أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

القتل على خلفية الشرف


الفهم الحقيقي لمعنى الشرف وفضح التشويهات التي لحقت به سيقودنا للحديث عن ظاهرة خطيرة لطالما عانى المجتمع منها ، وبشكل خاص " المرأة " التي كانت تدفع الثمن غاليا من دمها وجروحها التي لا تندمل ، ألا وهي ظاهرة القتل على خلفية شرف العائلة .
ومن الجدير بالذكر أن قتل المرأة بدم بارد ليس بالظاهرة الجديدة في حياة البشرية ، فقد كانت الشعوب البدائية تقدم أجمل الفتيات قربانا للنهر حتى لا يفيض ، أو تحرق المرأة التي مات زوجها لتخدمه حتى في مماته
 ، وكان المحرك الأساسي لهذه الظواهر هو ضعف المرأة ونظرة المجتمع لها تلك النظرة الدونية ، باعتبارها هي فقط جالبة العار والكوارث والمصائب ، أما الرجل السيد فهو الشريف الطاهر صاحب الحق في الحياة والتمتع فيها دون منافسة .
وانطلاقا من تفسير الرجل لمفهوم الشرف ، كان وما زال يقدم على قتل المرأة وإنهاء حياتها إذا ما أقدمت على أي عمل يستنكره المجتمع ، وكثير من النساء المقتولات كانت تثبت براءتهن بعد التحليل الطبي وتشريح الجثة ، أي بعد فوات الأوان ، أو أنهن تعرضن للاغتصاب بالإكراه ، وطبعا ليس هذا هو الظلم الوحيد الذي لحق بالمرأة بل الظلم الكبير هو الذي لحق بالمجتمع من جراء تشوه مفهوم الشرف ، وهنا فإن المرأة تقتل أكثر من مرة وبأكثر من شكل ، تقتل حين يغرر بها ، وتقتل حين ينفذ بها أقاربها حكم الإعدام ، وتقتل إذا كان أخاها شكاكا أو كان موتورا أو كان مهووسا بالقتل ، وتقتل إذا كان أباها مشوها ومريضا ، وتقتل إذا كان عشيقها مخادعا محتالا ، وتقتل إذا كانت أمها مقموعة ومستلبة وتكرر أمراض مجتمعها في نفسيتها المضطربة ، وتقتل إذا كان ابن عمها عاجزا عن نيل رضاها وعاجزا عن ضمها إلى حظيرة ممتلكاته ، وتقتل تحت ألف ذريعة وبألف لون وبألف سكين تقتل إذا ما حاولت أن تمارس حقها الطبيعي في اختيار شريكها ، وتقتل إذا استجابت لنداء غريزتها ، وتقتل إذا كانت جاهلة وإذا كانت متعلمة ، وتقتل إذا رفضت الرضوخ لشروط العائلة الظالمة ، وتقتل إذا طالبت بحريتها ، وإذا حققت شخصيتها وإذا أخطأت وإذا أصابت ، وتقتل نتيجة لسادية الرجل ومخاوفه وظنونه ، بعض الآباء اغتصبوا بناتهم وخوفا من افتضاح سفاح القربى كانوا يقتلوهن ثم يقذفوهن بأبشع التهم _ ليغسلوا "شرف " العائلة _ !!!.
الخلل ليس في القانون فحسب لأنه نتاج ثقافة المجتمع ، فهو يتساهل مع القاتل وربما يشجعه لأن المجتمع يفعل نفس الشيء ، يعتبر القتل وهو أبشع الجرائم أهون من الزنى ، وأي شرف هذا الذي سيدافع عنه القاتل بعد أن تغطس في مستنقع عار القتل وسفك الدماء ، وأي شرف هذا الذي يبيح للرجل ممارسة الجنس ومعاشرة المومسات ويقتل المرأة لمجرد الشك والظن ، وأي شرف هذا الذي يترك الرجل الزاني حرا طليقا متغنيا بجولاته وغزواته النسائية ثم يقتل المرأة لأنها ضعيفة ، مع أن الطرفان قد أقدما على نفس الفعل ، وأي شرف لمجتمع يتباهى بسرد بطولات الرجل الجنسية ويشهر خنجره في وجه المرأة التي مارست نفسي الشيء ، وأي شرف لمجتمع يبجل القاتل ويمنحه وسام الشجاعة بالرغم من أنه كان أجبن من أن يقتل المعتدي _ شريك المرأة في الزنى _ .
وأي شرف لمجتمع يتناسى أراضيه المحتلة ومقدساته المدنسة وكرامته المهانة ومستقبله المهدور وحريته المكبلة وواقعه المتخلف وحكامه الظلمة وأعدائه الذين يذيقونه المهانة في كل لحظة ، ولا يتذكر بعد كل هذا إلا المرأة وسلوكها الجنسي .
وأي شرف لمجتمع لا يثور على الظلم ولا تهتز له قصبة أمام بطش الأعداء وجيوشه التي تحتل المدن تلو المدن ، في حين نراه يرعد ويزمجر ويستشيط غضبا وتهتز أركانه ويزلزل بنيانه أمام " المرأة " عندما تمارس نفس ما يمارس معظم الرجال في الخفاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق