حسب الجهاز المركزي للإحصاء، بلغ سكان الضفة والقطاع
4.78 مليون نسمة، منهم 2.43 مليون ذكراً و2.35 مليون أنثى، أي أن الذكور يزيدون عن
الإناث بنحو 80 ألف. في الأردن، وحسب دائرة
الإحصاءات العامة، مقابل كل 100 أنثى هنالك 112.5 ذكر..
وبصورة عامة تتشابه هذه النسب مع سائر البلدان
العربية (باستثناء لبنان وجيبوتي)، بل إن بلدانا عربية تفوق فيها نسبة الذكور عن
الإناث بشكل كبير، فمثلا في الإمارات تزيد نسبة الذكور عن الإناث بما يتعدى الضعف،
تليها قطر، بمعدل رجلين لكل امرأة، ثم الكويت، فالبحرين، فعُمان، وأخيراً السعودية
بنسبة 1.18 رجل لكل امرأة.
وعلى مستوى العالم، وخلافا للمتوقع، تزيد نسبة
الذكور عن الإناث بنحو 85 مليون رجل (تقرير هيئة الأمم المتحدة حول تعداد السكان،
2014)، وهذا يعني حسب المنطق العددي، أن للنساء احتياط من الذكور يبلع 85 مليون
رجل، وبالتالي من المفترض ألا نشهد أي نسبة "عنوسة" بين النساء!!
ولكن، في الأردن مثلا بلغت نسبة غير المتزوجات 44% (جريدة الغد،
نقلا عن الإحصاءات العامة)، وحسب جمعية "العفاف"، عدد الأردنيات اللواتي
فاتهن قطار الزواج بحدود 150 ألف آنسة.
وتشير
الإحصاءات الحديثة إلى أن فلسطين سجلت أقل معدل في نسبة النساء غير المتزوجات
بحدود 8%، تليها البحرين 25%، فيما جاءت لبنان في صدارة الدول العربية بأعلى معدل،
بنسبة 85%.. فيما تراوحت النسب في اليمن والمغرب ومصر والسعودية والجزائر وتونس وسوريا
والعراق والإمارات بين 40% إلى 80%.
وأسباب ظاهرة "النساء غير المتزوجات"، أو
"تأخر سن الزواج"، كثيرة ومتداخلة، أهمها المهور العالية، وارتفاع
تكاليف الزواج، والبطالة، أو بسبب رغبة الفتيات في إكمال دراستهن، أو الرغبة في
المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، إلى جانب أسباب أخرى حسب البلد؛ مثل الحروب
وتدهور الأوضاع الأمنية والأزمات الاقتصادية، في دول الخليج بسبب منع النساء من
الزواج من غير مواطني الدولة، (في حين يحق للرجل الزواج بأجنبية).
ولا شك أن هنالك أسبابا أخرى وجيهة، لكن ما يهمنا
هنا هو تسليط الضوء على المعاناة النفسية الرهيبة لهذه الفئة الاجتماعية، التي أقل
ما يُقال عنها أنها مظلومة، ومنسية..
وللتوضيح أكثر سنضيف
إلى فئة غير المتزوجات، المطلقات والأرامل، حيث تتشارك تلك الفئات بنفس المعاناة
النفسية إلى حد كبير..
ولا
نتحدث هنا عن فئات هامشية؛ عشرات الملايين من النساء في العالم العربي فاتهن قطار
الزواج، يضاف إليهن عشرات الملايين من المطلقات والأرامل.. في العراق وحده مليون
مطلقة و 4.5 مليون أرملة!! في سورية من بين كل ست نساء هناك أرملة، فضلا عن ملايين
النسوة اللواتي ينتظرن أزواجهن على جبهات القتال.. في مصر 2.5 مليون مطلقة. وفي السعوية 188 حالة طلاق
يومياً، في تونس ما يفوق الـعشرة آلاف حالة سنوياً، وفي المجتمعات العربية تزداد
معدلات الطلاق سنويا، وبأرقام مخيفة..
هل فكّر أيٌ مسؤول
عربي في معاناة هؤلاء النسوة؟ هل لدينا برامج أو جمعيات أو مؤسسات تعنى بهن؟ هل
سأل أي من أمراء الحرب على امتداد الوطن العربي فيما فعلت حروبهم بهنّ، وبأطفالهن؟
والسؤال الأهم، هل فكّر أهالي تلك النسوة بنوعية الحياة التي يعشنها؟ هل يحس
المجتمع بهنّ إحساسا إنسانيا؟ أم أنه ينظر إليهن بريبة وتوجس، واتهام؟ أو كصيد
سهل؟
وبطبيعة الحال، مشكلة
غير المتزوجات، والطلاق، وفقدان الزوج.. تصيب كل فئات المجتمع، الأطفال خصوصا، ثم
الرجال عموما.. ولكنها تصيب المرأة بشكل أساسي.. وهذا ما يعنينا هنا، دون التقليل
من أهمية وخطورة أثر ذلك على بقية المجتمع..
المجتمعات العربية "المحافظة"،
التي نتغنّى بفضائلها، بسبب موروثها القديم، ونظرتها الدونية للمرأة، تحرم ملايين
الفتيات من حقهن في التعليم، وتسلبهن نعمة الحياة الحرة الكريمة، فبسبب بعض
المفاهيم السلبية؛ تُـمنع الفتيات من إكمال دراستهن، ومن العمل والانخراط في
الحياة العامة، وبسبب الميراث أحيانا يُمنعن من الزواج، أو يمُنعن من إختيار
الشريك، أو تُفرض عليهن زيجات أشبه بصفقات البيع.
وخلافاً للأنثى، يتاح
"للذكر" حرية التعليم، والعمل، والسفر، وخوض التجارب، والانخراط في
معمعان الحياة.. وبوسعه أن يتقدم لخطبة أي فتاة يرغب بها، أو الإفصاح عن حبه لها،
بينما على الفتاة أن تظل في البيت بانتظار فرصتها.. وهي وحظها! والغريب أنها تُسأل
دوما: "لماذا لم تتزوجي بعد؟"، وكأنَّ الخيار بيدها، أو أنه مطلوبا منها
أن توافق على أول عريس يتقدم لها، لأن الزواج "سُـترة"
و"واجب"!!
ربما تكون الفرصة
أفضل للفتيات المتعلمات والعاملات، حيث توفر لهن أجواء الاختلاط (في الجامعة، وفي
العمل) فرصة ملاقاة شريك الحياة..
الوضع الطبيعي
للإنسان أن يقترن بشريك.. وأن يؤسس أسرة، وأن يعيش مشاعر الأبوة والأمومة.. ولكن،
أحيانا يعزف الشبان (من الجنسين) عن الزواج لأسباب مختلفة.. المجتمعات الغربية لا
تضع مسألة الزواج في سلم أولوياتها، ولا تعتبر من لم يتزوج "ناقصا"، ولا
تنظر له/ أو لها نظرة شك وشفقة.. كما أن مسألة الجنس محلولة ولا تشكل معضلة لأحد..
بينما تعتبر المجتعات الشرقية الزواج مسألة مصيرية، وبالغة الأهمية، وتنظر بازدراء
وشفقة على من فاته قطار الزواج.. أما الجنس فمن المحرمات..
الجنس من بين أهم
ركائز الزواج، ومن أهم أسباب الاستقرار النفسي والعاطفي.. في المجتمعات الشرقية،
حتى لو لم يتزوج الرجل (إذا كان هذا خياره)، فإن موضوع الجنس محلول نسبيا، وأحيانا
بوسع الرجل التغني بغزواته النسائية على الملأ! أما المرأة غير المتزوجة، فتقضي كل
حياتها تعاني هذا النقص، حتى لو لم تصرح به..
لا نستطيع تخيل حجم المأساة والمعاناة لفتاة
فاتها قطار الزواج، في ظل مجتمع يقيّم المرأة بمعيار الزواج قبل أي شيء آخر، وفي
ظل ثقافة تجعل من المتعذر على أي إنسانة حتى لو كانت مثقفة أن تشعر بكيانها خارج
نظاق الزوجية؛ معاناة ممزوجة بالإحباط واليأس والشعور بالمرارة والحرمان..
والانتظار بلا طائل، وفقدان الأمل.. ونيران أشواق لا تستطيع أن تطفئها كل بلاغات
الخطابة, ولن نستطيع تصور مدى الظلم التي تكابده مطلقة، في مجتمع يتهم المطلقة
دوما بأنها هي السبب في فشل الزواج..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق