أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

المتشائلون من أنابوليس


رؤية الأمور بلونين فقط إما أبيض وإما أسود وعدم الاعتراف بأية مساحة بينهما، تعتبر من أنماط التفكير السلبية التي أبتلي بها العقل السياسي العربي، فهنا إما تفاؤل مفرط وإما تشاؤم محبط، إما أن يفجر المرء نفسه أمام عدوه وإما أن يرضخ له !! بهذه العقلية الحدية ينطلق الكثيرون في الحكم على مؤتمر أنا بوليس وعلى غيره من المؤتمرات والأحداث.

البعض ينطلق من باب الحرص والتخوف من النتائج السلبية، والبعض ينطلق من أحكام سياسية مسبقة، وفي الحالتين تم الحكم على جميع المؤتمرات والاتفاقات على مدى القرن الماضي وبنفس الألفاظ والتوصيفات، فبالنسبة لهؤلاء فقد تم بيع القضية عشرات المرات أي بعدد المؤتمرات التي عُقدت في المائة سنة المنصرمة، وتم تصفيتها بعدد الاتفاقات المبرمة والفاشلة، وتم القضاء على حلم الشعب مع كل مبادرة سياسية أي كان منطلقها !! فأين هو هذا العدو الذي يدفع ثمن بضاعته في كل مرة ؟ وطالما أنه بهذا الغباء فكيف انتصر علينا في معظم حروبه العسكرية والإعلامية ؟؟
اتفاقية أوسلو تم وصفها بأقذع الأوصاف وقيل عنها ما لم يقله مالك في الخمر ،، فهي أنهت الكفاح المسلح واعترفت بشرعية الاحتلال وأجهزت على القضية وكبلت الشعب وحرمته من مواصلة النضال ... وفي كامب ديفيد تبين العكس ، فعندما أزفت ساعة الحقيقة حين أرادت إسرائيل توقيع معاهدة نهائية مع السلطة الوطنية اصطدمت بصخرة الثوابت الوطنية فلم يتم التنازل عن أي منها .. ولم تمنع أوسلو الشعب من إطلاق انتفاضته الثانية، بل وفي ظلها مارست الفصائل الكفاح المسلح كما لم تمارسه من قبل ..
وفي هذا السياق نقول للأخوة الذين يعدون لمؤتمر دمشق، الذين يتباكون على المقاومة ولا يمارسونها فعلياً، هؤلاء الرافضون لكل شيء طالما أنه لم يأتي من خلالهم، وإلى أولئك المتشائمون المتوجسون من اختراق المستقبل والمتخوفون من المجهول، الذين لا مانع لديهم أن يبقى الوضع على ما هو عليه قرناً آخر، نقول لهم أن الوضع الراهن لا يمكن أن يعطينا كل شيء دفعة واحدة، وأن الشعار وُجد لخدمة الشعب لا العكس، وأن الانتماء الوطني لا يخضع للنصوص ولا يسقط بالتقادم، وأن حق المقاومة لا تبطله المعاهدات ولا تلغيه الدبابات، والذاكرة الوطنية تتناقلها الأجيال والأرض تورث كاللغة، وهي باقيةٌ ما دام الشعب باقٍ.
وإلى أولئك المتفائلون أكثر من اللازم، والذين ينتظرون الفرج على طبق من فضة، أو الذين يراهنون على أخلاق العالم، لا تتوقعوا الكثير من هذا المؤتمر .. فصراع طويل كالصراع العربي الصهيوني لا تنهيه حرب واحدة ولا مؤتمر واحد والمشوار طويل وشائك.
مؤتمر أنابوليس على الأبواب وهو فرصة مهمة ينبغي استثمارها، فقد لا ينجح المؤتمر في تحقيق اختراق تاريخي ولكنه من المؤكد سيطلق المفاوضات من جديد، فبدلا من التباكي عليه أو إطلاق الأحكام المختلفة عليه بغية تبرئة الذات والتحلل من المسؤوليات وتحميلها للآخرين، فلنعمل معا على ترسيخ وحدتنا الوطنية وترتيب بيتنا الداخلي وإصلاح الخطيئة التي حدثت في غزة ثم الدعوة لمؤتمر قمة عربي يتبنى موقفا سياسيا حازما وموحدا لتقوية المفاوض الفلسطيني ليذهب إلى ماريلاند وفي جعبته الكثير من عناصر القوة.
في هذه الحالة للمؤتمر فرصة كبيرة للنجاح وتحقيق حد أدنى من المطالب الفلسطينية، أما في حالة فشله فليس لنا ما نخسره وليس أمامنا إلا مواصلة الكفاح بعبقرية الشعب الذي كان يجترحها دوما في المحن.
أما ذهنية المؤامرة وعقلية اللونين فقط فإنها ستبقي أولئك الواعظون في أماكنهم لا يبرحونها يتغنون بالشعارات ويجترون الماضي ويواصلون إطلاق أحكامهم، في حين يواصل العدو تقدمه ويقطع أشواطا ويبني وقائع على الأرض كان من الممكن تجنبها بكثير من العمل وقليل من الضجيج !!

تشرين ثاني – 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق