أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

مايو 17، 2015

في حنان الحرب


"سورية التي كانت قبل هذه الحرب حلوة كدبس العنب، ستفيق على الأرض مثلما هي في خاطر الدنيا، حلوة وزكية كدبس العنب، وأنيقة كرقصات السوفييت، بعد سنين الحرب المرعبة، ولا منسيّة كجوعهم المر الذي خفتت مرارته بعد أن ولّى" .. بهذه الكلمات أنهت الكاتبة السورية د. نجاة عبد الصمد مرويتها الأخيرة "في حنان الحرب" .. وقد أرادت "نجاة" من خلال فصلها الأخير تذكيرنا بأيام الحرب العالمية الثانية، وحصار لينينغراد، وأيام الجوع والخوف التي اختبرها السوفييت في تلك السنين البائسة والدامية، ولأن كاتبتنا أمضت أحلى أيام حياتها هناك، وتخرجت من جامعات أوكرانيا؛ فقد عاينت بنفسها أثر تلك الحرب على نفوس الناس وتصرفاتهم بعد عقود عديدة من انتهائها، ورأت كيف أن ذكرياتها لم تمحوها السنين، بل أنها ظلت ماثلة في وجدانهم، لكنهم صنعوا منها مستقبلهم .. وتستبشر الكاتبة بنهاية وشيكة لأيام الوجع السوري، لأنه حسب قولها: "الحرب لن تستمر إلى الأبد، ولن يدوم هذا الخراب".


هذا الكتاب الصادر عن دار مدارك للنشر (نيسان 2015)، ينتمي لأدب المرويات الواقعية، وقد اختارت الكاتبة عنوانا فرعيا له هو "مرويات من النافذة الخلفية لأيام الوجع السوري"، تناولت فيه يوميات الحرب السورية، من خلال سرد بعض التفاصيل التي لا تذكرها نشرات الأخبار، ولا ينتبه إليها الآخرون، حتى نحن المتابعون بألم لما يجري هناك .. وهي وإن كانت تفاصيل صغيرة؛ لكنها تكوي من اختبروها وعايشوها. وقد تناولتها الكاتبة بروح الإنسان الموجوع، وبقلب مواطنة توشك أن تفقد وطنها، وبإحساس مبدعة تجرحها دمعة طفل، وتبكيها موت فراشة، وبقلم أديبة أمسكت بيديها ناصية اللغة، فلانت لها الكلمات، لتصيغ منها برقة الفنان ذكريات الموت والدمار والخوف الذي أصاب البلاد، لتكون أكثر من مجرد رواية واقعية؛ لتكون سجلا نابضا لواحدة من أحلك الفترات التي مرت بها سورية.

يقع الكتاب في 192 صفحة، ستشدك من أول سطر إلى آخر كلمة، قد تنهيها في جلسة واحدة أو جلستين، ولكنك ستحتاج فترة طويلة حتى تبرأ من بعض الوجع الذي سيصيبك .. وستفكر مرتين، قبل أن تبدأ بقراءة كتابيها السابقين (غورنيكات سورية، وبلاد المنافي)، لأنهما على الأرجح، ينبضان بألم سورية، سورية بلدنا الأم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق