أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 01، 2015

ماذا بعد مقتل النائب العام، وتفجيرات سيناء ؟!


بعد مقتل النائب العام المصري بعبوة ناسفة أجمع أكثر المحللين (خاصة من مؤيدي مرسي) على أن الفاعل هو الرئيس السيسي، وأنه خطط لذلك من أجل تبرير تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر بحق مئات من الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد مرسي.

هذا الاستنتاج المتسرع ينطلق أساسا من عقلية المؤامرة، ومع ذلك فإن هذا لا يضحد تحليلهم؛ ولكم، ربما جاءت تفجيرات سيناء بعد يومين لتوضح الكثير من الحقائق، والتي بموجبها قد نتمكن من تحليل الأحداث بعقلانية وموضوعية، دون اتهامات، ومن أجل ذلك سأطرح بعض الأسئلة.

بداية، لنتفق على أن إصدار حكم حاسم بشأن من نفذ وخطط لقتل النائب العام يتطلب الحصول على معلومات أمنية دقيقة، وتفاصيل فنية من موقع الحادث، وهذا غير متوفر إلا لدى أجهزة المخابرات المصرية، وبالتالي فإن جمهور المحللين انطلقوا من توقعاتهم، وربما من رغباتهم الدفينة (أي أنهم لا يملكون أي دليل مادي). أو أن الأمر يحتاج لبيان من قِبَل الجهة المنفذة تعترف فيه بفعلتها، وهذا أيضا لم يحصل. بمعنى أن القانل لحد الآن مجهول.


أما فيما يخص البحث عن مبرر لتنفيذ أحكام الإعدام، فأعتقد أن الدولة المصرية إذا تأكدت من قدرتها على ذلك، وضمنت سيطرتها على ردود الأفعال، وأدركت أن ذلك من مصلحتها فإنها لن تتردد في ذلك، وبما أن هذه الشروط غير متحققة الآن، على الأقل بالقدر الكافي، فمن البديهي أنه ليس من مصلحتها تأجيج الأوضاع أكثر، وتسخين الجبهة الداخلية من خلال مزيد من العنف والدماء والقلاقل، وبالتالي فهي لن تبحث عن هذا المبرر، وستظل في دائرة إدارة الأزمة إلى حين تتغير الظروف. وهذا التغير المرتقب لا يعني بالضرورة الوصول إلى تنفيذ الإعدامات، ربما تكون هناك حلولا أخرى.

في الجانب المقابل، فإن أي متتبع لمواقع الإخوان المسلمين سيرى بسهولة حجم التحريض على الدولة، وعلى رجالاتها، والدعوة للثأر والانتقام من الرجل الذي حملوه كامل المسؤولية عمّا جرى لهم. ومع ذلك، فإن هذا ليس دليلا كافيا لتوجيه أصابع الاتهام لجماعة الإخوان. ولكن السؤال: ما الفرق بين من حرّض على القتل، وبين من نفذه ؟! وما الفرق بين حرض على القتل، وبين من تشفّى بالقتل واعتبره عدالة ربانية ؟! فإذا كان مقتل النائب العام عدالة ربانية فلماذا لا يتحلى من قتله بالشجاعة ويعترف بذلك ؟ وإذا كان مقتله جريمة تتبرأ منها جماعة الإخوان، فلماذا التشفي بمقتله ؟؟ كيف نفهم هذا التناقض ؟! وأيضا نسأل: ما الفرق بين تقرير "الجزيرة" الذي غطت به النبأ، ولم تخفي خلاله تحريضها، وتبريرها وتفهّمها الكامل لدوافع القاتل، وبين بيانات داعش والقاعدة ؟

وفي سياق متصل، ولمزيد من التوضيح، في مثال آخر، ما الفرق بين المجرم الذي فجّر جامعا بمن فيه من المصلين وهم سجود لله في الكويت وقتل العشرات من الأبرياء، وبين من حرّض على الشيعة في منشوراته على الفيسبوك، وعلى اليوتيوب، وعلى منابر المساحد !؟؟ ألم يتشبع ذلك المجرم بشحنات من الكراهية ضد الشيعة، بفضل ذلك التحريض ؟! ألم يتوصل لقناعة مفادها أن الشيعة كفار يتوجب قتلهم، بفضل ذلك التحريض ؟؟ من هو المجرم الحقيقي ؟!

السؤال الآخر: هل هناك فرق بين من فجر وقتل في القاهرة، وبين من فجر وقتل في سيناء ؟! أليس العدو في الحالتين واحد (الدولة المصرية) ؟! أم أنها مجرد مصادفة ؟! ألا يذكرنا هذا بتصريحات "البلتاجي" القيادي البارز في الإخوان، حين قال مهددا عشية اعتقال الرئيس السابق مرسي: "ليفرج النظام عن مرسي، وحينها فقط سيعم الأمن والهدوء في سيناء"، هل كانت هذه زلة لسان، أم كشف للنوايا والمستور في لحظة غضب ؟! هل يستطيع أحد الإدعاء بأن من نفذ هجمات سيناء الإجرامية هو النظام المصري ؟! بمعنى هل وصل الجنون والغباء بالنظام إلى حد الانتحار، وإطلاق الرصاص على أرجله ؟! أم هو جنون المرحلة ؟ وجنون محلليها الذي لم يعد بمقدروهم التزام الحد الأدنى من المهنية والموضوعية ؟

 على أية حال فإن تفجيرات سيناء أكثر وضوحا، فهناك عشرات المهاجمين، وعشرات القتلى والجرحى في صفوفهم، وهناك أيضا بيان واضح بلغة فصيحة تتبنى فيه الهجمات، ولا مجال للي ذراع الحقيقة.

السؤال الأهم، وهو موجه لجماعة الإخوان، وقبل السؤال، لنتفق على أن مرسي هو الرئيس الشرعي المنتخب، وأنه أمل مصر والعالم الإسلامي كله، وأن ما حدث انقلابا على الشرعية .... هل إعادة تنصيبه رئيسا للبلاد تستحق كل هذا الخراب وكل هذه الأنهار من الدماء ؟!! سيما وأننا جميعا نعلم أن عودة الإخوان للحكم لن تتم إلا بحرب أهلية ستهلك الحرث والنسل، وستؤدي إلى دمار مصر كلها، وأن دمار مصر سيعني بالضرورة دمار المنطقة العربية بأكملها ..

أليس بمقدور الإخوان التوصل لحل سياسي، ينتهي بهم كجماعة معارضة، تتفرغ للدعوة (كما تدعي أن هذا هو مبرر وجودها) !! وتشتغل بالمعارضة كأي حزب سياسي محترم، وبهذا تصون دماء الناس، وتحمي مصر من الانهيار، أم أن مصلحة الجماعة الحزبية أهم من مصر، وأهم من جميع دول المنطقة ؟! هل الظفر بالسلطة (وهو هدف الإخوان الحقيقي) أهم من دماء المصريين ؟! وأهم من مستقبل الأمة العربية جمعاء !!

من المستفيد من إرهاق الجيش المصري، ومشاغلته بحروب جانبية، واستنزاف قدراته بعمليات إرهابية هنا وهناك !؟ خاصة بعد أن انهار الجيش العراقي والجيش السوري، وتورط حزب الله في المستنقع السوري، ولم تعد هناك أي قوة ردع عربية تحسب لها إسرائيل حسابا !! من لنا نحن الفلسطينيين بعد مصر ؟! الجواب الأكيد، بعد كل هذه الانهيارات هو عودة دول الطوائف، وإرجاع المنطقة ألف سنة للوراء .. وتفرد إسرائيل كقوة غير منازعة. عزاؤنا الوحيد آنذاك – ولسخرية القدر – أن إسرائيل لن تأخذ نساءنا سبايا، ولن تفرض علينا الجزية، ولكنها مقابل ذلك، ستمد في عمرها عقودا إضافية.

اتقوا الله يا جماعة، وارحمونا من غبائكم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق