جامعة فلسطينية أحترمها وأقدرها، نظام التعليم فيها
مختلط، ولكن من الناحية العملية لا يجرؤ فيها أي شاب على التحدث مع أي فتاة، إلا
في أضيق نطاق، وبكلمات مقتضبة ومباشرة .. البعض يعلل ذلك من باب مراعاة القيم
الدينية، وآخرون من باب المحافظة على التقاليد المجتمعية .. علما بأنه لا تعاليم
ديننا ولا تقاليد مجتمعنا تمنعان الاختلاط، وكل ما في الأمر هو أن سطوة الأيديولوجية
وعقلية القرية يمتزجان معا ليسكنا جامعاتنا رغم كل ما تدعيه من شعارات التمدن
والحداثة .. المهم أنه هذه الجامعة "المحافظة" غير مذكورة على قائمة أول
عشر آلاف جامعة على مستوى العالم .. الكافتيريا التي تفصل بين الجنسين تبيع كل ما
تيسر لها من منتجات مستوطنات وبضائع إسرائيلية، ولا تراعي شروط النظافة، وأسعارها
أغلى من المطاعم السياحية .. الحمّامات والمرافق العامة في الجامعة في منتهى
القذارة، الحدائق مهملة والمقاعد مخلّعة ... الأنكى من ذلك كله، الطلبة يعدون
أبحاثهم من خلال مكاتب الخدمات، وبأسعار مهاودة .. كل هذا غير مهم، المهم الفصل
بين الجنسين !
أكثر ما يستفزني تلك الأفلام القصيرة التي يصورها
أصحابها بغرض تجميع لايكات، تحت شعار تكريم الأم، فيأتي "بطل الفيلم"
وينحني عند قدمي أمه ويقبلهما، وأحيانا ولزيادة الإثارة يقوم بنفس الخطوة ولكن
أمام زوجته وهي جالسة على "اللوج" في حفلة زفافها !! وكأن تكريم الأم لا
يصح إلا نكاية بالزوجة !! أو أمام الناس وأمام الكاميرات !! وبتقبيل القدمين !! يا
أخي هنالك ألف طريقة وطريقة لتكريم الأمهات، دون الحاجة لهذه الحركات المبتذلة
والاستعراضية.
في ناس بتصحى الصبح والقرود والشياطين بتنطنط
حواليها .. وبعضهم يحتاج نص باكيت دخان، وإبريق قهوة، وساعتين حتى يصحو ويصدق أن
النهار قد بدأ، وعلى وشك أن ينتهي، وبعدين فجأة بصير مستعجل .. قبل أيام، كنت أقود
السيارة لأوصل الأولاد للمدرسة، وقفت لكي أتيح المجال لبعض الأطفال أن يعبروا الشارع
بأمان، اللي وراي صار يزمّـر محتجاً، ثم تجاوز عني وكاد أن يدعس الأطفال .. وبعد
100 متر وقفنا إلى جانب بعض عند الإشارة الضوئية، كان ينظر نحوي وعيونه تقدح شررا
ويتمتم بالشتائم .. أنا سامحته لما عرفت مين بكون: هو البروفيسور "أبو
محمد" مدير مفاعل بيتونيا النووي، وكان زعلان لأني أخرته 18 ثانية عن تشغيل
المفاعل، الأمر الذي كاد أن يتسبب بكارثة .. الله ستر .
وذات يوم، قررت أن أصير مواطن صالح، وبعد أن فقدت
الأمل بالبلدية بأن تردم حفرة بعمق 30 سم في الشارع الرئيسي بالقرب من بيتي، قمت
بإعداد خلطة من الإسمنت، ثم سكبتها في الحفرة حتى صارت بمستوى الشارع ... وحتى لا
تدوسها السيارات وبالتالي تخرب؛ قمتُ بوضع "سطل أسود مهترئ" أمام
الحفرة، ووضعت في داخله حجرا حتى لا يطير بفعل الرياح، على أن تمر نصف ساعة على
الأقل ليجف الإسمنت ويصبح قادرا على تحمل حركة السيارات .. عدت بعد عشرة دقائق، لم
أجد "السطل"، وكانت السيارات قد داست على الإسمنت وتسببت بتطايره، وضياع
تعبي عالفاضي .. بحثت عن السطل في الجوار، ولم أجده، فقال لي أحد المارة، أن إحدى السيارات
وقفت ونزل سائقها وأخذا السطل معه .. نفسي أعرف شو المكسب اللي حققه !! وهل أخذ
الحجر معه أيضا !!
المهم إنه إحنا مصرّين إنه إحنا خير أمة أخرجت
للناس ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق