أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

تركيا بين الإسلام والعلمانية


بعد تحقيق حزب أردوغان الإسلاموي نجاحا لافتا في الإنتخابات الأخيرة تمكن من تشكيل حكومة بأغلبية مريحة ومن تنصيب عبد الله غل رئيسا على البلاد، وبذلك عبّر العلمانيون عن تخوفاتهم وقلقهم فيما هلل الإسلاميون في مشارق الأرض ومغاربها لهذا الفوز وذهب البعض إلى اعتباره فتحا إسلاميا خالصا ونصرا مظفرا على العلمانية في أحد أهم معاقلها .
وفي الحقيقة فإن برنامج أردوغان الإنتخابي والذي فاز على أساسه لا يختلف من حيث الجوهر والمضمون عن برامج الأحزاب الأخرى القومية والعلمانية، سواء في رؤية الحزب للوضع الاقتصادي ورؤيته للتصدي للغلاء والبطالة والتضخم أم في برامج التنمية والإصلاح وغيرها، إذ كان طرحه – خلافا للأحزاب الإسلاموية العربية - موضوعياً وعلمياً يـخلو من ضجيج الشعارات ومفرغا من الأيديولوجيا الحزبية، فجاء بسيطا وواضحا وملامساً لمشاكل الناس وهمومها اليومية ومنفتحا على العالم.
ولكن ثمة قضايا استراتيجية في السياسة التركية لا يستطيع أي حزب مهما كان لونه أو انتماؤه أن يأتي عليها، حتى حزب أردوغان الذي يريد البعض إلباسه ثوبا دينيا خالصا لم يمس سياسة تركيا العليا تجاه هذه القضايا، فمثلا رفض الحزب تحمل المسؤولية الأخلاقية عن مذابح العثمانيين ضد الأرمن التي حدثت إبان الحرب العالمية الأولى، كما سار على نفس خطوات تشيلي – أول رئيسة وزراء لتركيا تتجرأ على دخول الأراضي العراقية في أواخر عهد صدام حسين – واتخذ موقفا صارما من القضية الكردية وبالذات من حزب العمال الكردستاني هو موقف نابع من الخصوصية الوطنية التركية وأقرب إلى الموقف القومي الطوراني منه من الموقف الإسلامي الرافض للحدود والمتجاوز للقوميات، وأيضا احتلال جزء من قبرص.
كما تبنى الحزب موقف الحكومات السابقة من موضوعة الإنضمام للإتحاد الأوروبي وتلبية شروط الأخيرة، والأهم من هذا كله هو علاقة تركيا الرسمية بإسرائيل وتعاونها الوثيق معها في مجال الاستخبارات والمناورات العسكرية المشتركة، فضلا عن السياسة التركية التي تضع نفسها تابعا للأمريكان ليس بالسماح لقاعدة أنجيرلك الأمريكية وحسب بل وفي تبني الكثير من رؤية أمريكا لقضايا الشرق الأوسط.
فما الذي اختلف على تركيا بعد فوز الإسلاميين ؟! أحزاب الإسلام السياسي ليس في تركيا فقط بل على امتداد العالم الإسلامي من جاكارتا حتى الرباط تتهرب من القضايا الجوهرية والاستراتيجية وتختبئ خلف شعارات فضفاضة ضبابية، وتقتصر رؤيتها للإسلام في قضايا شكلية كالحجاب والاختلاط وبناء مساجد بمآذن تناطح السحاب.
ما ميز حزب أردوغان عن غيره هو احتكامه للديموقراطية ولخيار الشعب دون عنف ودون خداع ولكنه أخيرا كشأن كل الأحزاب كان همه الظفر بالسلطة بدليل تسرعه بتنصيب عبد الله غُل قبل إجراء أي تغيير في الدستور بحيث يتم انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب.

تشرين أول 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق