في شمال الجزيرة العربية، عثر
منقبون على مخطوطات أثرية تعود للفترة ما بين القرن الأول والسادس الميلادي، عبارة
عن مدونات مكتوبة على جلد الماعز باللغتين الآرامية والنبطية، وبعد تجميعها
ومعالجتها وفك حروفها تبين أنها صحيفة منوعة اسمها "آرام"، كانت تصدر كل
نصف سنوية تقريبا، تتناول أخبار المنطقة في تلك الحقبة.. تناوب على رئاسة تحريرها
والكتابة فيها عدد كبير من الشعراء والمحدثين والإخباريين والحكائين..
تتنوع موضوعات الجريدة بين
الأخبار، والشعر، والحكايات، والتحليل السياسي، وتعتبر أهم وثيقة يمكن الاعتماد
عليها لبناء تصور تاريخي صحيح لفهم تلك الفترة المجهولة والتي ظلت غامضة لزمن
طويل..
وقبل استعراض أهم ما جاء فيها،
يجدر الانتباه إلى أن الأحداث في تلك الأزمنة كانت بطيئة، مقارنة بأحداث اليوم،
وقد يفصل بين الحدث والآخر عقد كامل، كما أن تناقل الأخبار كان بطيئا للغاية، نظرا
لصعوبة السفر والتنقل آنذاك، كما أن جمع المعلومات وتبويبها، وتحريرها، وكتابتها
على جلود الحيوانات كان يستغرق وقتا طويلا وجهدا مضنيا..
في إحدى أقدم المخطوطات، وهي نسخة
من الجريدة تعود للقرن الأول، ترأس تحريرها المؤرخ يوسيفوس، نقرأ في المانشيت
الرئيسي على رأس الصفحة الأولى العناوين التالية:
أعلن رئيس الديوان الإمبراطوري عن وفاة
القيصر الروماني أغسطس، وذلك بعد أيام من انتشار شائعات مفادها أن قائد الحرس
الوطني يخفي موت القيصر، حتى يتمكن من حسم الخلاف على توريث العرش.
نقلا عن وكالة الأنباء البيزنطية،
الجيوش الرومانية بقيادة الجنرال كلوديوس تجتاح بريطانيا، فيما تواصل جحافلنا
المظفرة زحفها المقدس وتفرض سيادتها على شمال إفريقيا وشرق المتوسط. وفي مخطوطة
أخرى، تعود لصحيفة معارضة: الجيوش الرومانية تتلقى هزيمة على يد القبائل
الجرمانية.
وفي صفحة "علوم وبيئة"،
نقرأ: بموت آخر فهد كان يمتلكه أحد النبلاء، تودع أوروبا آخر الضواري، بعد أن عجزت
عن حمايتها من الانقراض.. حيث لم يتبقَّ سوى عشرة أسود تستخدم في مسابقات غلادياتر
التي تُقام كل عام على إستاد روما الدولي.
تمكنت الأجهزة الأمنية من السيطرة
على تمرد العبيد، بعد قمعهم، وقتل المئات منهم، وتعليقهم على الصلبان على طول
الأوتوستراد المؤدي إلى روما، كما ألقت القبض على زعيم التمرد اسبارتاكيوس، وأعدمته
على دوار الأسود وسط العاصمة، رغم احتجاجات منظمة العفو العالمية، ومطالبتها
بتقديمه لمحاكمة عادلة.
وفي الصفحة
الرياضية نقرأ: على شرف الإله زيوس أقيمت دورة الألعاب الأولمبية العاشرة على إستاد
سبيروس في العاصمة أثينا، ويُذكر أن لاعب الجمباز "فولفيو" قد فاز
بالميدالية الذهبية، لكن الجمهور لم يتقبل مظهره، واعتبره غير أخلاقي، لأنه غير
معتاد على عري الرياضيين، ورأى أن هذه الألعاب تافهة، لأنها لا تتضمن أي تدريب
عسكري.
وفي تحقيق
استقصائي نفذته القناة السابعة، كشفت فيه زيف الدعاية اليهودية، بأن الرومان طردوهم
من البلاد.. وفي مقابلات منفردة أجراها مراسل القناة مع قضاة وكهنة السنهندرين،
تبين أن كل منهم غادر البلاد لأسبابه الخاصة.. كما جالت كاميرا القناة في قلعة
مسادا، وتبين أنها كانت خالية منذ وقت طويل..
وفي مخطوطة أخرى تعود للقرن الثالث،
لكاتب مجهول جاء فيها: ما زالت أمتنا الفارسية بخير، فبعد أن أنهى الإسكندر الأكبر
حكم الإخمينيين، نهضت الدولة السلوقية ثم البارثية، ومع أن الرومان تمكنوا من دخول
العاصمة قطسيفون مرتين، إلا أن الدولة الساسانية تنهض من جديد، ولن تُطفأ نارنا
المقدسة.
تظهر في العدد الثامن من الصحيفة،
على الصفحة الأولى صورة لقسطنطين العظيم، وقد خُصص العدد للحديث عن اعتناق القيصر
للمسيحية، وعن مخرجات مجمع نيقية، واعتماد الأناجيل القانونية.
وفي العدد العاشر، ويعتقد أنه يعود
للقرن الخامس أو السادس، والذي ترأس تحريره الأسقف سيبيوس، ورد تقرير سري عن هروب
جماعات من فلسطين متهمة بالهرطقة، منهم ما عُرف بالأبيونيين، واليعقوبيين،
والنساطرة، وتقرير آخر يتحدث عن تحالف بين العرب السراسرة واليهود لإخراج الرومان
من القدس.
العددين 11، 12 يعودان للقرن
السادس، وأكثر أخبارهما عن المنطقة العربية، ترأس تحريرها الحارث بن حلزة، وشارك
في العددين كل من: السموأل، والشنفري، والمتلمس، والنابغة الذبياني، وتأبط شرا، وغيرهم..
تصدرت العددين العناوين التالية:
تعثر جهود المصالحة بين قبيلتي
داحس والغبراء، وجولة مكوكية جديدة للوسطاء تشمل دمشق والقسطنطينية وخراسان..
حرب أبناء العمومة تدخل عامها
العشرين، والزير سالم يصطحب ابنة شقيقه المغدور (كليب)، في جولة على القبائل،
لحثها على المشاركة في حربه الثأرية.. وفي تصريح لغريمه جساس يتهم المهلهل بممارسة
التطهير العرقي، ويؤكد استعداده للقتال حتى النهاية. وابن عباد يمتنع عن التعليق.
اجتماع طارئ في دار الندوة لتدارس غزو
محتمل لأبرهة الحبشي، والمحللون يشككون في إمكانية صمود أفياله في مسيرها وسط
الصحراء.
تصعيد خطير بين كندة والمناذرة، وملك
الحيرة يستنجد بكسرى، فيما يطلب امرؤ القيس مساعدة قيصر الروم، وأنباء عن وفاة
الشاعر الماجن في ظروف غامضة.
سيف بن ذي يزن ينتصر على أحفاد ذي
نواس، ويطرد الأحباش من اليمن بعد تحالفه مع كسرى أنوشروان، والفرس يقيمون قواعد
عسكرية في البلاد.
بعد احتلال دام عقد ونصف، القوات
البيزنطية بقيادة هرقل تطرد الساسانيين من مصر وفلسطين، وتستعيد خشبة الصليب.
ذروة جديدة للحرب الباردة بين
الفرس والروم، باندلاع حرب إقليمية بين المناذرة والغساسنة.
في الصفحة الثقافية قصيدة جديدة
لعمرو بن كلثوم، من ديوانه الأخير كلثوميات، وقصيدة صوفية لأمية بن أبي الصلت.. وريبورتاج
عن مهرجان الشعر المقام في معرض عكاظ الدولي للكتاب.
في صفحة الدعايات: أهلا بكم في
بطاح مكة، تشكيلة واسعة من الأصنام.. إقامة سعيدة في سلسلة فنادق ذوات الرايات
الحمر.. تأجير جِمال سياحية.. خيول أصيلة للبيع بأسعار منافسة..
وفي الأخبار العامة: الطاعون ينتقل
من الصين إلى المشرق، ومنظمة الصحة تعلن عنه وباءً عالميا، وتطالب المواطنين
بالتباعد الاجتماعي وارتداء اللثام، في محاولة لتسطيح المنحنى البياني للوباء.
وفي الصفحة الاجتماعية: وفاة حاتم
الطائي، وعروة بن الورد، وعنترة بن شداد..
العدد 13 ترأس تحريره المغيرة بن
شعبة، وهو برعاية أبو سفيان، وبمشاركة زياد ابن أبيه، وعمرو بن العاص..
وما أشبه اليوم بالبارحة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق