أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أكتوبر 08، 2015

معايير عجيبة


فلسطينيات جميلات .. صبايا، سيدات، مسنّات، جامعيات، ربات بيوت .. يقارعن الاحتلال، يتقدمن الصفوف، يشتبكن مع الجنود، يصرخن في وجوه المستوطنين، يحملن بأيديهن الطرية ما توفر من سلاح. صور مـألوفة في المشهد النضالي الفلسطيني .. لكن غير المألوف ما نقرأه من تعليقات على تلك الصور .. ولا أقصد تلك الأصوات النشاز التي تستغرب وتستهجن خروج المرأة في المظاهرات ومشاركتها في العمل السياسي والعسكري؛ بل أقصد تلك التعليقات التي في نيتها المديح والثناء وإبداء الإعجاب، ولكن بدلاً من ذلك، تلحق بهن الإهانة (دون قصد)، وهذا عائد بسبب العقلية "الذكورية" التي تعتقد أن البطولة حق حصري للرجال .. فتأتي التعليقات في كل مرة: "أخت الرجال"، "امرأة، ولكن بمائة رجل"، "أشجع من الرجال" ... آن لنا أن نتخلص من هذه الأمثال السلبية، التي تكرس النظرة الدونية للمرأة، وأن نفهم بأن البطولة والشجاعة والمروءة والتضحية وكل الصفات الإيجابية هي صفات إنسانية، لا علاقة لها بالجنس، وقد برهنت المرأة الفلسطينية والسورية والعراقية والكردية والروسية .. وكل إمرأة تعرضت للظلم والعدوان أنها لا تقل بأساً وشجاعة وحكمة عن غيرها من الذكور، بل أنها كثيرا ما تفوقت عليهم.

وفي مشهد آخر، يدل على المعايير العجيبة التي نحتكم إليها في نظرتنا للأمور، صورة دكتور جامعي يصلي خلف عامل نظافة. المفترض أن يكون المشهد عاديا جدا، لا يستوجب حتى التقاط صورة، لأن الصلاة ليس فيها فروقات اجتماعية وطبقية بين الناس، الكل بين يدي ربه .. لكن الغريب أن التعليقات كانت كلها تشيد ب"تواضع" الدكتور !! ربما يكون الدكتور متواضعا بالفعل، ولكن هذه الصورة لا تثبت شيئا، ولا تدل على أي شيء، سوى على عقلياتنا الطبقية ومعاييرنا العنصرية، ونظرتنا المشوهة لقيمة العمل واحترام الإنسان، لذلك استكثر البعض على عامل نظافة أن يؤم أستاذا جامعيا ..  

كما هو الحال في صورة سائق التاكسي العمومي الذي صفَّ سيارته على جانب الطريق وفرد سجادته لتأدية الصلاة .. وانهالت التعليقات على الصورة .. "سبحان الله"، و"الله أكبر"، "والعزة للإسلام"، "وإذا لم تنشرها فإن الشيطان قد منعك" ... طيب وين الغريب في الصورة !!
الغريب في معاييرنا العجيبة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق