أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 10، 2015

حماس تفقد السيطرة


يبدو أن حماس بدأت تفقد سيطرتها على القطاع؛ فمن جهة بدأت نشطاء "علمانيون"، "كفرة" بنشر صور تخدش "الحياء العام"، أولها صورة فتيات محجبات يغازلن البحر (بدون مَـحرم)، ثم صورة فتاة تلاعب بشعرها بحر غزة وترسم من خلاله لوحة مضيئة، وآخرها صورة فتاة تقبّل حصانا قبالة البحر .. وحماس تقف مكتوفة الأيدي، رغم حملات التحريض، والدعوة لإقامة الحد .. يا لهول الفاجعة !!

ومن جهة ثانية بدأت جموع السلفية تتجاوز حدودها، فلم تعد تكتفي بالبيانات الصاخبة والمظاهرات الاستعراضية، وها هي اليوم تطلق صواريخ عابرة للحدود ...


حماس لم يعد بمقدورها احتكار الإسلام، والإدعاء أنها ممثله الشرعي والوحيد، فهناك أعداد متزايدة من التنظيمات الإسلامية التي تكفِّر حماس، وتتهمها بالعلمانية، والتفريط بفرصة إقامة الخلافة على أرض غزة المحررة.

ولم يعد بمقدور حماس الإدعاء باحتكار المقاومة، ليس لأنها أبرمت معاهدة غير مكتوبة مع إسرائيل تلتزم بموجبها بالتهدئة لأمد غير معلوم، بل لأنها تكبّل الفصائل المقاومة (والمزاوِدة) الأخرى، وتتحدث بواقعية سياسية غير مفهومة.

ولم تعد حماس قادرة على المزاوجة بين المقاومة والعمل السياسي، وبين إعادة الإعمار والإعداد للمعركة القادمة، وبين الشعارات الكبيرة والالتزام بقواعد السياسة الدولية ..

ولم يعد بوسعها الانسجام بين خطابها التقليدي وممارساتها على الأرض، ولا تستطيع بعد افتضاح قصة "الدردشات" المزاودة على صائب عريقات ومفاوضاته المزمنة، ولا بعد انكشاف صور دوريات "القسام" (وهي تنتشر على الحدود وتمنع أي فعل مقاوم) انتقاد التنسيق الأمني.

ولم تعد قادرة على إقناع الناس بأنها حريصة على إنهاء الانقسام، بعد أن فشلت كل جولات الحوار، وتبين أنها تضع شروطا تعجيزية أمام إنجاز المصالحة، خاصة أنها مطالب حزبية محضة.

ولم تعد قادرة على التلاعب بالمشاعر الوطنية والدينية للجماهير بخطاباتها الرنانة، التي أخذت تفقد من زخمها، ويتكشف خواءها، وأنها مجرد بلاغة لغوية وتلاعب بالإلفاظ وقدرات خطابية .. لا تطعم جائعا، ولا تأوي مشردا، ولا تحرر شبرا ..

حماس اعتقدت أنها تستطيع الجمع بين المتناقضات: بين الشعارات الثورية والواقعية السياسية. بين المقاومة وبناء كيان سياسي. بين قبول الديمقراطية والانتخابات، والإصرار على عدم تكرارها. بين إتمام المصالحة وقبولها بحكومة الوحدة الوطنية والاحتفاظ بسيطرتها الفعلية على كل شيء في غزة. بين الحفاظ على علاقاتها بمصر، وعلاقاتها بالإخوان. بين التعامل مع "السيسي" كرئيس شرعي وعدم سحب الاعتراف بشرعية "مرسي". بين الحفاظ بعلاقات جيدة مع النظام السوري، ومحاربته في نفس الوقت. بين تلقي الدعم من إيران، والحفاظ على علاقات جيدة بالسعودية.

أرادت أن تبدو كحركة مجاهدة تتمسك بالمقاومة، وفي نفس الوقت تسعى للدخول في المجتمع الدولي وأن يعترف العالم بها، بكل ما يعني ذلك من مستلزمات العمل السياسي واشتراطاته الدولية. وأرادت تثبيت التهدئة، دون أن يتهمها أحد بأنها تخلت عن المقاومة. وأرادت أن تفرض نظاما اجتماعيا ينسجم مع تطلعاتها الأيديولوجية دون أن تُتهم بأنها تقيد الحريات العامة. أرادت أن تقيم حكومة خالية من الفساد ومن المحسوبيات والواسطة، ولكنها في نفس الوقت وظّفت الآلاف من عناصرها ومؤيديها. أرادت الظهور كحركة اجتماعية تناصر الفقراء، ثم أرهقتهم بالضرائب، وآخرها ضريبة التكافل ..


حماس ستفقد هويتها، وميزتها كحركة مقاومة إسلامية إذا أصرت على الجمع بين أشياء يستحيل جمعها .. إلا إذا كان مشروعها هو تثبيت حكمها في غزة، حتى لو فشلت في كل شيء آخر .. حينها نكون قد حللنا اللغز، ولم يعد هناك أي تناقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق