أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أغسطس 03، 2012

الحمد لله


يقال أن لكل مقام مقال، ولكل حادثة حديث، وفي ثقافتنا المحلية لدينا عبارات معينة، نستخدم كل واحدة منها حسب المناسبة؛ ومن غير المقبول استخدام نفس العبارة في مناسبة مختلفة؛ فمثلا من غير اللائق أن تقول لمريض "إنا لله وإنا إليه راجعون"، لأنه سيتشاءم بالموت، أو أن تقول لطالب نجح للتو في التوجيهي "شكر الله سعيكم"، لأنه سيظن أن جهوده طوال السنة هي موضع سخرية، أو أن تقول في بيت عزاء لميت "مبروك وإنشاء الله المزيد"، أو أن تهنيء عروسين بقولك "لا حول ولا قوة إلا بالله"، أو أن تقول لمن تسبّب بحادث سير "تقبل الله طاعتكم"، أو أن تقول لجارك بدلا من صباح الخير "حسبنا الله ونعم الوكيل" ...
ومن قيمنا الحميدة قول "الحمد لله" في كل مناسبة، أي في السراء والضراء. ولكن هاتين الكلمتين يُساء استخدامهما  على نحو مروع، بمعنى أن البعض يقول "الحمد لله" في الموضع غير المناسب، وبشكل يدل على نقص في التربية، وعلى أنانية ونرجسية مفرطة، وعلى استخفاف بمعاناة الآخرين.
على سبيل المثال يرى البعض صورة مدينة دمرهتا الحرب، أو طفلة مشلولة، أو يتيم يبكي، أو مولود مشوه، أو شاب معاق، أو سيدة تشوه وجهها من حريق، أو إنسان معذب ومهان، أو أب يجر عربة بدلا من البغل لأنه على درجة شديدة من الفقر ويريد أن يطعم أطفاله، أو طفل يعمل في ظروف شاقة وقاسية، أو إنسان بُـترت أطرافه لتعرضه لقذيفة بينما كان نائما، أو رضيع يتوسل ثدي أمه القتيلة، أو أسرة تهدم بيتها في حرب غبية لا دخل لهم فيها، أو سجين فقد عقله من هول التعذيب، أو أطفال حُرموا من طفولتهم، أو عائلة فقدت ابنها الوحيد، أو أي مصيبة أخرى، أو أي صورة من ملايين الصور التي تعبر عن معاناة الإنسان وعذاباته ومآسيه .. أمام هذه الصورة تستفزني عبارات من مثل: "الحمد لله أننا بخير"، "الحمد لله الذي ابتلى غيرنا"، "الحمد لله على نعمه التي خصنا بها" .. إلخ
الاعتراض ليس على حمدِ الله؛ بل على المشاعر السلبية التي تعبر عن أنانية وذاتية وضيق أفق لمن يقول هذه العبارات، و"الحمدلله" عادة ما نقولها تعبيرا عن الفرح، وبالتالي إذا كان لا بدمن قول عبارات دينية فالأجدى أن نقول الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ثم ندعو الله أن يخفف عن هؤلاء معاناتهم ويكشف عنهم الكرب، والأهم من ذلك التفكير في كيفية مساعدة هؤلاء المعذبين، والتساؤل إذا كان هنالك ما يمكن عمله إزاء هذه الحالات، والبحث عن أسباب المعاناة، وإدانة من تسبب بها، وتقديم اقتراحات محددة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق