أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

فبراير 15، 2020

ما يأكله الصينيون



لم يثبت العلماء وجود علاقة بين فيروس كورونا، وما يأكله الصينيون.. وفي هذا السياق، شاهدتُ عشرات الأفلام القصيرة عن عادات الشعوب الغريبة وغير الصحية في الأكل؛ فوجدتُ كل ما هو شهي، وغريب، ومدهش، ومقزز، ومرعب.. لكن أكثرها غرابة وإثارة للنفس هي مأكولات الصينيين، وشعوب شرق آسيا عموما..

في المرة الوحيدة التي زرت فيها الصين، وأثناء تجوالي في بيجين، وجدت نفسي على مدخل سوق شعبي، تتوزع على جنباته عشرات المطاعم الصغيرة والكبيرة، رأيت كل شيء معروضا على واجهات المحلات، أو معلقا من رأسه أو من قدميه.. أشار لي أحدهم أن أتفضل، وقال بعربية ركيكة: "حلال".. شكرته وولويت الأدبار من هول ما رأيت: عقارب، أفاعي، سحالي، صراصير، أم أربعة وأربعين، مخلوقات لم أشاهد مثلها من قبل..

في الحقيقة، الصينيون يأكلون كل شيء حرفيا؛ كل ما يدب على الأرض، وما يسبح في نهر أو بحر، وما يختبئ في جوف الأرض، وما يطير محلقا في الجو: طيور بأشكال وألوان، زواحف، ديدان، لا فقاريات، طحالب، مفترسات، ثمار البحر، حشرات، قواقع، كلاب، قرود، فئران.. يأكلونها مطبوخة ونيئة، حية وميتة، مشوية أو مسلوقة، أو تنبض بالحياة..

وفي الحقيقة أيضا، ليس الصينيون وحدهم من يفترس تلك المخلوقات، معظم شعوب آسيا تفعلها؛ الفلبين، ماليزيا، إندونيسيا، كوريا، اليابان، فيتنام، كمبوديا، تايلاند... وكل الديانات والطوائف هناك تبيح لنفسها ذلك: البوذيون، الشنتو، الهندوس، المسيحيون، وحتى المسلمون في تلك المناطق يأكلونها.. فالمسألة لا تتعلق بالديانات، المسألة تتعلق بثقافات تلك الشعوب وعاداتها الاجتماعية..

ربما ورثت شعوب تلك المنطقة تلك العادات من أزمنة قديمة، حلت فيها مجاعات رهيبة، فاضطر الناس حينها لأكل ما هو متوفر، حتى لا يموتون جوعا.. وربما اكتشف بعضهم مذاقا لذيذا لبعض تلك المخلوقات، فتعودوا عليها.. فمن يدري، نحن لم نختبر طعم الخفاش، ولم نجرب مذاق الضفادع، فربما تكون لذيذة!!

مع أنني (مثل الأغلبية الساحقة من شعوب منطقتنا) لا أستسيغ تذوق تلك الكائنات، ولا أتقبل فكرة أكلها، وأجدها ممارسات منفرة، ومقززة.. ولكن لا يحق لي إصدار أحكام، ونعت تلك الشعوب بالهمجية والبدائية.. فلكل شعب ثقافته وعاداته..

نحن الفلسطينيون مثلا، نأكل معظم حشائش الأرض، وبعض الشعوب المجاورة تستغرب كيف طورنا أكلات مثل الخبيزة، والعكوب، واللسينة، والهندبة، والفرفحينة، وعشرات الأعشاب الأخرى.. ربما كانت تلك النباتات في عهود سابقة هي وحدها الموجودة والمتوفرة (وبالمجان) فأقبل عليها الناس، ووجدوا فيها فوائد صحية عديدة، خاصة الفقراء، وهؤلاء الفقراء لم يكن بوسعهم شراء أطايب اللحوم، فاضطروا لشراء مخلفات الذبائح بأسعار زهيدة (التي كان الأغنياء يأنفوها)، مثل الكرشات والأطراف والمصارين، والتي صارت أكلة مرغوبة عند كثيرين..

في السعودية مثلا، بعض المناطق تأكل الجراد، وبعض أنواع الزواحف مثل الضب والجربوع.. وفي دول عربية عديدة بعض الناس ترغب بشدة بأكل بعض أنواع القواقع والزواحف اللزجة والحلزون، أو القنفذ، وحيوان النيص، والسلحفاة البرية، حتى أنهم يقتلوها بطريقة مروعة ولا إنسانية..

ولكن، ما أرفضه (ويرفضه كل إنسان سوي) أكل حيوان وهو على قيد الحياة.. تلك قمة الهمجية والعدوانية.. أو ذبح حيوان (قتله) بطريقة عنيفة، أو سلخ جلده وهو حي، أو غليه بالماء قبل ذبحه.. نعم، مثل تلك الممارسات المستهجنة والشاذة واللاإنسانية موجودة بالفعل للأسف الشديد، وتمارَس على نطاق واسع.. ويجب على المنظمات الدولية المعنية بالرفق بالحيوان وضع حد لتلك الممارسات غير المعقولة.. وبالمناسبة، وحده الضبع من يفترس ضحاياه وهي حية..

ولكن، قبل انتقاد شعوب شرق آسيا، لنتذكر أن لدى الأمريكان والأوروبيين عادات غريبة وشاذة في الأكل (بالنسبة لنا على الأقل)، مثل تناول بعض أنواع الجبن المعفن في سويسرا، أو كيك محشو بالديدان في هولندا، أو طبق الضفادع في فرنسا، أو حساء الخفافيش وشوربة السلاحف في أستراليا، فضلا عن شيوع أنواع خاصة من المطاعم (الفخمة) تقدم أغرب الأكلات وأكثرها تقززا، مثل أكل دماغ القرد (وهو على قيد الحياة).. بعض المطاعم تقدم عش طير بكامل محتوياته من بيض وقش وعيدان، تضعه في المقلاة، وتضيف إليه حساء خاص.. ومطاعم أخرى تضع السمك الحي على المقلاة الساخنة ليتحرك من شدة الألم، بينما الزبون ينظر إليه بمتعة!! ومطاعم أخرى جعلت الكراسي على هيئة مقعد المرحاض!

وأنت تشاهد الأفلام المنشورة على "اليوتيوب" عن تلك العادات الغريبة والشاذة في الأكل ستشعر كما لو أنك تشاهد فيلم زومبي..

في كينيا ستجد طبق صغار التماسيح المقلية، في بعض المناطق في الهند يأكلون جنين الماعز وهو في بطن أمه، وفي دول أخرى يأكلون بيض الوز مع الجنين الحي، بعد سلقه.. وفي بعض مناطق إفريقيا يعدون طبق همبرغر مكون من البعوض الخالص.

وقد اطلعت على تقارير (ولم أستطع التأكد من صحتها) أن شركات غذائية كبرى (مثل KFC، وكنتاكي، وغيرها) تربي الدواجن والماشية في مزارع خاصة (بعيدا عن رقابة الدولة) بطريقة قاسية وغير رحيمة، وتذبحها بأسلوب همجي..

قد يقول قائل إن الفقراء والمعدمين لجئوا مضطرين لالتقاط وصيد مخلوقات الأرض لأكلها، ثم بدأوا بترويجها وبيعها لغيرهم، كمصدر رزق وحيد.. ولكن ذلك لا يبرر طريقة صيدها، وتربيتها وذبحها وسلخها دون رحمة ولا شفقة.. وماذا بشأن الأغنياء الذين يبحثون عن تلك المأكولات ويدفعون لقاءها أثمان باهظة، ظنا منهم أنها تمنحهم إكسير الشباب، وتزيد من فحولتهم، وتذيقهم طعم المغامرة!! أليست تلك الممارسات نتيجة أمراض نفسية مستعصية؟

لحسن الحظ، فئات قليلة جدا من الناس هم من يمارسون تلك العادات الغريبة، بينما الأغلبية الساحقة من الناس لا تتناول سوى المأكولات الصحية والطبيعية، وكل شعوب الأرض طورت مأكولات لذيذة وصحية، ولكل منطقة مطبخها الخاص والمميز؛ بالنسبة لي أجد مطبخ بلاد الشام هو الأشهى والألذ.. حيث ما لا حصر له من الأطباق الشهية والمتنوعة، لاحظوا الإبداع في تحويل ورق العنب إلى أشهى طبخة على الإطلاق، وكذلك عبقرية المقلوبة، وسيادة المنسف على سائر الأطباق..


وصحتين وعافية لكل الشعوب..  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق