تشهد أسواق الضفة
الغربية هذه الآونة ارتفاعا ملحوظا في أسعار الخضروات والفواكه، حيث بلغت أرقاما
غير مسبوقة قياساً بالسنوات الماضية؛ إذ تجاوز سعر "البندورة" حاجز ال
12 شيكل، وكذلك "الخيار" تجاوز ال 8 شواقل، كما ارتفعت أسعار "الفاصوليا"
و"الزهرة" و"الباذنجان" و"البصل" وغيرها، وتأتي
موجة الارتفاع بعد موسم الأعياد، الأمر الذي يعني مزيدا من الضغوط الاقتصادية على
كاهل المستهلك الفلسطيني، سيما وأننا في نهاية الشهر، ولم يقبض قطاع الموظفين
(العام والخاص) رواتبهم.
وتعود أسباب
الارتفاع لجملة عوامل، أهمها موجة الحر التي ضربت المنطقة بدءاً من منتصف آب
الماضي، والتي استمرت أكثر من شهر، وقد تسببت هذه الموجة بخراب محاصيل حقلية
كثيرة، نتيجة عجز النباتات عن عقد ثمارها، مما أدى إلى تدني جودة المحصول، وتدني
كميات الإنتاج، كما تسبّبت العاصفة الترابية التي دامت قرابة الأسبوع بجلب بعض
الآفات الزراعية مثل العناكب والبياض الزغبي خاصة لمادة "الخيار"، وهذا
يتطلب بطبيعة الحال نفقات إضافية على العلاج، وبالتالي زيادة في تكاليف الإنتاج.
وهكذا، وبعد أكثر من شهر من الطقس الحار انخفض الإنتاج لمستويات أقل بكثير من حاجة
السوق، وبالتالي من البديهي أن ترتفع الأسعار، في ظل انخفاض المعروض، حسب قوانين
السوق (العرض والطلب).
الأمر الثاني الذي
ساهم في ارتفاع الأسعار وتدني كميات الإنتاج هو أننا الآن في بداية نهاية العروة
الصيفية، ما يعني أن إنتاج الخضار بشكل عام في مثل هذا الوقت من كل سنة سينخفض،
وسيستمر بالانخفاض إلى حين بدء العروة الشتوية، أي إلى شهر تشرين أول.
أما بالنسبة
للفواكه، فهي أيضا تضررت بسبب الحر، ومن ناحية ثانية، فإن معظم أنواع الفواكه هي
حاليا في آخر الموسم، أي أن أشجار الفاكهة ستكون في أدنى مستويات الإنتاج.
وما فاقم من
المشكلة، أن هذه الأزمة أتت في ذروة الأعياد، والتي تصادفت فيها أعياد المسلمين
وأعياد اليهود، ومن المعروف أنه في فترة العيد يقبل الناس على شراء كميات إضافية
من الخضار والفواكه، الأمر الذي تسبب بزيادة الطلب على هذه المواد، وفي النتيجة لم
تعد أسواق الخضار قادرة على تلبية الطلب المتزايد من قبل المستهلكين على هذه
المواد الحيوية والضرورية، وعادة ما ينتظر المزارعين الفلسطينيين مواسم الأعياد
لدى الجانب الإسرائيلي لتصدير منتوجاتهم إلى السوق الإسرائيلي، حيث تكون الأسعار
هناك أعلى منها مقارنة بالسوق الفلسطيني، خاصة وأن القدرة الشرائية عند
الإسرائيليين أضعاف القدرة عند الفلسطينيين، ويعتبر المزارع الفلسطيني هذه المواسم
الفرصة الوحيدة لتعويض خسائره؛ فيقوم البعض بتصدير ما يقرب من ثلثي محصوله إلى
السوق الإسرائيلي.
من جانبها، فإن
الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني تراقب الوضع، وتنظر بقلق
إلى المستويات غير المقبولة من الأسعار، وتنسق مع وزارة الزراعة ولجان حماية
المستهلك لوضع آليات للحد من موجة الغلاء، وتحذر أي تاجر يقوم بتجاوز الحدود
المقبولة والمنطقية للأسعار، وتقوم أطقم الرقابة والتفتيش بجولات على أسواق الخضار
في مدن الضفة كافة لإلزام التجار بإشهار "التسعيرة" على أي مادة يعرضها
للبيع، حتى يتاح للمستهلك المقارنة في الأسعار بين المحلات المختلفة، ولكنها (أي
وزارة الاقتصاد) لن تضع تسعيرة محددة (حتى الآن)، باعتبار أن السوق الفلسطيني سوق
مفتوح يخضع لقوانين العرض والطلب، كما أنها تخشى أن تتفاقم خسائر القطاع الزراعي
في حال كانت الأسعار أقل من تكلفة الإنتاج.
ومن المتوقع أن
تستمر موجة الغلاء حتى نهاية العروة الصيفية، وبداية إنتاج الدفيئات الزراعية في
الأغوار، ولكن من غير المتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر مما هي عليه الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق