أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

هل هنالك صحوة إسلامية ؟



تعلل الحركات الإسلاموية كل نصر تحققه في أية انتخابات تجري في العالم العربي بما تسميه " الصحوة الإسلامية " ، والصحوة الإسلامية كما يفهمها الإنسان البسيط أو المثقف تعني أن الجماهير الإسلامية بدأت تصحو من سباتها العميق وأخذت تغير من سلوكها ومفاهيمها وتنهج نهجا إسلاميا صحيحا وأنها قد وضعت نفسها على بداية سكة الخلاص وأنها تسير في الإتجاه السليم الذي يراكم بناءه وإنجازاته وصولا للتغيير الجذري المنشود، وأن هنالك العديد من المؤشرات والدلائل على وجود هذه الصحوة، ولكن هل هنالك فعلا صحوة إسلامية ؟ وما هي مؤشراتها ؟
لو استعرضنا أية خطبة سياسية لأي مسؤول في الأمة صغير كان أم كبير ولسبع قرون خلت، فسنجد بعض العبارات التي تتكرر كلازمة لا بد منها من قبيل " في هذه الظروف الصعبة والدقيقة من حياة أمتنا " ، " في هذا الوضع الحرج والمعقد " ، " تتكالب علينا الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها " ... الخ
وهي عبارات صحيحة بلا ريب وتعبر وللأسف عن حال الأمة طوال القرون الماضية من حيث الذل والهوان والضعف والتخلف وهي حقيقة لا يتناطح فيها عنزان وواضحة كما الشمس في رابعة الظهيرة.
والأمة العربية فقدت مبادرتها التاريخية وخرجت من دائرة التأثير إبان الحكم التركي لتدخل مباشرة في التيه وفي النفق المظلم وقد بدأ التحول الدرامي في منحنى هبوط الحضارة العربية / الإسلامية بتوجيه ضربة قاصمة للفلاسفة والمعتزلة في نهاية العصر العباسي، فبدأت الأمة تدخل مرحلة التفكك والدويلات والصراع على السلطة وفساد مؤسسات الحكم ومن ثم احتلال المماليك والأتراك للمنطقة وحكمها بمنطق العسكر والبطش، فتعطل الاجتهاد وألغي دور العقـل والمنطق وتغلب التقليد على التجديد والنقل على العقل، وحورب التطور والإبداع واستبدت مدارس الفقه النصوصية والجمود الفكري، ومنذ ذلك التاريخ ما زالت الأمة تعيش في مرحلة شبه العبودية وما قبل الرأسمالية !
واليوم ونحن في بدايات الألفية الثالثة ما زلنا مغيبين مهمشين ومتفرجين سلبيين هم يصنعون ونحن نستهلك، هم يبتكرون ونحن نقلد، هم يخترعون ونحن عاجزون حتى عن المتابعة والفهم، نعاني من انقطاع حضاري عن العالم، وقد أخذنا من الغرب أسوأ ما فيه وتركنا كل ما هو جيد ومفيد وشوهنا روح حضارتنا وحرفناها بأيدينا وتركنا عقولنا تتوقف عند الإنتاج الثقافي للقرن الثالث الهجري، وصرنا كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
وبالعودة لما يسمى بالصحوة الإسلامية ومقاربتها مع أرض الواقع سنجد أن تخلف الأمة قد ازداد والهوة التي تفصلها عن العالم المتحضر قد اتسعت ومشاكل الناس وتعقيدات الحياة لا ترى بصيص أمل، فضلا عن الإحباطات والجوع والتعصب والعشوائيات والفوضى والتخلف والبطالة والأزمات المتلاحقة والهزائم المتتالية والخوف من المستقبل ... ولا نرى أي تغيير حقيقي وملموس في سلوكيات الناس وطرائق تفكيرهم وتخلصهم من أدران الماضي أو اهتدائهم سواء السبيل وبداية إمساكهم بزمام المبادرة ووضع أرجلهم على أول الطريق.
إلا إذا كان المقصود بالصحوة الإسلامية هي فوز الحركات الإسلاموية بالإنتخابات التي تجري هنا وهناك، أو توبة بعض الفنانات واعتزالهن العمل، أو زيادة أعداد المحجبات وأعداد رواد المساجد ومريدي المشايخ والوعاظ أو السيارات المفخخة والتفجيرات العشوائية والقتل المجاني للأبرياء تحت اسم الدين والجهاد وزيادة أعداد المنتحرين أو الذين ينتظرون دورهم .
وهل الصحوة الإسلامية هي مظاهرات الاستنكار لرسومات كاريكاتورية – هي فعلا مسيئة – ؟ أم هي موجة الغضب الجامح ضد كتاب لم يقرأه أحد ؟ أم هي تجنيد كل الطاقات لمواجهة رسوم البوكيمون ؟ أم هي تطليق مفكر إسلامي من زوجته عقابا له على أفكاره النيرة ؟ أم هي تفجير الأماكن السياحية في كل أنحاء العالم ؟ أم هي الإصطفاف الطائفي البغيض في لبنان والعراق وغيرهما ؟ أم هي جماعات التكفير والهجرة والخوارج الجدد ؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق