أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 21، 2010

في الطريق إلى هناك

 يا لحن أغنيتي ..
هناك في الأفق البعيد .. حين كان الوقت يمط ذراعيه في كسل، والماء يسري بطيئا في عروق اللوز، كانت الأرض قفرا والسماء شحيحة النجوم، وكان الأحمر القاني ينزف من شبابيك المدينة، وقبضة البرد تدنو من الأسوار، كنت أحلم وأدوّن في وصيتي أن اكتبوا حلمي على رخام القبر، كنت أضعف من نورسٍ أصابه دوار البحر فَضَلَّ الطريق، وليّنـاً كبرتقالة، وخفيفا كخيط دخان، تعبت من طول المسير، وبكيت كقائد جيشٍ تقهْقَرْ، فأردت موتا هادئا لأعوّض حياة ًكلها انتظار، ولكن قبل الوصول بساعة هناك قرب السياج، وقبل أن يخرُّ الليلُ مغشيّاً عليه، صرت أغيّر قلبي كلما غيرت دربي، وأقطف من حدائق الغيب أشهى الثمار، فيراني السيارة دون أن يلقوا عليَّ السلام، فصحْتُ ملء القلب والمدى: تعال أيها الغيم وأرجع بنا إلى سنواتنا الأولى، وخذ أحلى بناتنا، وأزكى طعامنا وأكثر الأحلام ترددا، واحملنا مع الريح وسر بنا بعيدا، إلى مدن مرصوفة بمقاعد العشاق، أعشابها خضراء يانعة لم تنل منها سنابك الخيل ولم تهزمها سيوف الفاتحين.


في الطريق إلى هناك، كنتُ أنا المسافر والسفر، فكنتِ أنتِ البيت والملجأ، كنتُ لهفة العائد، فكنتِ أنتِ الوطن، التقينا هناك على موعد رتبه القدر، على ضفاف حلمٍ ليلكي، رأيتكِ فقبِلْتُ دعوتَكِ المسائية دون تردد، فرشتُ لكِ الأرضَ ألحاناً لتكوني أغنيتي وتسكنيها، وسكبتكِ من عيني بحراً لسفن العائدين، كنتِ أرق من حبيبات الندى، وأعذب من ماء الغدير، كان قلبكِ بيدرا من وعود، وعيناكِ غابة بيلسان، تهمسين فأرى اهتزاز الصدى يرتد حنينا ليرسو في خليج الروح، تضحكين فتضحك أشجار الأرز وحقول الأقحوان.

أنتِ منذ الآن أمنيتي، ألقيها فتأتيني، أنتِ مليكتي ومملكتي، أحميها من الريح وتحميني، أنتِ قصيدتي ومقصدي، أنتِ التي انتظرتكِ ألف عام لأعيش معها ليلة واحدة، أحسبها كألف سنة مما يعدون، الآن وبعد أن صرنا معا، يمكن للأرض أن تميد بعشبها، وللفراشات أن تنطلق دون أن أرسم لها خريطة العودة، ولأسراب السنونو أن تقلع وللغمام أن يفي بوعده ويهطل، الآن تبدل كل شيء، فأنت الآن حبيبتي، ولنا بيت وموقد، نشعله من دفء القلب ونطفئه بدموع الفرح، ولنا أملٌ نكبّرِهُ، وحكاية نقصّها على صغارنا ليناموا قبل أن يبدأ القمر احتفاله، ولنا غـدٌ ننتظره وينتظرنا على أحر من الحب.

.

هناك تعليقان (2):

  1. أكثر من رائعة
    دمت مبدعًا

    ردحذف
  2. محمود سلامه21 يونيو 2010 في 7:04 م

    كما انت دوما ... مبدع ومتألق

    ردحذف