هل
"هدى" موجة ثلج عابرة، أم مشهدا من القيامة ؟!
تعتبر "صويلح"،
وهي منطقة جبلية تقع غرب عمان، من بين أكثر المدن ارتفاعا في بلاد الشام (1050 م)،
وبالتالي فهي من بين أكثر المناطق برودة، ومن الأوائل التي يبدأ فيها تساقط الثلج
مع قدوم أي منخفض جوي عميق. في هذه المدينة الرائعة عشت فترة السبعينات
والثمانينات وحتى أواسط التسعينات، وخلال هذه الفترة تساقط الثلج أكثر من خمسين
مرة، حيث من النادر أن لا يشهد فصل الشتاء تساقط الثلج مرة واحدة على الأقل، وكان
يصل ارتفاعه أحيانا متر.
خلال تلك الحقبة الجميلة
لم نكن نعرف الفضائيات ولا وسائط التواصل الاجتماعي ولا الإنترنت، وبالكاد عرفنا
الكمبيوتر آخر كم سنة. وكنا نتابع أخبار الطقس (وكل الأخبار) عبر التلفزيون
الأردني، وكانت النشرة الجوية لا تتجاوز الخمسة دقائق، ولما يكون في منخفض قطبي تمدد
النشرة إلى عشرة دقائق، ولم تكن موضة تسمية المنخفضات دارجة.
يعني باختصار، كنا نستقبل
الثلج بدون كل هذا الخوف والقلق، وبدون كل هذا الضخ الإعلامي، والذي يترافق معه موجات استهلاك محمومة، وانقطاع
للعديد من السلع المهمة، وارتفاع في الأسعار، وشراء ما يلزم وما لا يلزم .. وكانت
التحضيرات في ذاك الزمان بسيطة، ولا تتضمن أي مبالغة، والناس معتادة عليها، وكانت
فرصة للجلسات العائلية مع صوبات البواري، يتبعها الخروج للعب بالثلج ..
في إحدى الشتاءات، كان
عاملا مصريا قد قدم من الصعيد للتو، وهي مناطق لا تعرف الثلج، يبدو أنه لم يشاهد
أي فيلم فيه مشاهد ثلج، ولم يسمع عن الثلج ولم يراه طوال حياته. نام هذا العامل المسكين في
المساء، وكان الجو جافا وباردا .. استيقظ في الصباح، فرأى كل ما حوله على مد البصر
أبيض، بل شديد البياض لدرجة الدهشة .. لم يستوعب الأمر، واستبد به الرعب والقلق،
وأخذ يصيح بجنون: دي الئيامة آمت يا ناس ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق