أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 24، 2014

الشجرة الجريحة


لم تخطئ القذيفة هدفها، تماما دخلت من نفس النافذة التي كان يقف عليها "ياسر" .. كان حينها يحمل في يده اليمنى هاتفه النقال ويتحدث مع جارته على النافذة المقابلة، وفي يده اليسرى بندقية كلاشنكوف .. على الفور سقط أرضا مغشيا عليه، وعندما استيقظ في الصباح ، ذُهل من المنظر .. كانت بندقيته قد تحولت إلى شظايا، وجسده تبعثر إلى أشلاء .. أخذ يلملم أشلاءه ويلصقها على ما تبق من جسده، قبل الظهر كان قد نجح في تجميع أطرافه على نحو ما، إلا يده اليمنى، فقد كانت ممزقة ويصعب إصلاحها .. حملها ومشى على مهل .. وعند أسفل شتلة برتقالة صغيرة دفنها هناك، وسكب عليها قليلا من الماء الممزوج بدمه ..

كان يرقب الشجرة وهي تكبر بحنو وقلق .. يسقيها بمواعيد محددة، ويحميها من قطعان الماشية .. وعيناه دوما مركزتان على غصنها الأيمن .. وكلما زاره ضيف يقول له: أنظر: ألا ترى ذلك الغصن كيف يشبه يدي .. لونه بني مسمر خلافا لبقية الأغصان .. حتى حبات البرتقال لتي يحملها أطيب ..

صباح البارحة، استيقظ مذعورا على ألم شديد ينتاب يده المفقودة بالضبط عند جذر الكتف .. هذا الألم الذي تجاوزه منذ سنين .. اشتد عليه على نحو رهيب، في الوقت الذي بدأ يسمع هدير منشار كهربائي حاد، زاد الصوت حتى كاد يصم أذنيه .. فتح النافذة فوجد رجلين بملامح غريبة، أحدهم يختفي خلف نظارة سوداء أنيقة، والثاني يحمل منشاره وقد بدأ يقص الشجرة من غصنها الأيمن ..

بدأ يصرخ فيهما بعصبية .. ولما أنهكه التعب، قال لهما أرجوكما، خذ االشجرة بأكملها، ولكن أتركا هذا الغصن لي .. نظرا إليه بترفع، كما لو أنه مخلوق انبثق فجأة من أعماق التاريخ.

وقبل أن يسقط ثانية، أخذ يضغط على كتفه لوقف النزيف ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق