجية تخترق الجو الأرضي بشكل مستمر وتؤدي بطاقتها القوية إلى تفكيك المياه نفسها إلى موادها الأولية من الأوكسجين والهيدروجين، أما الهيدروجين فقد تصاعد أغلبه خارج نطاق الجاذبية الأرضية التي لم تستطع أن تبقيه في مجالها لخفته، وبقي الأوكسجين في الغلاف الجوي الأرضي الأولى.
هذه العملية المعقدة والتي صيغت بفقرة واحدة احتاجت في حقيقة الأمر ملياري سنة بالتمام والكمال، وهي الفترة التي شهدتها الأرض دون أن يكون عليها أي شكل من أشكال الحياة، في تلك اللحظة التاريخية من عمر الأرض بدأت مغامرة الحياة أولى حلقاتها، فقد بدأت عملية الانتقال من التطور الكيميائي إلى التطور البيولوجي. أي عندما نشأت أول خلية حية، سمحت أن تتناسل منها كافة أشكال الحياة. ولكن من أين جاءت هذه الخلية ؟!
هذا السؤال تصدى له العالم الروسي أوبريان ألكسندر في بداية العشرينات من القرن الماضي، حين وضع نظريته بإمكانية نشوء مُركّبات عضوية بسيطة من مواد لا عضوية، أي بوجود غازات الجو وبتأثير البرق وأشعة الشمس الفوق بنفسجية. وهي ما تعرف بنظرية التخلق اللاحيوي، التي تفترض أن منشأ المادة الحية لأول مرة كان نتيجة تفاعل بعض المواد غير الحية، حدث هذا عند ظروف خاصة جداً. وفي العام 1953 تمكن العالمين ستنلي ميلر وهارولد أورلي من جامعة شيكاغو من تجربة صحة هذه النظرية لأول مرة، بخلق ظروف مشابهة لظروف الأرض في مراحلها الأولى، وذلك بتصميم نظام مغلق مصنوع من الزجاج يتكون من حاوية مرتبطة بأنابيب يحتوي هواءها على الميثان والأمونياك والهيدروجين الذي كان يسبح فوق ماء مغلي، والذي يفترض أن يشابه نبع ماء حار فوق بركان بحري. ومع خلق شرارة كهربائية - تشبه بفعلها الصواعق - ناتجة عن شريط كهربائي ذو توتر عالي كان هذا كافيا لتحول لون الماء إلى الأصفر. وبعد أيام لاحظا تكون ثلاثة أحماض أمينية وهي ثلاثة من أصل عشرين حامض أميني تتكون منها جميع أنواع البروتينات الحيوية لأي كائن حي، وهي اللبنات الأساسية للحياة. وهذا يعني أن موجات الإشعاعات الشمسية والبرق أعطت الطاقة للمواد غير الحية التي كانت تملأ الأرض وأجبرتها على الدخول في تفاعلات كيماوية، أنتجت مواد عضوية، ومن ثم سلاسل الأحماض الأمينية لتخرج من رحمها الحياة. أي وباختصار شديد، وُلدت الحياة من الکيمياء البدائية بعد أن أنتجت الأحماض الأمينية، والأحماض الأمينية جاءت بالأحماض النووية، والأحماض النووية ولدت الشفرة الوراثية والتي هي أساس الحياة.
وإذا كان يبدو لنا اليوم بأن موقع الأرض بالنسبة للشمس والمسافة المناسبة بينهما هما السبب لوجود الحياة على الأرض، فإن ذلك وإن كان صحيحا، إلا أنه ليس بسبب مصادفة سعيدة، بل بسبب أن أولى الخلايا الحية تكيفت مع هذا المستوى من الحرارة ليس باعتباره الأفضل، بل باعتباره الأكثر ملائمة لبقائها وتكاثرها. فعند هذا المقدار من الحرارة وتحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية والبرق الشديد تتكسر الجزئيات الغازية المنتشرة حول الكوكب وتتحلل وتسقط على شكل عناصر أكثر تعقيدا، وهي أولى المركبات العضوية، ومع هذا المطر المتواصل من الجزئيات العضوية والذي دام نصف مليار عام، رويت الأرض وتكونت طلائع الأحماض الأمينية (النمليك والسيانيد) اللذان اتحدا معا وكونا اثنين من القواعد النيتروجينية الأربعة، التي ستشكل فيما بعد الحامض النووي DNA.
اليوم يجزم العلم بأن جميع الكائنات الحية، من البكتيريا إلى الرئيسيات العليا وصولاً للإنسان مبنية على مبدأ واحد وتعمل وفق نفس الميكانيزم: خلايا تحتوي على الـ DNA، الذي يلعب دور الشيفرة التي تسيطر على نشوء آلاف البروتينات المتنوعة التي بدورها تقوم ببناء خلايا جديدة متخصصة، والتحكم بالطاقة، والسيطرة على عمل الـ DNA نفسه. والاختلافات الموجودة بين الأنواع تبين لنا الاختلافات البطيئة والمتراكمة التي نشأت في طريق التطور، ولكنها في الأساس تؤكد انتمائنا إلى معمل واحد.
والسؤال هنا: طالما أن جميع أشكال الحياة المعروفة تتكون من نفس المُكونات العضوية، التي بحد ذاتها وعلى حدة لا تعتبر حية، فما الذي يجعلها تنبض بالحياة، وما هو الفرق بين الحي والميت إذن ؟ هل هناك شيء سري في المكونات يحول الميت إلى حي ؟
النقاط الأساسية التي يجب أن تتحقق عند الكائن الحي ليمكن إطلاق صفة الحي عليه هي: أن يتمكن من الاهتمام بنفسه، وأن يتمكن من الانقسام والتطور والنمو. وقبل ذلك امتلاكه الحد الأدنى من الجينات اللازمة لنشوء لخلية الحية والذي هو 151 جين. البكتريا المسماة Carsonella ruddii تملك أقل عدد من التراتيب الأساسية للجينات، إذ يصل عددها إلى نحو 160 ألف ترتيب موزعة على 182 جين. هذا يعني أنها الأقرب إلى العدد الذي يعتبر الحد الأدنى، في حين أن الإنسان يمتلك أكثر من ثلاثة مليارات ترتيب أساسي موزعة على أكثر من 20000 جين.
ويجزم العلم أيضاً أن الخلية الأولى نشأت في الماء، وتحديدا في البحيرات الشاطئية والمستنقعات، والسبب أن المياه كانت تؤمن ثباتا في درجات الحرارة أكثر مما تؤمنه اليابسة، فضلا على تأمين حماية أكثر من إشعاعات الشمس القاتلة، ولكن هذه الخلايا البدائية الأولى كانت قد عانت من أزمة خطيرة هددتها بالفناء، وهي أزمة الغذاء، فقد كانت هذه الخلايا تستمد غذاءها مما هو متوفر في محيطها من الجزيئات الكبيرة المشكَّلة بطريقة لاعضوية، وبسبب نَهَم هذه الخلايا بدأت بالصراع التكيفي الأول، وقد عثرت على الحل بامتصاص الضوء الشمسي وتحويله إلى طاقة، أي أنها بدأت تحضر غذاءها بنفسها وفق مبدأ الاكتفاء الذاتي، مكتفية بما يرد إليها من ضوء الشمس, أما الخلايا التي لم تكن تمتلك خاصية امتصاص الضوء فقد وجدت نفسها في صراع مصيري من أجل البقاء، فبدأ بعضها الذي لم يمت بالتهام بعض الخلايا الأخرى الممتصة للضوء، ليحدث تكامل بين الخليتين، ولعل هذا مثّل أول انفصال بيولوجي كبير بين مملكتي النبات والحيوان، فإذا كانت النباتات قد اعتمدت الكلوروفيل للقيام بالتمثيل الضوئي، فإن الحيوانات قد لجأت إلى تقنية التنفس باستخدام الهيموغلوبين.
وبعد تلك المرحلة التكيفية تعرض الوجود البيولوجي لخطر جديد محدق هدد وجوده كليا، تمثل بتغير الوسط الناتج عن زيادة نسبة الأوكسجين في الجو نتيجة عمليات التركيب الضوئي التي قامت به الخلايا النباتية المخضرّة، فخلال 300 مليون سنة ارتفعت نسبة الأوكسجين في الهواء من 1% إلى 15 %. وهذا الأوكسجين كان غازا ساما للعديد من الكائنات مما أدى إلى موتها، تاركة المجال لسادة الأرض الجدد.
وقد كان رد الخلايا الحية على هذا التحدي الأوكسجيني الجديد بظهور طراز جديد من الخلايا، كان الطراز هذه المرة هو البكتريات التي تمكنت من حماية نفسها من هذا الغاز الجديد، وعبر الصراع التكيفي وانهيار الخلايا غير المتكيفة استطاعت الخلايا المتكيفة من أن تستغل النشاط الكيميائي الكبير للأوكسجين بما يخدم مصالحها. عند تاريخ التأقلم مع الأكسجين تكاثرت في البحار أعداد كبيرة من وحيدات الخلايا المتخصصة. غير أن الأشعة الكونية أدت إلى حصول تشوهات صبغية طفيفة وقليلة في جزيئة ال DNA، وبذلك تغير محتوى الرسالة الواجب على هذه الجزيئات نقلها بمقادير قليلة ولكنها عشوائية, وهكذا نشأت الطفرات التي ومن خلال لعبة متبادلة مع المحيط قامت بعملية التطور البيولوجي.
بعد ذلك حصلت عملية الانتقال من مرحلة وحيدات الخلية إلى مرحلة متعددة الخلايا، التي تعتبر عملية حاسمة في تاريخ الحياة البيولوجية على الأرض، حيث أدى تعدد الخلايا إلى إتباع تقنيتي التخصص وتقسيم العمل بين الخلايا التي يتألف منها الكائن المركب، وزيادة التخصص تعني زيادة في التعقيد والارتقاء. وبعد هذه المرحلة يبدو أن التنوع قد بدأ يظهر مع ظهور الخلايا الجنسية المختصة والانتقال من مرحلة التكاثر اللاجنسي إلى مرحلة التكاثر الجنسي. التكيف الآخر الهام الذي ساهم في دفع عملية التطور هو ظهور الخلايا المتحركة, فقد كان الكثير من وحيدات الخلية النباتية ذات طابع حركي، وهذا بدوره فرض على الخلايا المفترسة أن تكون متحركة لتأمين غذائها، وإلا انقرضت.
في هذا الفصل من قصة الحياة، كانت الخلايا الحية تحيا بسلام في البحيرات والمحيطات، ولكن من المستحيل عليها أن تبقى هناك للأبد، فهي مرغمة على التطور والتكيف مع كل مرحلة من التكاثر، وبسبب حاجتها للغذاء أو نتيجة تسممها من الفضلات التي تطرحها في بيئتها، فبعد هذه المرحلة ستنشأ أولى العضويات البحرية من ديدان وأسفنجيات، ومع تسارع عمليات التطور وبعد ملايين السنين ستظهر ولأول مرة الأسماك.
المرحلة التالية من مراحل التطور البيولوجي العظمى تمثلت بانتقال بعض الكائنات الحية من الماء إلى اليابسة, وكان الدافع وراء ذلك التكاثر السريع للأحياء المائية وشدة المنافسة على الغذاء، ولتحقيق هذا الهدف طورت الكائنات البدائية حويصلات هوائية تملؤها بالغازات الخفيفة وفي مقدمتها الأوكسجين تستطيع نفخها وتنفيسها كيفما تشاء. فبدأت أولى الأسماك التي كانت تسكن إحدى البحيرات الشاطئية تُخرج عينيها من وقت لآخر لتفتش عن كائنات صغيرة هائمة على سطح الماء، وعلى مر الأجيال غامرت سلالات من هذا النوع بالبقاء فترة أطول على الشاطئ، وكان عليها أن تسكب الدموع لتبقي عينيها رطبة حتى تتمكن من الرؤية بنفس الوضوح الذي ترى فيه في الماء، ومع مرور الزمن تصلبت الزعانف لتصبح أطراف، وفي النهاية نشأ ما يعرف بالبرمائيات، هذه السمكة التي يجب أن نكون ممتنين لها كانت تدعى إكيتو ستيغا.
صعود بعض الكائنات الحية من بيئتها المائية المستقرة مناخيا إلى بيئة اليابسة المضطربة والقاسية والمتذبذبة في مناخاتها، كانت التجربة الأخطر، فالكائن الحي الذي ينتقل من الماء لليابسة سيشعر أولا بعبء وزنه الذاتي، وسيتعرض لخطر الجفاف والعطش، حيث على اليابسة يجري تبدل حراري متواصل يحدث وفق إيقاع منتظم بين الليل والنهار، وينتقل من الحار جدا إلى البارد جدا، ومع تتابع دوري للفصول لا يتوقف، وحتى نهاية عصر العظائيات أرغمت الأرضُ بسبب دورانها جميع الكائنات على هذا الإيقاع المنتظم، في الليل ونتيجة لانخفاض درجة الحرارة فإن سرعة التفاعلات الكيميائية ستتناقص, وفي النهار يجري العكس، أي أن هذه الكائنات اخترعت عادة النوم ليلا، ثم استمرت الأمور على هذا النسق فوق اليابسة لملايين السنين. وهذا ما يفسر أن الكائنات البحرية لا تنام عادة، لعدم وجود التفاوت الكبير في بيئتها المناخية، خلافا للكائنات الحية على اليابسة، وهذا يعني أننا ورثنا عادة النوم ليلا من أجدادنا الصاعدون إلى اليابسة.
إن هذا الذي نسميه اليوم احتلال اليابسة كان سيبدو آنذاك لمراقِب افتراضي ضربٌ من الجنون، وممارسة لا عقلانية، كما ستبدو لنا اليوم رغبة البعض بزيارة المريخ والإقامة هناك، لأنه يعني التخلي عن الراحة والأمان الذي كانت توفره البحار من أجل الإقامة في بيئة جديدة معادية لا يتوفر فيها الغذاء، فضلا عن ظروفها القاسية والمختلفة كليا.
وقد مثّل التحدي الجديد لسكان اليابسة الجدد قدرتهم على المحافظة على حرارة ذاتية ثابتة للجسم, ومع أن هذا الوضع يكلف المزيد من الطاقة، ولكن الأوكسجين المتوفر بغزارة كان يؤمن الطاقة بشكل كاف, وهكذا بات بالإمكان التحرر من نير الخضوع للتقلبات الحرارية، وبالتالي تحققت قفزة أخرى من قفزات التطور الكبرى بأن نشأت كائنات الدم الحار، التي لديها القدرة على الحفاظ على حرارتها الداخلية، على هذا الأساس وقفت الحياة منفصلة عن الخضوع التام للمحيط, ومن هنا نشأت الحواس الموجودة حتى عند أبسط الكائنات الحية، لكي تقيم نوعاً من الاتصال المقنن اللازم مع المحيط .
وفي موازاة ذلك، اتخذت النباتات وسائل للعيش أكثر اقتصادية، فبفضل ثباتها لم تكن مضطرة لصرف طاقة كبيرة، ولأنها غير متحركة لم تكن لتحتاج وظائف تنسيق معقدة في الدفاع والهروب أو الافتراس، ومع ذلك طورت لنفسها وسائل دفاعية ذاتية تحميها من الأعداء. بينما طورت الحيوانات ما لا يحصى من الحيل الدفاعية والهجومية كالمخالب والأنياب والأجنحة والمنقار والزعانف والأطراف والقواقع ...
وكانت عمليات التطور المدفوعة بالتنافس وصراع البقاء تسير وفق آليات الحاجة والاستخدام والإهمال والتكيف والبقاء للأصلح والانتخاب الطبيعي، إلى جانب الطفرات الوراثية. وكان التطور وما زال يجرب آلاف الحلول في كل مرة، فينجح في بعضها ويفشل في بعضها الآخر. ومن المؤكد أن الجد المشترك لكافة الكائنات الحية هو الذي نجا بنفسه من كل ما أحاط به من أخطار، واستطاع التكيف للبقاء ومن ثم التكاثر والتنوع حتى وصل إلى ما نراه اليوم، ولا شك أن هذه العملية المعقدة قد جرت ببطء شديد، واحتاجت مليارات السنين، وشهدت أزمات خطيرة وواجهت طرقا مسدودة، إلا أنها نجحت أخيرا لتؤسس لعصر الانفجار الكامبري الذي بعده تفجرت أشكال لا حصر لها ولا عدّ من الكائنات الحية التي واصلت رحلة صيرورتها وتطورها حتى وصلت للإنسان الذكي.
فلو عدنا بالزمن 4.7 مليار عام، وهو العمر الذي يقترحه العلماء لكوكب الأرض، لوجدنا كوكبا ملتهبا تُقدر حرارته بمئات الدرجات المئوية، ويدور حول نفسه مرة كل ثماني ساعات، والقمر على مسافة قريبة جدا منه، بحيث كان تأثيره بالغا على توجيه ميل محور الأرض وجعله غير مستقر، الأمر الذي أخّر حصول التغييرات المناخية اللازمة لنشوء الحياة، حيث أن زاوية ميل محور الأرض ضرورية لتكوّن الدوائر القطبية، وتوزيع كمية الحرارة الشمسية على سطح الأرض، مما يجعله أحد العناصر الأساسية لاستقرار مناخ الأرض وتتابع الفصول الأربعة. وكانت الأرض في ذلك الزمن السحيق بلا غلاف جوي يحميها من إشعاعات الشمس القاتلة، وقشرتها غير مستقرة، تتفجر فيها البراكين على نحو مجنون، وتضربها الزلازل والصواعق والبروق، ولا يوجد بها ماء ولا أوكسجين، وتتعرض لقصف نيزكي شديد البطش .. بجملة واحدة كانت غير صالحة للحياة.
بدأ القمر يتباعد، ومحور الأرض يميل نحو الزاوية المطلوبة، وسرعتها حول مدارها تتباطأ، وقشرتها تهدأ شيئاً فشيئا، وتواصل تبريد ذاتها، والغلاف الجوي الأرضي أخذ بالتشكل بفعل الأبخرة المتصاعدة من البراكين، تلك الأبخرة كانت مكونة بشكل أساسي من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان والأمونيا, وبسبب تلك العناصر ومع تساقط بخار الماء تكونت مجموعة غيمية هائلة كوّنت البحار الأولى. ( هناك نظرية ثانية تقول أن الماء الأرضي أتى من الفضاء الخارجي محمولا على صهوة النيازك والمذنبات ). ولعدم وجود الأوكسجين في تلك الفترة – المكون الأساسي لطبقة الأوزون - كانت الأشعة فوق البنفسجية تخترق الجو الأرضي بشكل مستمر وتؤدي بطاقتها القوية إلى تفكيك المياه نفسها إلى موادها الأولية من الأوكسجين والهيدروجين، أما الهيدروجين فقد تصاعد أغلبه خارج نطاق الجاذبية الأرضية التي لم تستطع أن تبقيه في مجالها لخفته، وبقي الأوكسجين في الغلاف الجوي الأرضي الأولى.
هذه العملية المعقدة والتي صيغت بفقرة واحدة احتاجت في حقيقة الأمر ملياري سنة بالتمام والكمال، وهي الفترة التي شهدتها الأرض دون أن يكون عليها أي شكل من أشكال الحياة، في تلك اللحظة التاريخية من عمر الأرض بدأت مغامرة الحياة أولى حلقاتها، فقد بدأت عملية الانتقال من التطور الكيميائي إلى التطور البيولوجي. أي عندما نشأت أول خلية حية، سمحت أن تتناسل منها كافة أشكال الحياة. ولكن من أين جاءت هذه الخلية ؟!
هذا السؤال تصدى له العالم الروسي أوبريان ألكسندر في بداية العشرينات من القرن الماضي، حين وضع نظريته بإمكانية نشوء مُركّبات عضوية بسيطة من مواد لا عضوية، أي بوجود غازات الجو وبتأثير البرق وأشعة الشمس الفوق بنفسجية. وهي ما تعرف بنظرية التخلق اللاحيوي، التي تفترض أن منشأ المادة الحية لأول مرة كان نتيجة تفاعل بعض المواد غير الحية، حدث هذا عند ظروف خاصة جداً. وفي العام 1953 تمكن العالمين ستنلي ميلر وهارولد أورلي من جامعة شيكاغو من تجربة صحة هذه النظرية لأول مرة، بخلق ظروف مشابهة لظروف الأرض في مراحلها الأولى، وذلك بتصميم نظام مغلق مصنوع من الزجاج يتكون من حاوية مرتبطة بأنابيب يحتوي هواءها على الميثان والأمونياك والهيدروجين الذي كان يسبح فوق ماء مغلي، والذي يفترض أن يشابه نبع ماء حار فوق بركان بحري. ومع خلق شرارة كهربائية - تشبه بفعلها الصواعق - ناتجة عن شريط كهربائي ذو توتر عالي كان هذا كافيا لتحول لون الماء إلى الأصفر. وبعد أيام لاحظا تكون ثلاثة أحماض أمينية وهي ثلاثة من أصل عشرين حامض أميني تتكون منها جميع أنواع البروتينات الحيوية لأي كائن حي، وهي اللبنات الأساسية للحياة. وهذا يعني أن موجات الإشعاعات الشمسية والبرق أعطت الطاقة للمواد غير الحية التي كانت تملأ الأرض وأجبرتها على الدخول في تفاعلات كيماوية، أنتجت مواد عضوية، ومن ثم سلاسل الأحماض الأمينية لتخرج من رحمها الحياة. أي وباختصار شديد، وُلدت الحياة من الکيمياء البدائية بعد أن أنتجت الأحماض الأمينية، والأحماض الأمينية جاءت بالأحماض النووية، والأحماض النووية ولدت الشفرة الوراثية والتي هي أساس الحياة.
وإذا كان يبدو لنا اليوم بأن موقع الأرض بالنسبة للشمس والمسافة المناسبة بينهما هما السبب لوجود الحياة على الأرض، فإن ذلك وإن كان صحيحا، إلا أنه ليس بسبب مصادفة سعيدة، بل بسبب أن أولى الخلايا الحية تكيفت مع هذا المستوى من الحرارة ليس باعتباره الأفضل، بل باعتباره الأكثر ملائمة لبقائها وتكاثرها. فعند هذا المقدار من الحرارة وتحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية والبرق الشديد تتكسر الجزئيات الغازية المنتشرة حول الكوكب وتتحلل وتسقط على شكل عناصر أكثر تعقيدا، وهي أولى المركبات العضوية، ومع هذا المطر المتواصل من الجزئيات العضوية والذي دام نصف مليار عام، رويت الأرض وتكونت طلائع الأحماض الأمينية (النمليك والسيانيد) اللذان اتحدا معا وكونا اثنين من القواعد النيتروجينية الأربعة، التي ستشكل فيما بعد الحامض النووي DNA.
اليوم يجزم العلم بأن جميع الكائنات الحية، من البكتيريا إلى الرئيسيات العليا وصولاً للإنسان مبنية على مبدأ واحد وتعمل وفق نفس الميكانيزم: خلايا تحتوي على الـ DNA، الذي يلعب دور الشيفرة التي تسيطر على نشوء آلاف البروتينات المتنوعة التي بدورها تقوم ببناء خلايا جديدة متخصصة، والتحكم بالطاقة، والسيطرة على عمل الـ DNA نفسه. والاختلافات الموجودة بين الأنواع تبين لنا الاختلافات البطيئة والمتراكمة التي نشأت في طريق التطور، ولكنها في الأساس تؤكد انتمائنا إلى معمل واحد.
والسؤال هنا: طالما أن جميع أشكال الحياة المعروفة تتكون من نفس المُكونات العضوية، التي بحد ذاتها وعلى حدة لا تعتبر حية، فما الذي يجعلها تنبض بالحياة، وما هو الفرق بين الحي والميت إذن ؟ هل هناك شيء سري في المكونات يحول الميت إلى حي ؟
النقاط الأساسية التي يجب أن تتحقق عند الكائن الحي ليمكن إطلاق صفة الحي عليه هي: أن يتمكن من الاهتمام بنفسه، وأن يتمكن من الانقسام والتطور والنمو. وقبل ذلك امتلاكه الحد الأدنى من الجينات اللازمة لنشوء لخلية الحية والذي هو 151 جين. البكتريا المسماة Carsonella ruddii تملك أقل عدد من التراتيب الأساسية للجينات، إذ يصل عددها إلى نحو 160 ألف ترتيب موزعة على 182 جين. هذا يعني أنها الأقرب إلى العدد الذي يعتبر الحد الأدنى، في حين أن الإنسان يمتلك أكثر من ثلاثة مليارات ترتيب أساسي موزعة على أكثر من 20000 جين.
ويجزم العلم أيضاً أن الخلية الأولى نشأت في الماء، وتحديدا في البحيرات الشاطئية والمستنقعات، والسبب أن المياه كانت تؤمن ثباتا في درجات الحرارة أكثر مما تؤمنه اليابسة، فضلا على تأمين حماية أكثر من إشعاعات الشمس القاتلة، ولكن هذه الخلايا البدائية الأولى كانت قد عانت من أزمة خطيرة هددتها بالفناء، وهي أزمة الغذاء، فقد كانت هذه الخلايا تستمد غذاءها مما هو متوفر في محيطها من الجزيئات الكبيرة المشكَّلة بطريقة لاعضوية، وبسبب نَهَم هذه الخلايا بدأت بالصراع التكيفي الأول، وقد عثرت على الحل بامتصاص الضوء الشمسي وتحويله إلى طاقة، أي أنها بدأت تحضر غذاءها بنفسها وفق مبدأ الاكتفاء الذاتي، مكتفية بما يرد إليها من ضوء الشمس, أما الخلايا التي لم تكن تمتلك خاصية امتصاص الضوء فقد وجدت نفسها في صراع مصيري من أجل البقاء، فبدأ بعضها الذي لم يمت بالتهام بعض الخلايا الأخرى الممتصة للضوء، ليحدث تكامل بين الخليتين، ولعل هذا مثّل أول انفصال بيولوجي كبير بين مملكتي النبات والحيوان، فإذا كانت النباتات قد اعتمدت الكلوروفيل للقيام بالتمثيل الضوئي، فإن الحيوانات قد لجأت إلى تقنية التنفس باستخدام الهيموغلوبين.
وبعد تلك المرحلة التكيفية تعرض الوجود البيولوجي لخطر جديد محدق هدد وجوده كليا، تمثل بتغير الوسط الناتج عن زيادة نسبة الأوكسجين في الجو نتيجة عمليات التركيب الضوئي التي قامت به الخلايا النباتية المخضرّة، فخلال 300 مليون سنة ارتفعت نسبة الأوكسجين في الهواء من 1% إلى 15 %. وهذا الأوكسجين كان غازا ساما للعديد من الكائنات مما أدى إلى موتها، تاركة المجال لسادة الأرض الجدد.
وقد كان رد الخلايا الحية على هذا التحدي الأوكسجيني الجديد بظهور طراز جديد من الخلايا، كان الطراز هذه المرة هو البكتريات التي تمكنت من حماية نفسها من هذا الغاز الجديد، وعبر الصراع التكيفي وانهيار الخلايا غير المتكيفة استطاعت الخلايا المتكيفة من أن تستغل النشاط الكيميائي الكبير للأوكسجين بما يخدم مصالحها. عند تاريخ التأقلم مع الأكسجين تكاثرت في البحار أعداد كبيرة من وحيدات الخلايا المتخصصة. غير أن الأشعة الكونية أدت إلى حصول تشوهات صبغية طفيفة وقليلة في جزيئة ال DNA، وبذلك تغير محتوى الرسالة الواجب على هذه الجزيئات نقلها بمقادير قليلة ولكنها عشوائية, وهكذا نشأت الطفرات التي ومن خلال لعبة متبادلة مع المحيط قامت بعملية التطور البيولوجي.
بعد ذلك حصلت عملية الانتقال من مرحلة وحيدات الخلية إلى مرحلة متعددة الخلايا، التي تعتبر عملية حاسمة في تاريخ الحياة البيولوجية على الأرض، حيث أدى تعدد الخلايا إلى إتباع تقنيتي التخصص وتقسيم العمل بين الخلايا التي يتألف منها الكائن المركب، وزيادة التخصص تعني زيادة في التعقيد والارتقاء. وبعد هذه المرحلة يبدو أن التنوع قد بدأ يظهر مع ظهور الخلايا الجنسية المختصة والانتقال من مرحلة التكاثر اللاجنسي إلى مرحلة التكاثر الجنسي. التكيف الآخر الهام الذي ساهم في دفع عملية التطور هو ظهور الخلايا المتحركة, فقد كان الكثير من وحيدات الخلية النباتية ذات طابع حركي، وهذا بدوره فرض على الخلايا المفترسة أن تكون متحركة لتأمين غذائها، وإلا انقرضت.
في هذا الفصل من قصة الحياة، كانت الخلايا الحية تحيا بسلام في البحيرات والمحيطات، ولكن من المستحيل عليها أن تبقى هناك للأبد، فهي مرغمة على التطور والتكيف مع كل مرحلة من التكاثر، وبسبب حاجتها للغذاء أو نتيجة تسممها من الفضلات التي تطرحها في بيئتها، فبعد هذه المرحلة ستنشأ أولى العضويات البحرية من ديدان وأسفنجيات، ومع تسارع عمليات التطور وبعد ملايين السنين ستظهر ولأول مرة الأسماك.
المرحلة التالية من مراحل التطور البيولوجي العظمى تمثلت بانتقال بعض الكائنات الحية من الماء إلى اليابسة, وكان الدافع وراء ذلك التكاثر السريع للأحياء المائية وشدة المنافسة على الغذاء، ولتحقيق هذا الهدف طورت الكائنات البدائية حويصلات هوائية تملؤها بالغازات الخفيفة وفي مقدمتها الأوكسجين تستطيع نفخها وتنفيسها كيفما تشاء. فبدأت أولى الأسماك التي كانت تسكن إحدى البحيرات الشاطئية تُخرج عينيها من وقت لآخر لتفتش عن كائنات صغيرة هائمة على سطح الماء، وعلى مر الأجيال غامرت سلالات من هذا النوع بالبقاء فترة أطول على الشاطئ، وكان عليها أن تسكب الدموع لتبقي عينيها رطبة حتى تتمكن من الرؤية بنفس الوضوح الذي ترى فيه في الماء، ومع مرور الزمن تصلبت الزعانف لتصبح أطراف، وفي النهاية نشأ ما يعرف بالبرمائيات، هذه السمكة التي يجب أن نكون ممتنين لها كانت تدعى إكيتو ستيغا.
صعود بعض الكائنات الحية من بيئتها المائية المستقرة مناخيا إلى بيئة اليابسة المضطربة والقاسية والمتذبذبة في مناخاتها، كانت التجربة الأخطر، فالكائن الحي الذي ينتقل من الماء لليابسة سيشعر أولا بعبء وزنه الذاتي، وسيتعرض لخطر الجفاف والعطش، حيث على اليابسة يجري تبدل حراري متواصل يحدث وفق إيقاع منتظم بين الليل والنهار، وينتقل من الحار جدا إلى البارد جدا، ومع تتابع دوري للفصول لا يتوقف، وحتى نهاية عصر العظائيات أرغمت الأرضُ بسبب دورانها جميع الكائنات على هذا الإيقاع المنتظم، في الليل ونتيجة لانخفاض درجة الحرارة فإن سرعة التفاعلات الكيميائية ستتناقص, وفي النهار يجري العكس، أي أن هذه الكائنات اخترعت عادة النوم ليلا، ثم استمرت الأمور على هذا النسق فوق اليابسة لملايين السنين. وهذا ما يفسر أن الكائنات البحرية لا تنام عادة، لعدم وجود التفاوت الكبير في بيئتها المناخية، خلافا للكائنات الحية على اليابسة، وهذا يعني أننا ورثنا عادة النوم ليلا من أجدادنا الصاعدون إلى اليابسة.
إن هذا الذي نسميه اليوم احتلال اليابسة كان سيبدو آنذاك لمراقِب افتراضي ضربٌ من الجنون، وممارسة لا عقلانية، كما ستبدو لنا اليوم رغبة البعض بزيارة المريخ والإقامة هناك، لأنه يعني التخلي عن الراحة والأمان الذي كانت توفره البحار من أجل الإقامة في بيئة جديدة معادية لا يتوفر فيها الغذاء، فضلا عن ظروفها القاسية والمختلفة كليا.
وقد مثّل التحدي الجديد لسكان اليابسة الجدد قدرتهم على المحافظة على حرارة ذاتية ثابتة للجسم, ومع أن هذا الوضع يكلف المزيد من الطاقة، ولكن الأوكسجين المتوفر بغزارة كان يؤمن الطاقة بشكل كاف, وهكذا بات بالإمكان التحرر من نير الخضوع للتقلبات الحرارية، وبالتالي تحققت قفزة أخرى من قفزات التطور الكبرى بأن نشأت كائنات الدم الحار، التي لديها القدرة على الحفاظ على حرارتها الداخلية، على هذا الأساس وقفت الحياة منفصلة عن الخضوع التام للمحيط, ومن هنا نشأت الحواس الموجودة حتى عند أبسط الكائنات الحية، لكي تقيم نوعاً من الاتصال المقنن اللازم مع المحيط .
وفي موازاة ذلك، اتخذت النباتات وسائل للعيش أكثر اقتصادية، فبفضل ثباتها لم تكن مضطرة لصرف طاقة كبيرة، ولأنها غير متحركة لم تكن لتحتاج وظائف تنسيق معقدة في الدفاع والهروب أو الافتراس، ومع ذلك طورت لنفسها وسائل دفاعية ذاتية تحميها من الأعداء. بينما طورت الحيوانات ما لا يحصى من الحيل الدفاعية والهجومية كالمخالب والأنياب والأجنحة والمنقار والزعانف والأطراف والقواقع ...
وكانت عمليات التطور المدفوعة بالتنافس وصراع البقاء تسير وفق آليات الحاجة والاستخدام والإهمال والتكيف والبقاء للأصلح والانتخاب الطبيعي، إلى جانب الطفرات الوراثية. وكان التطور وما زال يجرب آلاف الحلول في كل مرة، فينجح في بعضها ويفشل في بعضها الآخر. ومن المؤكد أن الجد المشترك لكافة الكائنات الحية هو الذي نجا بنفسه من كل ما أحاط به من أخطار، واستطاع التكيف للبقاء ومن ثم التكاثر والتنوع حتى وصل إلى ما نراه اليوم، ولا شك أن هذه العملية المعقدة قد جرت ببطء شديد، واحتاجت مليارات السنين، وشهدت أزمات خطيرة وواجهت طرقا مسدودة، إلا أنها نجحت أخيرا لتؤسس لعصر الانفجار الكامبري الذي بعده تفجرت أشكال لا حصر لها ولا عدّ من الكائنات الحية التي واصلت رحلة صيرورتها وتطورها حتى وصلت للإنسان الذكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق