أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 11، 2010

فن خداع المستهلك


التطور التكنولوجي في صناعة الأغذية يواكبه تطور مماثل في مجال غش وخداع المستهلك، ليس فقط في الناحية التصنيعية، بل وفي وسائل الخداع الإعلامية وحملات الدعاية والتسويق على حد سواء، والذين يبرعون في هذا المجال يستغلون حاجة المستهلك وبساطته وثقته الزائدة في كل ما يُقال ويُكتب .. ونماذج الغش والتدليس كثيرة ونسوق منها على سبيل المثال لا الحصر ما يُسمى بمنتجات الدايت المخصصة لمن يبحثون عن بدائل للسكر تمنحهم أقل قدر من السعرات الحرارية، وبالرغم من أن السكارين وبقية المحليات الصناعية لا يتم تمثيلها بالجسم وبالتالي فإن محتواها من الطاقة يكاد لا يُذكر إلا أنها قد تصلح لمرضى السكري،
 ولكنها ليست كذلك بالضرورة بالنسبة للأصحاء، فقد بينت دراسات حديثة أن من يعتمدون على منتجات الدايت يحصلون على معدلات من السعرات الحرارية مماثلة لمن يتناولون المنتجات العادية وخاصة على المدى البعيد وأنه في المحصلة لا فرق بينهما، أما منتجات الأغذية التي تحمل شعار " لايت " في إشارة أن محتواها من الدهون منخفض لجذب انتباه من يتبعون حميات معينة، والخدعة هنا أن المستهلك سيظن أن هذا المنتج سيحميه من مخاطر تناول الدهون علما بأن ما حصل فعليا هو تخفيض نسبة الدهون بقدر معين ولكنه بقي محتفظا بنسبة معينة قد تحوي بعض المخاطر خاصة على مرضى القلب.

ومن الأمثلة على خداع المستهلك وضع عبارة "خال من الكوليسترول" على الزيوت النباتية والأرز وذلك لإضافة عناصر تشجيع أخرى لجذب المستهلك، والخدعة هنا هو أن كافة الزيوت النباتية هي أصلاً خالية من الكوليسترول وبشكل طبيعي، وكذلك فإن وضع صورة أي نوع من الفاكهة على منتجات العصائر والمشروبات الخفيفة التي لا تحتوي على الحد الأدنى المطلوب من الفاكهة الطبيعية وهو 35 % يعد هذا نوعا من الخداع والتضليل، وأحياناً يلجأ بعض المصنعين إلى وضع عبارات لتشجيع المستهلك على الشراء من نوع " خال من المواد الحافظة " وخاصة على منتجات لا تحتاج مواد حافظة كالحليب المعقم طويل الأمد، والخداع هنا هو لتصوير هذا المنتج على أنه أفضل من غيره من المنتجات التي لا يمكن صناعتها بدون مواد حافظة، خاصة إذا عرفنا أن المواد الحافظة المستخدمة ليست ضارة على الدوام وأنها ضمن التراكيز المسموح بها، كما يلجأ البعض إلى تسويق منتجاته باعتبار أنها من مواد طبيعية 100 % مستغلا الفهم الخاطئ السائد لدى الكثيرين بأن كل ما هو طبيعي هو مفيد للجسم وكل ما هو صناعي أو من أصل كيميائي هو ضار ..

وعندما يريد البعض بيع نوع من المنتجات المحتوية على أعشاب يبدأ بتعداد فوائد طبية لا حصر لها في علاج الكلى والرئتين والقلب والرشح والحساسية .. إلخ ، والخدعة التي تنطلي على المستهلك قائمة على مفهوم خاطئ بأن الأعشاب إذا لم تفد فإنها لن تضر !! وهنا سيدفع ثمن خليط من الأعشاب قد لا يستحق ثمنه عُشر ما يدفع .. وفي هذا السياق يضع هؤلاء الباعة على منتجاتهم عبارة " مصادق عليه من وزارة الصحة " والحقيقة أن وزارة الصحة لم تفحصه ولم تصادق عليه والمواطن وضع ثقته في غير موضعها الصحيح.

ومن أساليب الغش المتبعة في زيت الزيتون مثلا خلطه بأنواع أخرى من الزيوت النباتية أو خلط الجديد بالقديم، والبعض يتفنن بالغش لتفادي إمكانية كشفه من قبل المستهلك وذلك بإضافة ألوان ونكهات وروائح تعطي شعورا زائفا بأنه زيت أصلي وطازج، والمشكلة أن هذا النوع من الغش يتطلب مختبرات متخصصة لكشفه، أما النوع الآخر الرائج من الغش فهو غش العسل وكثير من الباعة يستغلون المظهر الديني وترديد آيات من القرآن الكريم أو وضع قطع من الشمع داخل العبوة أو القيام ببعض الاختبارات السريعة أمام المشتري كقلم الكوبيا وإسالة العسل وتذوقه وشمه ... والحقيقة أن المختبر هو الجهة الوحيدة القادرة على البت في موضوع غش العسل، ويجب على المستهلك أن لا ينخدع بالمظاهر .

أما المنشطات الجنسية ومستحضرات تخسيس الوزن فتعتبر الأكثر مبيعا والأكثر عرضة للغش والتضليل، نظرا لحساسية الموضوع وحاجة المواطن الملحة في حصوله على القوام الرشيق والشباب الدائم .. ويزداد استغلال المستهلك لهذه المنتجات الوهمية في فترة الامتحانات تحت مسميات تنشيط الذاكرة وزيادة التركيز، وقد ثبت أن معظم هذه المنتجات عبارة عن مساحيق نشا أو غيرها التي لا تقدم غير الوهم، أما مستحضرات الريجيم التي تستغل الفتيات بشكل خاص فإنها كثيرا ما تؤدي إلى مضاعفات سلبية وتوقع المستهلك في شَرَك الإدمان عليها والنتيجة هي إحباط المستهلك وزيادة وزنه، لأن الحقيقة العلمية البسيطة التي يغفل عنها البعض ويستسهل البحث عن بدائل أخرى انها هي أن من يريد القوام الرشيق والصحة المستديمة عليه أن يقلل من طعامه ويُكثر من حركته من خلال الرياضة.

والضعف الجنسي في أغلب حالاته أسبابه نفسية وعاطفية نتيجة غياب الحب وانعدام التفاهم بين الزوجين، أو نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والأزمات التي تعصف بالإنسان وتفقده توازنه، وبالتالي قبل البحث عن الوصفات العجيبة لنبحث في دواخلنا عن جذور المشكلة.

والأسلوب الأخطر في الغش يتمثل بالدعايات التلفزيونية التي تصور المستهلك قبل استخدام المنتج وهو عابس وفي حالة نفسية سيئة أو في وضع لا يعطي شعورا بالراحة، ثم تصوره مرة ثانية بعد الاستخدام والابتسامة تغطي وجهه والراحة بادية على محياه .. دون أن يكون هنالك رقابة حقيقية على هذا المنتج للتحقق من مدى فاعليته، والمشكلة تتفاقم في زمن العولمة والفضائيات التي لا هم لها إلا الربح المادي من خلال حملات الدعاية، حتى لو كان في ذلك خداع للمستهلك قد يتسبب بأفدح الأضرار









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق