أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

وما أدراك ما الإستفتاء



مثلما تعاملت حماس مع العمل السياسي ببراغماتية مغلفة بشعارات راديكالية ها هي الآن تتعامل مع الديموقراطية بانتقائية عجيبة، فهي قاطعت الانتخابات التي جرت عام 96 وكذلك الانتخابات الرئاسية الأخيرة - ربما لأنها لم تكن جاهزة ولا واثقة من الفوز - وقد برّرتْ ذلك بأنها لا توافق على كل نتائج أوسلو ! والانتخابات البلدية كانت تصفها بالمزورة عندما تخسر وبأنها تمثل الشعب عندما تنجح ! أما الانتخابات الأخيرة فقد تسرعت بوصفها بالمزورة قبل ظهور النتائج ثم وصفتها بعد ظهور النتائج بأنها نزيهة وتعبر عن ضمير الشعب، وحماس أيضاً كالت للشعب المديح واعتبرته مصدر الشرعية لأنه انتخبها بينما تعتبره الآن غير مهيأ للتعبير عن رأيه لأنه جوعان ! أي أن تعبير الشعب عن رأيه من خلال الاستفتاء أصبح التفاف على الشرعية !! وكما وافقت على المشاركة في الانتخابات واعتبرتها قمة الديموقراطية للوصول للسلطة إلا أنها وبعد أن حققت مرادها بدأت التصريحات النارية تنهال علينا من طراز : البدائل خطيرة وكارثية، زرقاوي جديد، سنقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع، حكومتنا وُجدت لتبقى، إذا سقطت الحكومة ستنهار السلطة .... إلخ، وفي ظل الحكومات السابقة مارست حماس المعارضة بكل قوة واستفادت لأقصى حد من الحرية المتاحة بما في ذلك حرية ضرب المقرات الأمنية والإغتيالات السياسية ... وها هي اليوم تصف معارضة فتح بأنها مؤامرة وتحالف مع الأعداء .. !!
الاستفتاء ليس بديلا ولا متعارضا مع الانتخابات التشريعية، وهي ممارسة معروفة في كافة الدول ذات التراث الديموقراطي العريق وتلجأ لها عند المنعطفات التاريخية والقضايا المصيرية لتتيح للشعب أن يقول كلمته بحرية وبشكل مباشر مع وجود واستمرار البرلمان ودون أن يشكك أحد بمصداقيته، وعادة ما تعطي نتائج الاستفتاء القوة الدافعة والمشروعية والصدقية للقرار موضع الاستفتاء مما يعفي الحزب الحاكم من تبعات المسائلة التاريخية، ومن المعروف أن الاستفتاء يكون على قضايا وقرارات محددة أما الانتخابات فتكون لأشخاص وبرامج عامة أي أن الأسلوبين مشروعان ولا يتعارضان مع بعضهما ولا يلغي أحدهما الآخر.
ومعارضة الحكومة هو حق طبيعي يكفله الدستور والنظام طالما أنها تتم بأدوات وأساليب حضارية وسلمية ولا يجوز أن نصفها بالمؤامرة والخيانة العظمى، فمن يقبل بالديموقراطية كنظام للحكم عليه أن يقبلها كرزمة واحدة دون انتقائية ومزاجية فالديموقراطية كل لا يتجزأ، ولكن يبدو أن المنادين بالديموقراطية في حماس غير مقتنعين بها بدرجة كافية أو أنهم لا يمارسون قناعاتهم أو يمارسونها بشكل خاطئ كما أنهم مستعدون للتساهل كثيرا بمفاهيمها وحدودها حين تعني الآخرين ومتمسكين بأهدابها حين تخدمهم !
وطالما أن حماس تقول أنها في خدمة الشعب وتعبر عنه وتتشرف بتمثيله فعليها أن تسمح لهذا الشعب أن يقول كلمته وأن يعبر عن رأيه بشكل مباشر في قضية تمس وجوده ومصيره ، وعليها أن تثق فيه وأن لا تسمح لأحد بتوجيه الإهانات له بدعوى أنه جائع وسيصوت بأمعائه ؟! فليست هذه المرة الأولى التي يجوع فيها والتاريخ الفلسطيني لم يبدأ بصعود حماس ولن ينتهي بسقوط الحكومة.
ولا يحق لأي فصيل مهما عظم شأنه أن يدعي الوصاية على الشعب، فهذ الشعب العظيم الذي رفض الخنوع وقاوم الاحتلال وقدم التضحيات الجسام عندما كانت حماس وغيرها في رحم الغيب يعرف تماما ما هي ثوابته الوطنية ويعرف كبف يحافظ عليها ويحميها ويعض عليها بالنواجذ ولا خوف عليه في ذلك، أما ثوابت حماس وشعاراتها فهذا شأن آخر.
ولنتذكر أن اللغة العربية ثرية ومطواعة وبإمكان أي خطيب مفوه أن يستغلها في قلب الحقائق وتضليل الناس، فكفى تضليل وكذب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق