بدايةً، نبارك عملية تبادل الأسرى التي باتت تعرف بصفقة "شاليط"، أو صفقة الوفاء للأسرى كما تسميها حماس. حيث أن تحرر أي أسير فلسطيني هو بحد ذاته مكسب كبير لأهله ولشعبه، ونهنئ أهالي الأسرى الذين سيلاقون أحبّتهم بعد غياب طويل، كادوا خلاله أن يفقدوا الأمل برؤيتهم مرة ثانية. ولا شك أن هذه الصفقة ستُسجل لصالح حركة حماس، وستزيد من شعبيتها، وسيظل أهالي الأسرى ممتنين لها، وسيتذكر شعبنا أن حماس امتلكت الصبر وطول النفس في عمليات التفاوض الشاقة والمضنية لإتمام هذه الصفقة، وستظل أجهزة الأمن الإسرائيلية تعيش خيبتها بعد أن عجزت عن تحديد مكان تواجد الأسير الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، بالرغم من كل محاولاتها المحمومة لاختراق الدائرة الضيقة في حماس، ورغم رشوة العشرة ملايين دولار التي عرضتها إسرائيل على أي شخص يدلي بمعلومات توصل لشاليط، إلا أن حماس برعت بكل جدارة في إخفائه.
لا يمكن وصف مشاعر الفرحة لكل من سمع بنبأ تحرر ألف أسير وسبعة وعشرون أسيرة، نسبة كبيرة منهم من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، ممن أمضوا زهرة شبابهم وعصارة عمرهم في غياهب السجون، مضحّين بأغلى ما يملك الإنسان: حريته وأحلى أيام عمره. وهؤلاء كانوا يقضمون سنين عمرهم دون أي بارقة أمل بالإفراج عنهم. ولكن، بعد أن نستفيق من تأثير فرحنا الطاغي بتحررهم، لا بد من طرح بعض التساؤلات، وأرجوا أن لا تُفهم في إطار المناكفات الحزبية، أو للتعكير على أجواء البهجة، التي أطلت في سمائنا الملبدة في أكثر أيامها بالسواد.
أبرز هذه التساؤلات هو ما يتعلق بالتوقيت. مع تأكيدنا على أن أي وقت هو مناسب لتحرير الأسرى، ولكن في الحسابات السياسية يكتسب التوقيت عادة أهمية قصوى، فإذا عرفنا أن شروط ومواصفات الصفقة لم تكن أفضل ما عُرض على حماس، أو على الأقل لا تختلف عمّا سبق بشيء جوهري، فلماذا وقّع الطرفان بالأحرف الأولى على إبرام الصفقة في هذا الوقت بالتحديد !؟ سيما وأنه في العديد من المرات السابقة أُعلن عن قرب التوصل لإنجاز الصفقة، ثم نفاجأ بفشلها في اللحظات الأخيرة. وبما أن شروط الصفقة لم تتغير كثيرا عن المرات السابقة، فهذا يشير أن كلا الطرفين كانا ينتظران الفرصة السانحة والتوقيت المناسب لإخراجها حيز الوجود. ولمعرفة قيمة هذا التوقيت يجدر بنا إلقاء نظرة على المتغيرات السياسية التي ألمت بالمنطقة مؤخرا، وأثّرت على كل من إسرائيل وحماس بأوجه مختلفة.
بات واضحا لأي مراقب أن إسرائيل ومنذ سنوات، تعيش عزلة دولية آخذة بالتزايد، حتى أن وزير الدفاع الأمريكي الذي زار تل أبيب قبل أسبوعين أشار إلى المخاطر المتفاقمة التي تتعرض لها إسرائيل من جراء هذه العزلة، وعلى المستوى الداخلي فإن الأمر لا يقل سوءً، خاصة بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين في شوارع المدن الإسرائيلية، منادين بإسقاط حكومة نتنياهو، ومطالبين بالعدالة الاجتماعية، معتبرين أن تدهور أحوالهم المعاشية والاقتصادية سببه سياسة الاستيطان، وكانت قضية شاليط من بين القضايا الاجتماعية التي حركت الشارع الإسرائيلي، وعادة كانت إسرائيل تصدر أزمتها للخارج، وتختار الحروب في مثل هذه الحالات، لكن هذه المرة كانت يد إسرائيل مقيدة بسبب تطورات الوضع العربي والدولي. ومن ناحية ثانية فإن رئيس الشاباك الجديد - على خلاف سلفه - كان من الداعين لإتمام الصفقة، بعد توصله لقناعة باستحالة تحريره بطريقة ثانية، وأن فرص إعادته لأهله آخذة بالتناقص. وعلى المستوى الإستراتيجي اعتبر قادة الكيان الإسرائيلي أن خمسة سنوات تكفي لإيصال رسالة للمقاومة الفلسطينية، مفادها أن أسلوب خطف الجنود ليس طريقا سهلا لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، خاصة وأنها جعلت من هذه السنين كابوسا مرعبا عاشه الفلسطينيون، قتلت خلالها أكثر من 2500 شهيد، وأضعافهم من الجرحى والمعاقين، واعتقلت الآلاف، من بينهم عدد كبير من قادة حماس ونوابها في المجلس التشريعي، ودمرت البنية التحتية لقطاع غزة، وفرضت عليه حصارا خانقا، كل هذه الجرائم كانت تتم باسم الجندي شاليط، وتحت ذريعة البحث عنه.
في المشهد العربي والإقليمي، يبدو جليا مدى تأثير ثورات الربيع العربي والمتغيرات التي نجمت عنها والتي ما زالت مستمرة، أبرزها سقوط نظام مبارك، والثورة الشعبية في سوريا. كان نظام مبارك الأهم بين الحلفاء العرب في المنطقة، وكان يحسن الضغط على الطرف الفلسطيني (حماس) ويتساهل مع إسرائيل، دون أن يعود بذلك بأي منفعة سياسية ذات قيمة لحماس، بعد الثورة أخذت مصر تراقب الأوضاع عن كثب، إلى أن تمت عملية قتل رجال الأمن المصريين من قبل الجيش الإسرائيلي في سيناء، مما ولّد ردة فعل شعبية، تمثّلت بمهاجمة السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وهو ما أثّر سلباً على علاقات البلدين، مما دفع بإسرائيل لمحاولة ترميم العلاقة وإعادة الدفء لها، حتى لو كلفها ذلك بعض التنازلات، وما الاعتذار الذي قدمه باراك لمصر إلا جزءً من هذه الصفقة.
وليس بخافيا على أحد حساسية المشهد المصري وتعقّده بعد الثورة، حيث ما زال المجلس العسكري عاجزا عن إقناع الشارع المصري بأن ثورته قد حققت غايتها. وما زاد من تعقيد الموقف "مذبحة ماسبيرو" التي وضعت المجلس في موقف بالغ الحرج. على الرغم أن مصر بعد الثورة بدأت تغير في موازين القوى الإقليمية شيئا فشيئا، وبات تأثيرها في الصراع العربي الإسرائيلي أكثر قوة وإيجابية، فهي نجحت في عقد المصالحة الوطنية بين فتح وحماس، وفتحت معبر رفح، ومارست ضغطا على إسرائيل منَعَها من شن حرب على غزة على إثر عملية إيلات، وها هي تلعب دورا مركزيا في صفقة شاليط.
أما ما يحدث في سوريا، فقد أضعف بشكل كبير من موقف حماس، التي لم تستطع التعبير علنا عن تأييدها للنظام، ولا عن التعبير لتأييدها للجماهير المنتفضة، وبات احتضان سوريا لها مسألة محفوفة بالمخاطر، وغير مأمونة تماما، كما أن الدعم الإيراني لحماس تراجع وعلى نفس الخلفية، وبهذا تكون حماس قد أوشكت على خسارة الدعم الإقليمي لها، وصارت مصر بالنسبة لها خيارا حتميا، وبالتالي عليها أن تحسّن من علاقتها معها، وأن تتكيف مع مطالبها واشتراطاتها.
على المستوى الإقليمي سنلاحظ تراجع قوة التأثير الإيراني على حماس، خاصة بعد التهديدات الأمريكية بفرض مزيد من العقوبات عليها قد تصل إلى ضربة عسكرية، فإيران ظلت رافضة لإبرام الصفقة، وكان رفضها بسبب رغبتها في استخدام شاليط كورقة ضاغطة تصب في صالح دورها في الشرق الأوسط. أما على الصعيد الدولي فهنالك الدور الخفي لفرنسا (شاليط يحمل الجنسية الفرنسية)، وقد ساعدتها في ذلك دولة قطر، وهو ثمن أرادته فرنسا من قطر لموقفها في الناتو من تدمير ليبيا، وقد وجّه خالد مشعل شكرِه لقطر على جهودها لإتمام الصفقة، كما شكَر تركيا أيضا، وهي القوة الإقليمية الجديدة الصاعدة بقوة، والطامحة للعب دور أكثر تأثيرا في المنطقة.
في الساحة الفلسطينية، سنجد أن الحراك الدبلوماسي الفلسطيني في الساحة الدولية، والهجوم السياسي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، هما المتغير الأبرز، وهو ما بات يعرف باستحقاق أيلول، فبعد خطاب أبو مازن في الجمعية العامة واعتراف العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية، تصاعدت شعبية الرئيس عباس على نحو ملفت، وفي المقابل تعمقت عزلة إسرائيل على نحو خطير، وهذا ما أقلقها ودفعها باتجاه اتخاذ خطوات من شأنها فك عزلتها الدولية، وتحسين صورتها مرة ثانية على المستوى العالمي، فبادرت للموافقة (بسهولة ملفتة 26:3) على صفقة شاليط، وأرادت ضرب عصفور ثاني بنفس الحجر، وهو إحداث توازن بين شعبية السلطة في الضفة وشعبية حماس في غزة، بهدف تعميق الانفصال، ومنح حماس ورقة ضغط إضافية لفرض شروطها التي من الممكن أن تؤخر أو تعيق إنجاز المصالحة الوطنية.
الحدث الآخر المهم في الساحة الفلسطينية هو إضراب الأسرى، وهو الذي بدأ قبل التوقيع على الصفقة بأسبوعين، هذا الإضراب حرّك قضية الأسرى، وكشف عن ممارسات الاحتلال اللا إنسانية والمخالفة للقانون الدولي بحقهم، وقد جاء هذا الإضراب في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل بشتى الطرق لاستعادة وضعها السابق وتحسين صورتها، ما يعني أنه سيدفع بمزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل لتغيير سياساتها وتقديم تنازلات، وبالتالي أرادت إسرائيل استغلال صفقة شاليط للتغطية على الإضراب، وصرف الأنظار عنه، وتمويه الرأي العام بأنها مرنة تجاه قضايا الأسرى، وأرادت من خلال الإفراج عن عدد كبير من الأسرى - من بينهم مضرِبين - إفشال الإضراب، خاصة وأنها ستبدأ بحركة تنقلات واسعة بين المعتقلات، من الممكن أن تصيب بهذه الخطوة الإضرابَ في مقتل.
وإذا أردنا تجميع الصورة سنجد أن الأطراف التي ساهمت بإنجاز الصفقة تقاطعت مصالحها عند هذه النقطة، في واحدة من اللحظات التاريخية التي تمر بها المنطقة: إسرائيل أرادت الخروج من عزلتها، وحل أزمتها الداخلية، ولو بشكل إعلامي، وأرادت أيضا التشويش على التحرك الفلسطيني في مجلس الأمن. حماس أرادت استرجاع شعبيتها وزخمها الجماهيري، التي فقدت الكثير منها في السنوات الأخيرة. مصر أرادت تحقيق منجز سياسي يخفف من حدة غضب الشارع المصري، وأرادت استعادة دورها الإقليمي الذي غيّبه مبارك لسنوات طويلة.
أما التساؤل الثاني فهو ما يتعلق بشروط ومواصفات الصفقة، حماس اعتبرتها الإنجاز الوطني الأهم، ومكسبا كبيرا للقضية، ووصفتها بأنها غير مسبوقة، وأنها كسرت الغطرسة الإسرائيلية، وفرضت على الاحتلال التنازل عن كل اشتراطاته السابقة، والقبول بما كان يعتبره من المحرمات، وأن صبر وحكمة المفاوض الفلسطيني (الحمساوي) هو سر نجاح الصفقة .. فإلى أي درجة هذا الكلام صحيح ؟ وما مدى دقته ؟!
منذ قيام إسرائيل جرت 38 عملية تبادل أسرى، أبرزها الصفقة التي أبرمتها فتح عام 1983 والتي بموجبها تم تحرير جميع معتقلي معسكر أنصار في الجنوب اللبناني وعددهم ( 4700 ) معتقل فلسطيني ولبناني، بالإضافة إلى 65 أسيراً من السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح ستة جنود إسرائيليين، وكذلك الصفقتان اللتان أنجزتهما الجبهة الشعبية – القيادة العامة عامي 1979 و 1985 حيث تم الإفراج عن 76 معتقلاَ فلسطينياَ مقابل الإفراج عن جندي إسرائيلي في الأولى، والإفراج عن 1150 أسيراً فلسطينياً ولبنانياً مقابل الإفراج عن ثلاثة جنود إسرائيليين في الصفقة الثانية. وهناك أيضا الصفقة التي أبرمتها منظمة التحرير بعد توقيع اتفاق أوسلو، وتم بموجبها الإفراج عن 13000 أسير، ولم يتبق حينها سوى أقل من 500 أسير فلسطيني في كافة السجون الإسرائيلية. إذن، من حيث عدد المفرج عنهم، ربما تكون صفقة شاليط من بين أقل الصفقات السابقة. أما من حيث نوعية المفرج عنهم ( سنوات الحكم، وطبيعة التهمة ) فقد تحرر من سجون الاحتلال في الصفقات السابقة المئات من المحكومين بالمؤبد، ومنهم من كانت تعتبره إسرائيل "ملطخة أيديه بالدماء"، وبالتالي فهي ليست المرة الأولى التي تُكسر بها العنجهية الإسرائيلية، أو يتخلى فيها المفاوض الإسرائيلي عن تحكّمه وصلَفِه، بل أن كل ما يُقال عن المحظورات الإسرائيلية، ما هو إلا دعاية إسرائيلية مضللة، وكذبة كُشفت أكثر من مرة.
وما يمكن اعتباره نواقص قللت من قيمة صفقة شاليط: إبعاد 40 من المفرج عنهم إلى الخارج، وإرسال 163 آخرين إلى قطاع غزة، نخشى أن يلاقوا نفس مصير مبعدي كنيسة المهد، الذين مضى على إبعادهم عشرة سنوات، دون أن يتمكنوا من الاجتماع بأهاليهم أو العودة لبيوتهم. أما معظم الباقين فسيخضعون لما يشبه الإقامة الجبرية، وكذلك خلو القائمة من القيادات البارزة، بما في ذلك قيادات حماس نفسها، وأيضا ترك تحديد أسماء المفرج عنهم من الدفعة الثانية (550 أسير) لإسرائيل بمفردها. ما يعني أن اشتراطات حماس لم تلبى بالنسبة والكيفية التي تحدثت عنها قيادات الحركة. ولكن في المقابل فقد نجحت حماس بتحرير معظم الأسيرات (ما زال في الأسر عشرة أسيرات مصيرهن مجهول)، وبتحرير أسرى من القدس ومن فلسطينيي ال 48 وربما تكون هذه المرة الأولى، كما أن الصفقة شملت أسرى من كافة المناطق ومن مختلف التنظيمات، ما عكس وحدة قضية الأسرى، وعبّر عن وحدة الشعب الفلسطيني وأن كان ذلك قد تم بشكل نسبي ( حيث أن نسبة المنتمين لحماس من بين المفرج عنهم 80 %، بينما نسبة أسرى فتح في السجون الإسرائيلية تزيد عن 70 % ). لهذه الأسباب من الصعب التقليل من أهمية الصفقة، كما أنه من الصعب وصفها بالممتازة أو التاريخية أو بالإنجاز الأضخم ... بل يمكن وصفها بأنها متوسطة، وكان من الممكن أن تكون جيدة، لولا دخول الحسابات السياسية على الخط.
أما السؤال الأصعب، فهو عن جدوى الصفقة، حيث يعلم الجميع أن الشعب الفلسطيني وخاصة الأهل في قطاع غزة دفعوا ثمنا باهظا من جراء أسر الجندي شاليط، هذا الثمن لا أحبذ اختزاله بلغة الأرقام – رغم أهميتها وفصاحة بيانها - فآلاف الشهداء، والجرحى، والمعتقلين، وتدمير البيوت والممتلكات، وتخريب البنية التحتية، والحصار، والحروب، والقصف، والخوف الذي عاشه الناس .. هي أكثر من مجرد أرقام، إنها معاناة ورعب وقلق كابده أهل غزة، من الصعب على الآخرين تخيلها، ويتعذر مقارنتها بمعاناة الأسرى ومعاناة ذويهم، لأن المعاناة الإنسانية أعقد بكثير من حصرها بأرقام صماء. وبالتالي فإن هذا السؤال بالذات سيجيب عليه كل فلسطيني بطريقته الخاصة.
صحيح أن الشعب الفلسطيني عانى قبل شاليط، وسيعاني بعده .. ولكن شاليط كان يوفر الذريعة السهلة لإسرائيل لمواصلة عدوانها. ولكن مع كل هذا، ربما نجد بعض العزاء في زغاريد الأمهات وضحكات الأطفال وفرحة الأهالي الذي سيعانقون أحبتهم، وبفرحة الأسرى أنفسهم بعد أن يتنشقوا هواء الحرية، وبوفائنا لجزءٍ بسيط من دَيْنهم الذي سيطوق أعناقنا للأبد. وإذا عجزنا عن مغادرة مربع الأرقام، سنجد أن تاريخ النضال الفلسطيني برمته كان عبارة عن تحقيق انتصارات معنوية ورمزية، وهي قطعا ليست مجرد انتصارات بلاغية وهمية، بل هي قَدَر الشعب الفلسطيني الذي تخلى عنه العالم، وتركه وحيدا في مواجهة الغول.
ولكن السؤال المؤلم هو: طالما أن مواصفات صفقة شاليط ليست أفضل ما يمكن تحصيله، ولا تختلف كثيرا عن مواصفات الصفقات السابقة، التي كانت تنتهي بالفشل والتأجيل مَرّة بعد مَرّة، وفي كل مرة كان أهالي الأسرى يشطفون البيت ويدهنون الجدران ويسهرون ليلتهم بانتظار الخبر المفرح، ويجافيهم النوم من نار الاشتياق ... بما فيهم أسرة شاليط، ثم يصبحون على خيبة جديدة، وهكذا، فلماذا لم يُنجز الطرفان الصفقة قبل خمسة أو أربعة سنوات ؟؟! وبذلك يوفرون على شعبنا كل هذه التضحيات، ولا يتم التلاعب بأعصاب الأهالي، وبأعصاب الأسرى !! أم أن للسياسة حسابات تتجاوز معاناة الناس، وتقفز عن عذاباتهم. !؟
السؤال الأخير: تعهدت حماس بمواصلة جهودها للإفراج عن بقية الأسرى - وندعو لها أن تنجح في ذلك – ولكن كيف ستفي بوعدها ؟ هل ستخطف جندي آخر ؟ ونعيد المشهد نفسه مرة ثانية ؟ أم أنها ستستثمر أجواء الفرح بإتمام المصالحة ؟ وبالتالي سيتمكن الشعب الفلسطيني من طرح قضية الأسرى بكل جدية في المحافل الدولية، وسيجعل من قضيتهم على رأس الأولويات. أم أنها ستوظف الصفقة باتجاه آخر ؟ هذا السؤال ستجيب عنه مقبل الأيام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق