منذ أن اندلع الصراع فوق هذي الأرض والشعب الفلسطيني يتعامل مع القيادة بنوع من الرمزية، وكثيرا ما كانت هذه الرمزية تطغى على غيرها من معاني القيادة، وتجعل من القائد زعيما، يهيمن على الحياة السياسية؛ خاصة وأن القائد كان يفرض نفسه بنضالاته وتضحياته، ويستمد شرعيته من شرعية الكفاح الذي يخوضه، ثم يسندها بقوة القبيلة.
ياسر عرفات استمد شرعيته وصنع رمزيته من مواقفه الشجاعة التي خبرها الشعب في الشدائد في زمن الثورة، ثم أضاف عليها من خلال انتخابه بشكل مباشر رئيسا للسلطة. أما محمود عباس - الذي لا يدّعي أنه كان مقاتلا – فقد استمد شرعيته من خلال الانتخابات المباشرة. صحيح أن الفترة الدستورية لرئاسته قد انقضت؛ لكن هذا موضوع آخر، يجعل من شرعية كل القيادات (الرئاسة، الحكومة، المجلس التشريعي) موضع تساؤل، لأن فتراتها أيضا قد انقضت.
ومنذ توليه الرئاسة سعى "محمود عباس" بأن يخط لنفسه نهجا متميزا عن سلفه "عرفات"، دون أن يعني ذلك انفصاله عن الحالة السياسية والثورية التي كان يمثّلها عرفات، أو تنكره لها؛ فلكل واحد منهم أسلوبه المختلف في القيادة. لكن من الواضح أن عباس لا يسعى لفرض نفسه زعيما، بل على العكس، فهو لا يتوقف عن إعطاء الإشارات التي تؤكد ذلك، وأنه يعمل على تخليص الرئاسة من ممارسات القيادة الأبوية الرعوية، وتكريس عمل ونهج المؤسسات عوضا عن ذلك.
لكن قطاعات واسعة من شعبنا ما زالت (حتى في عقلها الباطن) تحيط الرئيس بهالات الزعامة، وتمنحه من الرمزية بما هو أكثر مما يمثله حقيقة، بما في ذلك ألد خصومه ومعارضيه. فلذلك رأينا حجم المبالغة والتهويل في ردود الأفعال على تصريحات الرئيس عباس الأخيرة، وتحميلها أكثر مما تحتمل، ما يدل على أن هناك من يصعب عليه التمييز بين الشخص والمنصب وبين الرمز والقضية. علما بأنه في الدول المتحضرة والديمقراطية يعبّر الرئيس عن مواقفه السياسية أو عن رؤيته الشخصية بكل أريحية، ولا يتعاطى مؤيدوه مع تصريحاته على أنها منزلة ومقدسة، ولا معارضوه يعتبرونها نهاية الكون؛ بل تأخذ حجمها الطبيعي دون تهويل أو تزوير، فلا المعارضة تخوِّن وتكفِّر، ولا الدولة تقمع وتضطهد.
فماذا قال عباس في تصريحه الذي أثار موجة عارمة من السخط ؟ لقد قال: "أريد أن أرى صفد، من حقي أن أراها .. لا أن أعيش فيها... فلسطين الآن في نظري هي حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها. هذا هو الوضع الآن وإلى الأبد. هذه هي فلسطين في نظري. إنني لاجئ لكنني أعيش في رام الله. أعتقد أن الضفة الغربية وغزة هي فلسطين والأجزاء الأخرى هي إسرائيل".
ما الجديد في هذا التصريح ؟ أليس هذا بالضبط هو ملخص ما نصت عليه اتفاقية أوسلو ؟ أليس هذا مضمون وجوهر البرنامج السياسي لكل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي فتح وحماس ؟ وقبل أن يُصاب البعض بالصدمة وخيبة الأمل تعالوا لنراجع برامج الفصائل الفلسطينية جميعها، ونحلل تصريحات قادتها من أقصى اليمين لأقصى اليسار، سواء دعاة المفاوضات والحل السلمي، أم دعاة المقاومة والعمليات الاستشهادية. سنجد أن خلاصة تلك البرامج ونتيجتها العملية لا تختلف عما قاله أبو مازن إلا في شدة الوضوح والصراحة.
وأيضا قال أبو مازن: "لا نريد أن نستخدم الإرهاب، لا نريد أن نستخدم القوة، لا نريد أن نستخدم الأسلحة، نريد أن نستخدم الدبلوماسية، نريد أن نستخدم السياسة، نريد أن نستخدم المفاوضات، نريد أن نستخدم المقاومة السلمية".
أبو مازن كان واضحاً منذ البداية أنه ليس مع انتفاضة مسلَّحة الآن، مستفيداً من التجارب المريرة لانتفاضة الأقصى وما تخللها من أخطاء، ومنطلِقاً من فهمه الخاص لمعطيات الواقع الحالي. وقد بـرّر موقفه هذا في أكثر من مناسبة بأنه يتخذ هذا الموقف من باب حرصه على عدم إراقة الدماء الفلسطينية، وعدم تعريض الشعب لمزيد من الخسائر، خاصة في ظل التفوق الإسرائيلي، وعدم توقعه الحصول على أي دعم عربي حقيقي، وبسبب حالة الضعف العربي والدولي. لكنه بالمقابل دعا إلى تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، لأنّ هذه المقاومة الشعبية التي بدأت نواتها في العديد من القرى والبلدات هي بداية مشروع صدام حقيقي ومؤثر مع الاحتلال، وهي بداية الطريق الحقيقي الفعّال لمواجهة إسرائيل. خاصة بعد توقف المفاوضات وتوقف المقاومة المسلحة. وإذا كان هدف تحقيق دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 67 وعاصمتها القدس مع حل عادل للاجئين يتحقق من خلال النضال السياسي والدبلوماسي المسنود بالمقاومة الشعبية، مع تجنب ويلات الحروب والدمار الذي ينجم عنها .. فما المانع في ذلك ؟
عندما تجوّل أبو مازن في غزة في أثناء حملته الانتخابية قال بكل صراحة إنه ضد عسكرة الانتفاضة، ووصف الصواريخ بأنها عبثية، وحينها جوبه تصريحه هذا بموجة عارمة من الانتقادات، لكن "محمود الزهار" القيادي البارز في حماس وصف نفس الصواريخ فيما بعد بأنها "خيانية" و "ليست وطنية" و "مشبوهة"، وأن الهدف من إطلاقها إحراج حكومة حماس ...
احترم صراحة وصدق ووضوح الرئيس عباس عندما يخاطب شعبه، فهذا أفضل من الذين يشبعونه وعودا ويهلكونه بالشعارات؛ لكني استغرب واستهجن صراحته عندما يخاطب العدو؛ وكثيرا ما كنت أتساءل ما هي الفائدة من تصريحات معينة لم يكن مطلوبا منه كل هذا الوضوح. فهل هي "شطارة" أن يرسم حدود فلسطين كما تنص عليها معاهدات جائرة فُرضت علينا ضمن سياقات تاريخية معينة، وهل يجوز له الحديث عن مسقط رأسه "صفد" متناسيا أن الموضوع ليس شخصيا طالما هو في منصب الرئيس، وأن ما يقوله يمكن استخدامه وتوظيفه على أكثر من نحو. وهل من الحكمة طمأنة إسرائيل بأن الشعب الفلسطيني لن يخوض أي انتفاضة ؟؟ ألم يكن بوسعه التهرب والمراوغة من الأسئلة المحرجة ؟؟ ألا يعلم أن تصريحاته لا تُحسب عليه فقط؛ بل وعلى فتح بشكل خاص ؟؟ خاصة وأن آرائه ليست كلها موضع إجماع واتفاق فتحاوي.
وهل على القائد السياسي البارع أن يكون صادقا وفي منتهى الوضوح في سياساته الخارجية ؟ ولماذا الاصرار على تقديم تنازلات مجانية في محاولة لزرع الثقة مع الإسرائيليين والمجتمع الدولي ؟؟ هل هذه التصريحات تخدم الأهداف العليا، أم تعطي الخصوم الداخليين والخارجيين الفرصة للتشكيك بالموقف والمزاودة عليه، وتجبرنا على الدخول في معارك جانبية نحن في غنى عنها ؟ ألا تؤدي هذه التصريحات إلى مزيد من الإرباك في الساحة الداخلية، وتساعد برامج الأعداء في التخلص من القيادة ؟
هذه الأسئلة وغيرها يمكن لأي فلسطيني أن يجيب عليها بعشرات الإجابات المتباينة؛ سيّما وأن شعبنا الفلسطيني يمتلك عقلا نقديا يجعل من الإجماع على شيء ما أمراً يشبه المستحيل. البعض اعتبر أن أبو مازن لم يضف أي جديد في تصريحه الأخير للقناة الإسرائيلية الثانية، وأن المختلف هذه المرة شدة الوضوح. ومثل هذه التصريحات وغيرها يمكن أن تُقرأ على أكثر من وجه، وتحتمل تفسيرات مختلفة، بل ومتناقضة؛ ذلك لأن الأمر يعتمد بشكل كبير على الموقف الشخصي من عباس، والحكم المسبق الصادر بحقه؛ فمن كان مؤيدا له سيتفهم دوافع وحيثيات التصريح، وسيحمله على نحو إيجابي. أما من كان معارضا له فلن تنفع معه كل التفسيرات والتبريرات، وسيزداد موقف منه سلبية وعداء. وبالطبع هناك فئة من الناس لا تحمل موقفا مسبقا من عباس، أو على الأقل يمكن أن تغير موقفها تبعا للحالة، وأولئك يكونون عادة ضحايا التضليل الإعلامي والحملات الديماغوجية.
هذا العقل النقدي الذي يتمتع به الفلسطينيون ضروري ومهم، لأنه يضمن محاسبة المخطئ ويضعه عند حده، لكن، وللأسف أحيانا يكون النقد أداة لتصيّد الأخطاء لدوافع غير بريئة، ونوع من الانتهازية السياسية. لذا يجب على هذا العقل النقدي التحقق وتوخي الموضوعية وأن يكون عادلا في أحكامه. خاصة وأنه في مثل هذه الحالات يستغل الخصوم الفرصة فيشحذون أقلامهم، كما يستغلها المنافقون لسوق التبريرات الساذجة، في الدفاع عن الرئيس، أو لقمع المعارضين، تحت ذريعة المؤامرة الدولية التي تستهدف رأس النظام، كما اعتادت الأنظمة العربية الفاسدة في تبرير قمعها لشعوبها.
ومع علمنا وقناعتنا بأن الرئيس عباس مستهدَف في هذه المرحلة من قِبَل التحالف اليميني الإسرائيلي، الذي يستعد للإنقضاض على ما تبقّى من مشروعنا الوطني، وتصفية القضية الفلسطينية من خلال الإجهاز على رأس الشرعية. ومع معرفتنا الأكيدة بأن الإدارة الأمريكية تضغط على القيادة الفلسطينية وتبتزها وتهددها بالعقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية والفيتو، مع تهديدات ورسائل لعباس شخصيا بأنه مصيره سيكون مشابها لمصير عرفات. ومع قناعتنا أيضا بأن الخصوم السياسيين في الساحة الفلسطينية ينتظرون فرصة الإطاحة برأس الشرعية الفلسطينية لوراثة السلطة والمنظمة .. رغم كل ذلك، لا نرى غضاضة في انتقاد الرئيس، في هذا الظرف بالذات، وفي أي ظرف آخر .. ليس من منطلق الحق في حرية التعبير وحسب؛ بل ولأن النقد الذاتي يقوّي الجبهة الداخلية ويحصّنها.
صحيح أن الرئيس أبو مازن أظهر حرصا على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وأنه خيّب آمال أمريكا وإسرائيل ولم يوقّع على حل إنهاء الصراع، وبدا في أكثر من مرة صلبا كسلفه عرفات، وإنه ما زال رافضا العودة للمفاوضات إلا بالشروط التي أوضحها، وأنه أكد في خطابه من على منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على الثوابت الوطنية، معتبرا إياها جوهر وصُلب برنامجه السياسي، خاصة في موضوع حق العودة استناداً إلى القرار الأممي 194. وأنه مصمم على التوجه للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف عالمي بدولة فلسطين بالرغم التهديدات الأمريكية السافرة. وعلى ما يبدو أن هذا القرار القيادي الجريء الذي تعارضه أميركا وإسرائيل علنا، وبعض الأطراف الفلسطينية بشكل غير مباشر، هو بيت القصيد بالاستهداف؛ لأن نجاح مثل هذه الخطوة يشكل ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلي، ومن الممكن أن تفهمها حكومة حماس على أنها تفوُّق عليها، وتعزيز لمكانة عباس على حساب مكانتها الآخذة بالتراجع، وإبراز لفشل كل الذين يخططون لتصفية القضية الفلسطينية، أو لتكريس الانقسام.
وصحيح أنه في عهد أبو مازن جرت الانتخابات التشريعية والبلدية، وأنه كانا راغبا بتكريس نهج الانتخابات وتداول السلطة بصورة ديمقراطية حضارية، وأنه عندما دان الأمر لغيره توقفت الانتخابات ودخلت العملية الديمقراطية في غيبوبة. وصحيح أنه في عهده تم عقد المؤتمر السادس لفتح رغم معارضة تيارات كثيرة بحجة أنه سيعقد في أرض فلسطينية "محتلة"،
وصحيح أن عباس حاول جهده لفرض سيادة القانون والنظام، ونهج العمل المؤسسي الخالي من الارتجالية والفوضى والشخصنة، وأنه نجح إلى حد كبير في القضاء على مظاهر الفلتان الأمني وفوضى السلاح، وأنه في عهده نالت فلسطين عضوية كاملة في اليونسكو، وزاد عدد الدول المعترفة بفلسطين كدولة واقعة تحت الاحتلال.
ورغم ذلك، في عهد أبو مازن حصل الانقسام، وخسرنا غزة بقضها وقضيضها، ومُنيت فتح بهزيمة انتخابية ساحقة، وقبل أن تستفيق منها منيت بهزيمة أخرى "عسكرية"، في المرتين كانت على يد الأخوة في حماس. وفي عهده تراجعت فتح، وترهلت أكثر، وضعفت إلى حد يثير الشفقة، وصارت "ملطشة" يمكن لأي عابر طريق أن يزاود عليها، وأن يشمت بحالتها المزرية.
في عهده - ورغم كل المحاولات الجادة لاستئصال الفساد – ما زال الفساد يطل برأسه من حين لآخر، مثيرا موجات متلاحقة من الفضائح المخزية. وفي عهده تعثرت المفاوضات وتوقفت نهائيا، وأُقفل الأفق السياسي كليا، ووصلت عملية السلام نهايتها الحزينة، (لأن إسرائيل لا تريد سلاما، بل تريد استسلام). وفي عهده توقفت كافة أشكال المقاومة المسلحة، بعد أن جرد الكتائب من أسلحتها، وأحال المقاتلين إلى التقاعد المبكر، وحوّل الفدائيين إلى رهائن للبنوك. وأعلن بالفم الملآن أنه لن يسمح بأي انتفاضة طالما هو باقٍ في منصبه.
وفي عهده لم نعد نعرف "فتح"، هل هي حركة تحرر وطني ؟ أم حكومة تسيير أعمال ؟ أم مجرد حزب سياسي يسعى لتشكيل حكومة ؟ أم شركة وطنية تتولى عمليات البناء والإعمار ؟ ورغم جهوده الحثيثة في عزل تنظيم فتح عن المؤسسة الأمنية، إلا أننا لم نعد قادرين على التمييز هل فتح حركة فدائية، أم مؤسسة أمنية تعجز عن حماية الشعب عند تعرضه لأي عدوان إسرائيلي ؟؟ ولم نعد نعرف هل نحن في مرحلة مواجهة واشتباك مع المشروع الصهيوني ؟ أم في مرحلة صمود وانتظار لما سيأتي لاحقا ؟؟
وفي عهده تعثرت مساعي إصلاح منظمة التحرير، وضعفت مكانتها أكثر في الحياة السياسية الفلسطينية، بل وحتى في وجدان وضمير الشعب، وصارت مسألة وحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني موضع شك وتساؤل. ولم يعد لمؤسسات المنظمة المكانة والتأثير التي كانت عليها سابقا. وابتلعت السلطة المنظمة، واختفت الحدود الفاصلة بينهما، وبدلا من أن تمثل السلطة نقطة تحول نحو الدولة ورافعة للعمل الوطني، صارت عبئا سياسيا من خلالها يتم ابتزاز الشعب لدفع رواتب الموظفين.
في عهده تراجعت القضية الفلسطينية إلى حضيض غير مسبوق، حتى أنها لم تعد على جدول مرشحي الرئاسة الأمريكية لأول مرة منذ عقود، وفي عهد لم نعد نجرؤ على انتقاد دويلة مثل قطر، وصارت "الجزيرة" تسهم في صياغة الوعي الفلسطيني أكثر مما تفعل الفصائل الفدائية مجتمعة.
ولكن، وللأمانة والتاريخ، من الظلم أن نحمّل عباس مسؤولية كل ما سبق، وما سيأتي .. فهذا تجني على الحقيقة .. فيجب أن لا يغيب عن بالنا أن عباس لا يمسك بكل الخيوط بيده، وهناك قوى أخرى (داخلية وخارجية) مؤثرة، وهناك لاعبين كبار سياسيين واقتصاديين ورجال أعمال، لا يعملون تحت إمرة وسيطرة عباس. وحتى نكون موضوعيين وعادلين، يجب أن لا نتنكر لمحاولاته المخلصة في تقديم الأفضل، رغم الصعاب والتحديات .. لكن من المعروف أن المسؤولية تزداد مع زيادة الموقع والمنصب؛ وبالتالي فإن الرئيس بصفته الاعتبارية وموقعه التنظيمي يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية، ثم تتحمل اللجنة المركزية لفتح مسؤولية ما يحصل، وصولا إلى أصغر كادر فتحاوي، وإلى كل مواطن فلسطيني .. ألم يقل رسولنا الكريم "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته".
أعلن أبو مازن أكثر من مرة أنه زاهد في السلطة، وأنه لن يترشح لأي منصب قيادي من جديد، وللتأكيد على ذلك دعا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، ولو كانت حماس سمحت بإجراء الانتخابات في موعدها الطبيعي لكنا اليوم على أبواب انتخاب الرئيس الثاني بعد أبو مازن .. نتمنى من الرئيس عباس أن يظل مصمما على موقفه، وأن لا يرضخ لأي ضغوطات لترشيح نفسه مرة ثانية، ونتمنى على حماس السماح بإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن .. لأننا بالفعل نريد قيادة جديدة للشعب الفلسطيني .. وفتح بالذات - لأنها حركة تحرر وطني - تحتاج قائدا فدائيا مقاتلا يركب البحر الهائج ولا يهاب أمواجه .. شعبنا يحتاج قائدا يجمع بين قلب أبو عمار الشجاع، وروح أبو جهاد الفدائية، وحكمة جورج حبش، وصراحة أبو مازن، واستعداد أحمد ياسين للشهادة.
ياسر عرفات استمد شرعيته وصنع رمزيته من مواقفه الشجاعة التي خبرها الشعب في الشدائد في زمن الثورة، ثم أضاف عليها من خلال انتخابه بشكل مباشر رئيسا للسلطة. أما محمود عباس - الذي لا يدّعي أنه كان مقاتلا – فقد استمد شرعيته من خلال الانتخابات المباشرة. صحيح أن الفترة الدستورية لرئاسته قد انقضت؛ لكن هذا موضوع آخر، يجعل من شرعية كل القيادات (الرئاسة، الحكومة، المجلس التشريعي) موضع تساؤل، لأن فتراتها أيضا قد انقضت.
ومنذ توليه الرئاسة سعى "محمود عباس" بأن يخط لنفسه نهجا متميزا عن سلفه "عرفات"، دون أن يعني ذلك انفصاله عن الحالة السياسية والثورية التي كان يمثّلها عرفات، أو تنكره لها؛ فلكل واحد منهم أسلوبه المختلف في القيادة. لكن من الواضح أن عباس لا يسعى لفرض نفسه زعيما، بل على العكس، فهو لا يتوقف عن إعطاء الإشارات التي تؤكد ذلك، وأنه يعمل على تخليص الرئاسة من ممارسات القيادة الأبوية الرعوية، وتكريس عمل ونهج المؤسسات عوضا عن ذلك.
لكن قطاعات واسعة من شعبنا ما زالت (حتى في عقلها الباطن) تحيط الرئيس بهالات الزعامة، وتمنحه من الرمزية بما هو أكثر مما يمثله حقيقة، بما في ذلك ألد خصومه ومعارضيه. فلذلك رأينا حجم المبالغة والتهويل في ردود الأفعال على تصريحات الرئيس عباس الأخيرة، وتحميلها أكثر مما تحتمل، ما يدل على أن هناك من يصعب عليه التمييز بين الشخص والمنصب وبين الرمز والقضية. علما بأنه في الدول المتحضرة والديمقراطية يعبّر الرئيس عن مواقفه السياسية أو عن رؤيته الشخصية بكل أريحية، ولا يتعاطى مؤيدوه مع تصريحاته على أنها منزلة ومقدسة، ولا معارضوه يعتبرونها نهاية الكون؛ بل تأخذ حجمها الطبيعي دون تهويل أو تزوير، فلا المعارضة تخوِّن وتكفِّر، ولا الدولة تقمع وتضطهد.
فماذا قال عباس في تصريحه الذي أثار موجة عارمة من السخط ؟ لقد قال: "أريد أن أرى صفد، من حقي أن أراها .. لا أن أعيش فيها... فلسطين الآن في نظري هي حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها. هذا هو الوضع الآن وإلى الأبد. هذه هي فلسطين في نظري. إنني لاجئ لكنني أعيش في رام الله. أعتقد أن الضفة الغربية وغزة هي فلسطين والأجزاء الأخرى هي إسرائيل".
ما الجديد في هذا التصريح ؟ أليس هذا بالضبط هو ملخص ما نصت عليه اتفاقية أوسلو ؟ أليس هذا مضمون وجوهر البرنامج السياسي لكل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي فتح وحماس ؟ وقبل أن يُصاب البعض بالصدمة وخيبة الأمل تعالوا لنراجع برامج الفصائل الفلسطينية جميعها، ونحلل تصريحات قادتها من أقصى اليمين لأقصى اليسار، سواء دعاة المفاوضات والحل السلمي، أم دعاة المقاومة والعمليات الاستشهادية. سنجد أن خلاصة تلك البرامج ونتيجتها العملية لا تختلف عما قاله أبو مازن إلا في شدة الوضوح والصراحة.
وأيضا قال أبو مازن: "لا نريد أن نستخدم الإرهاب، لا نريد أن نستخدم القوة، لا نريد أن نستخدم الأسلحة، نريد أن نستخدم الدبلوماسية، نريد أن نستخدم السياسة، نريد أن نستخدم المفاوضات، نريد أن نستخدم المقاومة السلمية".
أبو مازن كان واضحاً منذ البداية أنه ليس مع انتفاضة مسلَّحة الآن، مستفيداً من التجارب المريرة لانتفاضة الأقصى وما تخللها من أخطاء، ومنطلِقاً من فهمه الخاص لمعطيات الواقع الحالي. وقد بـرّر موقفه هذا في أكثر من مناسبة بأنه يتخذ هذا الموقف من باب حرصه على عدم إراقة الدماء الفلسطينية، وعدم تعريض الشعب لمزيد من الخسائر، خاصة في ظل التفوق الإسرائيلي، وعدم توقعه الحصول على أي دعم عربي حقيقي، وبسبب حالة الضعف العربي والدولي. لكنه بالمقابل دعا إلى تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، لأنّ هذه المقاومة الشعبية التي بدأت نواتها في العديد من القرى والبلدات هي بداية مشروع صدام حقيقي ومؤثر مع الاحتلال، وهي بداية الطريق الحقيقي الفعّال لمواجهة إسرائيل. خاصة بعد توقف المفاوضات وتوقف المقاومة المسلحة. وإذا كان هدف تحقيق دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 67 وعاصمتها القدس مع حل عادل للاجئين يتحقق من خلال النضال السياسي والدبلوماسي المسنود بالمقاومة الشعبية، مع تجنب ويلات الحروب والدمار الذي ينجم عنها .. فما المانع في ذلك ؟
عندما تجوّل أبو مازن في غزة في أثناء حملته الانتخابية قال بكل صراحة إنه ضد عسكرة الانتفاضة، ووصف الصواريخ بأنها عبثية، وحينها جوبه تصريحه هذا بموجة عارمة من الانتقادات، لكن "محمود الزهار" القيادي البارز في حماس وصف نفس الصواريخ فيما بعد بأنها "خيانية" و "ليست وطنية" و "مشبوهة"، وأن الهدف من إطلاقها إحراج حكومة حماس ...
احترم صراحة وصدق ووضوح الرئيس عباس عندما يخاطب شعبه، فهذا أفضل من الذين يشبعونه وعودا ويهلكونه بالشعارات؛ لكني استغرب واستهجن صراحته عندما يخاطب العدو؛ وكثيرا ما كنت أتساءل ما هي الفائدة من تصريحات معينة لم يكن مطلوبا منه كل هذا الوضوح. فهل هي "شطارة" أن يرسم حدود فلسطين كما تنص عليها معاهدات جائرة فُرضت علينا ضمن سياقات تاريخية معينة، وهل يجوز له الحديث عن مسقط رأسه "صفد" متناسيا أن الموضوع ليس شخصيا طالما هو في منصب الرئيس، وأن ما يقوله يمكن استخدامه وتوظيفه على أكثر من نحو. وهل من الحكمة طمأنة إسرائيل بأن الشعب الفلسطيني لن يخوض أي انتفاضة ؟؟ ألم يكن بوسعه التهرب والمراوغة من الأسئلة المحرجة ؟؟ ألا يعلم أن تصريحاته لا تُحسب عليه فقط؛ بل وعلى فتح بشكل خاص ؟؟ خاصة وأن آرائه ليست كلها موضع إجماع واتفاق فتحاوي.
وهل على القائد السياسي البارع أن يكون صادقا وفي منتهى الوضوح في سياساته الخارجية ؟ ولماذا الاصرار على تقديم تنازلات مجانية في محاولة لزرع الثقة مع الإسرائيليين والمجتمع الدولي ؟؟ هل هذه التصريحات تخدم الأهداف العليا، أم تعطي الخصوم الداخليين والخارجيين الفرصة للتشكيك بالموقف والمزاودة عليه، وتجبرنا على الدخول في معارك جانبية نحن في غنى عنها ؟ ألا تؤدي هذه التصريحات إلى مزيد من الإرباك في الساحة الداخلية، وتساعد برامج الأعداء في التخلص من القيادة ؟
هذه الأسئلة وغيرها يمكن لأي فلسطيني أن يجيب عليها بعشرات الإجابات المتباينة؛ سيّما وأن شعبنا الفلسطيني يمتلك عقلا نقديا يجعل من الإجماع على شيء ما أمراً يشبه المستحيل. البعض اعتبر أن أبو مازن لم يضف أي جديد في تصريحه الأخير للقناة الإسرائيلية الثانية، وأن المختلف هذه المرة شدة الوضوح. ومثل هذه التصريحات وغيرها يمكن أن تُقرأ على أكثر من وجه، وتحتمل تفسيرات مختلفة، بل ومتناقضة؛ ذلك لأن الأمر يعتمد بشكل كبير على الموقف الشخصي من عباس، والحكم المسبق الصادر بحقه؛ فمن كان مؤيدا له سيتفهم دوافع وحيثيات التصريح، وسيحمله على نحو إيجابي. أما من كان معارضا له فلن تنفع معه كل التفسيرات والتبريرات، وسيزداد موقف منه سلبية وعداء. وبالطبع هناك فئة من الناس لا تحمل موقفا مسبقا من عباس، أو على الأقل يمكن أن تغير موقفها تبعا للحالة، وأولئك يكونون عادة ضحايا التضليل الإعلامي والحملات الديماغوجية.
هذا العقل النقدي الذي يتمتع به الفلسطينيون ضروري ومهم، لأنه يضمن محاسبة المخطئ ويضعه عند حده، لكن، وللأسف أحيانا يكون النقد أداة لتصيّد الأخطاء لدوافع غير بريئة، ونوع من الانتهازية السياسية. لذا يجب على هذا العقل النقدي التحقق وتوخي الموضوعية وأن يكون عادلا في أحكامه. خاصة وأنه في مثل هذه الحالات يستغل الخصوم الفرصة فيشحذون أقلامهم، كما يستغلها المنافقون لسوق التبريرات الساذجة، في الدفاع عن الرئيس، أو لقمع المعارضين، تحت ذريعة المؤامرة الدولية التي تستهدف رأس النظام، كما اعتادت الأنظمة العربية الفاسدة في تبرير قمعها لشعوبها.
ومع علمنا وقناعتنا بأن الرئيس عباس مستهدَف في هذه المرحلة من قِبَل التحالف اليميني الإسرائيلي، الذي يستعد للإنقضاض على ما تبقّى من مشروعنا الوطني، وتصفية القضية الفلسطينية من خلال الإجهاز على رأس الشرعية. ومع معرفتنا الأكيدة بأن الإدارة الأمريكية تضغط على القيادة الفلسطينية وتبتزها وتهددها بالعقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية والفيتو، مع تهديدات ورسائل لعباس شخصيا بأنه مصيره سيكون مشابها لمصير عرفات. ومع قناعتنا أيضا بأن الخصوم السياسيين في الساحة الفلسطينية ينتظرون فرصة الإطاحة برأس الشرعية الفلسطينية لوراثة السلطة والمنظمة .. رغم كل ذلك، لا نرى غضاضة في انتقاد الرئيس، في هذا الظرف بالذات، وفي أي ظرف آخر .. ليس من منطلق الحق في حرية التعبير وحسب؛ بل ولأن النقد الذاتي يقوّي الجبهة الداخلية ويحصّنها.
صحيح أن الرئيس أبو مازن أظهر حرصا على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وأنه خيّب آمال أمريكا وإسرائيل ولم يوقّع على حل إنهاء الصراع، وبدا في أكثر من مرة صلبا كسلفه عرفات، وإنه ما زال رافضا العودة للمفاوضات إلا بالشروط التي أوضحها، وأنه أكد في خطابه من على منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على الثوابت الوطنية، معتبرا إياها جوهر وصُلب برنامجه السياسي، خاصة في موضوع حق العودة استناداً إلى القرار الأممي 194. وأنه مصمم على التوجه للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف عالمي بدولة فلسطين بالرغم التهديدات الأمريكية السافرة. وعلى ما يبدو أن هذا القرار القيادي الجريء الذي تعارضه أميركا وإسرائيل علنا، وبعض الأطراف الفلسطينية بشكل غير مباشر، هو بيت القصيد بالاستهداف؛ لأن نجاح مثل هذه الخطوة يشكل ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلي، ومن الممكن أن تفهمها حكومة حماس على أنها تفوُّق عليها، وتعزيز لمكانة عباس على حساب مكانتها الآخذة بالتراجع، وإبراز لفشل كل الذين يخططون لتصفية القضية الفلسطينية، أو لتكريس الانقسام.
وصحيح أنه في عهد أبو مازن جرت الانتخابات التشريعية والبلدية، وأنه كانا راغبا بتكريس نهج الانتخابات وتداول السلطة بصورة ديمقراطية حضارية، وأنه عندما دان الأمر لغيره توقفت الانتخابات ودخلت العملية الديمقراطية في غيبوبة. وصحيح أنه في عهده تم عقد المؤتمر السادس لفتح رغم معارضة تيارات كثيرة بحجة أنه سيعقد في أرض فلسطينية "محتلة"،
وصحيح أن عباس حاول جهده لفرض سيادة القانون والنظام، ونهج العمل المؤسسي الخالي من الارتجالية والفوضى والشخصنة، وأنه نجح إلى حد كبير في القضاء على مظاهر الفلتان الأمني وفوضى السلاح، وأنه في عهده نالت فلسطين عضوية كاملة في اليونسكو، وزاد عدد الدول المعترفة بفلسطين كدولة واقعة تحت الاحتلال.
ورغم ذلك، في عهد أبو مازن حصل الانقسام، وخسرنا غزة بقضها وقضيضها، ومُنيت فتح بهزيمة انتخابية ساحقة، وقبل أن تستفيق منها منيت بهزيمة أخرى "عسكرية"، في المرتين كانت على يد الأخوة في حماس. وفي عهده تراجعت فتح، وترهلت أكثر، وضعفت إلى حد يثير الشفقة، وصارت "ملطشة" يمكن لأي عابر طريق أن يزاود عليها، وأن يشمت بحالتها المزرية.
في عهده - ورغم كل المحاولات الجادة لاستئصال الفساد – ما زال الفساد يطل برأسه من حين لآخر، مثيرا موجات متلاحقة من الفضائح المخزية. وفي عهده تعثرت المفاوضات وتوقفت نهائيا، وأُقفل الأفق السياسي كليا، ووصلت عملية السلام نهايتها الحزينة، (لأن إسرائيل لا تريد سلاما، بل تريد استسلام). وفي عهده توقفت كافة أشكال المقاومة المسلحة، بعد أن جرد الكتائب من أسلحتها، وأحال المقاتلين إلى التقاعد المبكر، وحوّل الفدائيين إلى رهائن للبنوك. وأعلن بالفم الملآن أنه لن يسمح بأي انتفاضة طالما هو باقٍ في منصبه.
وفي عهده لم نعد نعرف "فتح"، هل هي حركة تحرر وطني ؟ أم حكومة تسيير أعمال ؟ أم مجرد حزب سياسي يسعى لتشكيل حكومة ؟ أم شركة وطنية تتولى عمليات البناء والإعمار ؟ ورغم جهوده الحثيثة في عزل تنظيم فتح عن المؤسسة الأمنية، إلا أننا لم نعد قادرين على التمييز هل فتح حركة فدائية، أم مؤسسة أمنية تعجز عن حماية الشعب عند تعرضه لأي عدوان إسرائيلي ؟؟ ولم نعد نعرف هل نحن في مرحلة مواجهة واشتباك مع المشروع الصهيوني ؟ أم في مرحلة صمود وانتظار لما سيأتي لاحقا ؟؟
وفي عهده تعثرت مساعي إصلاح منظمة التحرير، وضعفت مكانتها أكثر في الحياة السياسية الفلسطينية، بل وحتى في وجدان وضمير الشعب، وصارت مسألة وحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني موضع شك وتساؤل. ولم يعد لمؤسسات المنظمة المكانة والتأثير التي كانت عليها سابقا. وابتلعت السلطة المنظمة، واختفت الحدود الفاصلة بينهما، وبدلا من أن تمثل السلطة نقطة تحول نحو الدولة ورافعة للعمل الوطني، صارت عبئا سياسيا من خلالها يتم ابتزاز الشعب لدفع رواتب الموظفين.
في عهده تراجعت القضية الفلسطينية إلى حضيض غير مسبوق، حتى أنها لم تعد على جدول مرشحي الرئاسة الأمريكية لأول مرة منذ عقود، وفي عهد لم نعد نجرؤ على انتقاد دويلة مثل قطر، وصارت "الجزيرة" تسهم في صياغة الوعي الفلسطيني أكثر مما تفعل الفصائل الفدائية مجتمعة.
ولكن، وللأمانة والتاريخ، من الظلم أن نحمّل عباس مسؤولية كل ما سبق، وما سيأتي .. فهذا تجني على الحقيقة .. فيجب أن لا يغيب عن بالنا أن عباس لا يمسك بكل الخيوط بيده، وهناك قوى أخرى (داخلية وخارجية) مؤثرة، وهناك لاعبين كبار سياسيين واقتصاديين ورجال أعمال، لا يعملون تحت إمرة وسيطرة عباس. وحتى نكون موضوعيين وعادلين، يجب أن لا نتنكر لمحاولاته المخلصة في تقديم الأفضل، رغم الصعاب والتحديات .. لكن من المعروف أن المسؤولية تزداد مع زيادة الموقع والمنصب؛ وبالتالي فإن الرئيس بصفته الاعتبارية وموقعه التنظيمي يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية، ثم تتحمل اللجنة المركزية لفتح مسؤولية ما يحصل، وصولا إلى أصغر كادر فتحاوي، وإلى كل مواطن فلسطيني .. ألم يقل رسولنا الكريم "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته".
أعلن أبو مازن أكثر من مرة أنه زاهد في السلطة، وأنه لن يترشح لأي منصب قيادي من جديد، وللتأكيد على ذلك دعا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، ولو كانت حماس سمحت بإجراء الانتخابات في موعدها الطبيعي لكنا اليوم على أبواب انتخاب الرئيس الثاني بعد أبو مازن .. نتمنى من الرئيس عباس أن يظل مصمما على موقفه، وأن لا يرضخ لأي ضغوطات لترشيح نفسه مرة ثانية، ونتمنى على حماس السماح بإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن .. لأننا بالفعل نريد قيادة جديدة للشعب الفلسطيني .. وفتح بالذات - لأنها حركة تحرر وطني - تحتاج قائدا فدائيا مقاتلا يركب البحر الهائج ولا يهاب أمواجه .. شعبنا يحتاج قائدا يجمع بين قلب أبو عمار الشجاع، وروح أبو جهاد الفدائية، وحكمة جورج حبش، وصراحة أبو مازن، واستعداد أحمد ياسين للشهادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق