أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

ديسمبر 05، 2018

الإرهاب الأمريكي


لندع حرب الإبادة التي شنها الأمريكان ضد الهنود الحمر جانبا، وضحايا تجارة العبيد، وضحايا الحرب الأهلية، وهؤلاء أعدادهم تقدر بعشرات الملايين، وإذا أضفنا الإرهاب الأوروبي في فترة الاستعمار سيصبح الرقم بمئات الملايين.. لنترك كل هذا الماضي البعيد، ونركز فقط على ضحايا الإرهاب الأمريكي في العصر الحالي.

في الحرب العالمية الثانية استخدم الحلفاء القصف الجوي على المدن والمدنيين طريقةً للانتصار. مما خلف حوالي 2.5 مليون قتيل مدني، قُتلوا تحت القصف الجوي الأمريكي والبريطاني. في مدينة دردسن الألمانية وحدها قُتل 25 ألف إنسان، في برلين قُتل نحو 800 ألف آخرين.

وفي نهاية الحرب ضربت أمريكا اليابان بالقنابل الذرية، مما خلف 140 ألف قتيل في هيروشيما، و80 ألف في ناغازاكي. وفي أثناء الحرب كان الإعلام الأمريكي يصور الأسرى اليابانيين بأنهم "حيوانات" أو "غير آدميين"، بما لا يعطيهم حق المعاملة بقوانين حماية أسرى الحرب. وبعد معركة أوكيناوا، واستسلام اليابانيين. سُجلت 1336 حالة اغتصاب في العشرة أيام الأولى لاحتلال المدينة، عدى عن آلاف الحالات غير المسجلة.
في حزيران 1950 اندلعت الحرب بين الكورتين الشمالية والجنوبية، والتي كان يفصلهما ما عرف بخط العرض 38، على الفور تدخل الأمريكيون في الحرب إلى جانب كوريا الجنوبية. وبعد ثلاث سنوات، وضعت الحرب الكورية أوزارها، مخلفة وراءها حوالي 5 ملايين شخص من مدنيين وعسكريين. وما زالت كوريا مقسمة إلى يومنا هذا.
في الهند الصينية قتلت أمريكا نحو 350 ألف مدني في لاوس، و600 ألف مدني في كمبوديا، ونحو 3.8 مليون فيتنامي، إضافة لآلاف القتلى بعد الحرب من جراء الألغام. وقد بلغت أعداد جرائم الحرب الموثقة التي ارتكبها الجيش الأمريكي في فيتنام 360 حادثة (وهي مسجلة لدى البنتاجون)، أغلب الضحايا نساء وأطفال. ومن ضمن جرائم الحرب الأمريكية في فيتنام استخدام الرش الكيماوي لتدمير وحرق وإتلاف البشر والحقول والقرى، مثل الرش بالمبيد البرتقالي المحرم دوليا.
في يوغوسلافيا قصف حلف الناتو، بدعم أمريكي صربيا، سنة 1999 مخلفا أكثر من 5000 مدني قتيل.
وفي دراسة لمعهد واتسون للشؤون الدولية، التابع لجامعة براون، قدرت حصيلة القتلى في العراق وأفغانستان وباكستان بنحو نصف مليون شخص، قتلوا بطريقة عنيفة جراء "الحرب على الإرهاب" التي تشنها الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول. وأشارت الدراسة إلى أن الرقم الحقيقي من المرجح أن يكون أكبر.

وقالت جامعة براون، في بيان لها، إن الحصيلة الجديدة "تزيد بـ 110 آلاف قتيل على الرقم الأخير الذي صدر في 2016. وتقول الدراسة إنه قتل في العراق وحدها نحو مائتي ألف مدني، وفي أفغانستان قُتل 38 ألف مدني، وفي باكستان قُتل 23 ألف مدني.  وقتل نحو 7 آلاف جندي أمريكي في العراق وأفغانستان. ولا تشمل الحصيلة من قتلوا بشكل غير مباشر كنتيجة للحرب، مثل من قضوا نتيجة الأمراض والجوع وتدمير البنى التحتية.

وإضافة لمذبحة ملجأ العامرية (شباط 1991) التي قتل فيها نحو 500 مدني، تورطت أمريكا في فضيحة يندى لها الجبين، في سجن أبو غريب، قرب بغداد (2003)، كما شهد سجن غوانتنامو أسوأ أنواع التعذيب بحق معتقلين اتهمتهم بالانتماء للقاعدة.

وإضافة لحروبها المباشرة، تشعل أمريكا حاليا 40% من حروب العالم، في 76 بلدا، سواء بشكل غير مباشر أم عبر تزويد أطراف الصراع بالسلاح الأمريكي. تبلغ موازنة الدفاع الأمريكية نحو 750 مليار دولار سنويا، بمعدل 2 مليار لليوم الواحد، وتخصص منها مليارات الدولارات على صناعة الذخائر والقنابل. إحدى الدراسات تشير إلى أن بوش الإبن ألقى 70 ألف قنبلة فيما أسماه حربا على الإرهاب، ومن بعده ألقى أوباما نحو 26 ألف قنبلة، أما ترامب فحتى الآن ألقى نحو 44 ألف قنبلة، عدى عن مئات آلاف القنابل التي ألقاها بوش الأب وكلينتون، والتي لم تذكرها الدراسة.

وأشارت صحيفة الغارديان البريطانية (11-1-2017) في تقرير مطول إلى أن أمريكا في آخر سنوات أوباما ألقت 26 ألفا و171 قنبلة، على أماكن متفرقة في العالم، وبالأخص في الشرق الأوسط، بمعدل 72 قنبلة في اليوم، و3 قنابل كل ساعة. وأضافت "الغارديان" إن أوباما خفض عدد الجنود الأمريكيين بصورة كبيرة على الأرض، ولكنه توسع بشكل كبير في الحروب الجوية، واستخدام قوات العمليات الخاصة، فتدخلت في 138 بلدا حول العالم، وهو ما يرتفع بنحو 130% عما حدث في عهد سلفه "بوش".

هذا غيض من فيض، ومن يغوص أكثر في البحث سيجد أرقاما مهولة، عن ضحايا العنف الأمريكي. وهذا متوقع من دولة قوية متخمة بالسلاح، تهمين على العالم، بعقلية عدوانية متغطرسة، لا تأبه لحياة الناس وأرواح المدنيين، وكل ما يهمها مصالحها فقط.. خاصة وأن الحرب وتجارة السلاح والتصنيع العسكري تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الأمريكي..  لكن الغريب والمستهجن، أن أمريكا تمارس كل هذا العدوان، وكل هذا القتل، وكل هذا الإرهاب تحت مسمى محاربة الإرهاب، ونشر الديمقراطية، وحقوق الإنسان!!

تخوض أمريكا حروبها بخطاب إعلامي ديماغوجي، ترافقه ماكينة دعائية تعمل في هوليود لتجميل وتلطيف صورة الأمريكي في الخيال العالمي.. حيث عملت السينما الأمريكية على إظهار نموذج الأمريكي البطل الخارق، الذي لا يموت، وعلى تحويل هزائم أمريكا في فيتنام وغيرها إلى انتصارات فردية خارقة للعادة.. مقابل تشويه صورة الخصم وتجريدها من إنسانيتها..

هذا الكذب والتزييف الذي يصل حد الوقاحة، تروج له وسائل إعلام عربية عديدة، لتبرير تحالفات بعض الأنظمة العربية مع أمريكا، وتبعيتها لها.. ولكن هذا لا يعني توجيه أية اتهامات أو عداء للمواطن الأمريكي نفسه، فالشعب في واد، والنخب الحاكمة في واد آخر.. كما لا يعني أن تدير الدول ظهرها لأمريكا، فكونها الدولة الأقوى في العالم حاليا، يتطلب منها التعامل معها بطريقة أو بأخرى.. ولا يعني أن نتمنى انهيار أمريكا؛ لأن انهيارها سيتسبب بكوارث في كل العالم لا حصر لها ولا عد.

المهم ألا تنطلي علينا حيلة الدعاية الأمريكية في ترويج بضاعتها وتعميم نموذجها.. فمع كل طلقة تطلقها ضد من تعتبرهم إرهابيين، إنما تخلق إرهابيين حقيقيين، فأمريكا راعية الإرهاب الدولي. وأمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق