شاب فلسطيني يعاني من اضطرابات نفسية، دفعه حظه
العاثر للإقتراب من الحدود المصرية، كان يمشي مترنحا على حافة الماء، دون ملابس،
وعلى مسافة قصير منه، ثمة برج حراسة حجري يعتليه قناصة، أطلقوا عليه النار حتى
أردوه !! لم يحاولوا اعتقاله، لم يفكروا بالتحقيق معه، لم يجربوا إلا القنص !! كان
واضحا مثل رابعة النهار، وعاريا من كل شيء، لا يمكن له أن يخفي تحت جلده سوى بؤسه
وتعاسته، لا يشكل تهديدا لأحد، وليس بمقدوره إيذاء شيء، حتى رمال الشاطئ، لو
انتظروه عليه قليلا ربما ابتلعه الموج .. قناصة فاشلون حتى في القنص، لم يصيبوه من
أول رصاصة .. لم يتراجع المسكين، ربما أنه لم يدرك حجم الحقد والكراهية التي يحملها
هؤلاء القناصة في قلوبهم، ربما لم يدرك بأن التحريض الإعلامي على الفلسطينيين
سيؤدي إلى قتله شخصيا .. ربما راهن على بقايا إنسانية، تشبه ما يفيض بها قلبه ..
على مقربة من السياج، ثمة رجل يصرخ دون صوت، ويشير
بيديه للجنود أنه مجرد "مجنون" .. وفي الحقيقة أن عالمنا هو المجنون،
وهو العاقل الوحيد، لأنه لم يطق العيش في عالم تسوده الكراهية والحروب ..
كان هاربا من موت بطيء، نحو موت أسرع، هو الآن مجرد
جثة مسجية على حافة البحر، سيأتي إليه الجنود المنتصرون، ليكتشفوا أنه بلا اسم،
وأن أهله كلهم في سجن كبير .. وسيكتشفون أن انتصارهم كان سخيفا وتافها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق