أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

بدايات غير مشجعة



منذ أن تولت حماس مقاليد الحكم والسلطة في فلسطين إنهالت علينا بوابل من التصريحات الإعلامية المتضاربة، هي في الحقيقة تعبيراً عن استمرارية نهج دأبت عليه حين كانت في المعارضة، والمتتبع لهذه التصريحات ولخطاب حماس السياسي يدرك أنها ما زالت تحلق في فضاء الميتافيزيق وعالم الشعارات وترفض النزول من سماء الخطاب إلى أرض الواقع، وتريد منا أن نسكن معها في يوتوبيا الوعود وأن نعيش معاً حلما طوباويا جميلا طويل الأمد، يرتكز إلى وهم العمق العربي الرسمي وسراب الدعم الإسلامي وثورية الخطاب الذي يستنهض طاقات الشعب ويضيف إلى كاهله المزيد.
فخالد مشعل مثلاً اكتشق بعبقريته أن الحل يأتي بالممانعة والصمود ! وكأن حياة الشعب الفلسطيني في المائة سنة الأخيرة لم تكن كذلك وربما ستستمر على نفس الوتيرة لعقود قادمة وبدون أن يسمع الصابرون تصريحات مشعل هذه.
ووزير المالية صرح بأنه وجد خزينة السلطة فارغة وكأنه بهذا الاكتشاف ينتظر منا منحه جائزة على عبقريته ! وهو الذي سبق أن أعد دراسات هامة عن موازنات السلطة في الأعوام السابقة ويدرك أكثر من غيره أنها كانت فارغة منذ خمس سنوات وأن السلطة كانت تتدبر مصاريفها أولاً بأول، ووزير خارجية فلسطين يتحدث عن الفن المبتذل والأغاني الهابطة، ووزير الثقافة أعد خطة محكمة لمنع الرقص الشرقي وإيجاد آلية لمنع الاختلاط في الأماكن العامة والرقابة على الأفلام، أما أول قرار أصدره وزير الداخلية فكان السماح بإطلاق اللحى لرجال الأمن، وفي اجتماع الحكومة الأول وعندما تحيرت ماذا ستضع على جدول الأعمال وحسب الأولويات اختارت قرار تجميد قرارات تعيين الحكومة السابقة ، كذلك فعل المجلس التشريعي إذ شغل الدنيا وملأ الناس بقضية بطلان دستورية الجلسة الأخيرة للتشريعي السابق، فضلا عن محاولات حماس في الإسئثار بكافة مفاتيح الحكم في التشريعي والحكومة وتصلبها السياسي الذي أدى إلى عزوف كافة فصائل العمل الوطني عن مشاركتها الحكومة، وأخيرا رفضها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
أما عن التخبطات السياسية فحدث ولا حرج، فمثلا كان من الأولى أن يستهل وفد حماس جولته على العالم الإسلامي بالدول العربية بدلا من إيران، وأن يستثمر الباب الروسي لدخول الساحة الدولية بإطلاق مبادرة ما، وأن لا يستعجل محمود الزهار بدعوة نفسه لزيارة الصين متجاوزا البروتوكولات المعمول بها في هكذا حالات، كما أنه من غير اللائق استغفال الناس بهذه الطريقة المكشوفة والتذرع بخطأ مطبعي في رسالة الزهار إلى كوفي عنان، فإذا أرادت حماس إطلاق بالونات اختبار فلا بأس في ذلك فهي ممارسة متعارف عليها في عالم السياسة ولكنها لا تصح أن تصدر عن خطاب إيديولوجي ديني يدعي الترفع عن وحل السياسة.
أما فيما يتعلق بالرهان على إيران لجلب الدعم المالي والسياسي فقد جربت فتح ذلك من قبل، وكان المرحوم عرفات أول من زار إيران بعيد انتصار الثورة، ولكن القائد الكبير عندما طالبته إيران أن تكون فتح في المنطقة كما هو حزب الله في لبنان الآن رفض ذلك وكانت النتيجة القطيعة الكاملة، ولا أظن أن إيران ستقدم الدعم المالي لحماس بإضافة بند تاسع لأوجه صرف الزكاة.
والدول العربية التي عقدت تسعة عشر قمة متتالية لم ننل منها سوى الكلام والقرارات التي غالبا لا تنفذ ، والشعوب الإسلامية التي ثارت على سلمان رشدي وتصدت بشراسة لرسوم البوكيمون واشتعلت غضبا لرسومات كاريكاتورية، لن تفعل أكثر من بضع مظاهرات خجولة أمام تهويد القدس وضياع فلسطين وذبح شعبها بشكل منهجي.
الأولى بحماس أن تستفيد من أخطاء فتح السابقة وأن لا تسفك سنوات عديدة أخرى من حياة هذا الشعب الصابر على مذبح التجريب والشعارات التي لن تحرر له أرضا ولن توفر له أمنا.


رام الله – نيسان 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق