أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أبريل 07، 2017

الحق في اللعب


تؤكد نظريات التربية الحديثة والتعليم التحرري على أهمية دروس الفن والرياضة والموسيقى في تكوين شخصية الطالب، وتطوير قدراته الذهنية، وتحسين مستويات تحصيله العلمي؛ فالطفل عندما يلعب، أو يرسم، أو يركّب قطعة فنية يبدأ بالتفكير والتأمل ويشغّل جميع حواسه، فينفعل، ويستكشف، ويستفز خلايا دماغه، ويطلق طاقته الكامنة؛ وبتمرين أنامله يحسّن من توافقه العصبي العضلي، فيكتسب بذلك المهارات الفنية، وتنمو لديه ميزة الذوق الرفيع والإحساس المرهف والوجدان المفعم بالعاطفة الإيجابية.

كما يساعد اللعب والفن والرياضة الأطفال على الاندماج في دروسهم الأخرى بطريقة سلسة محببة، عن طريق تحفيزهم وتشويقهم إليها، وتنشيط دورتهم الدموية لتزيد من منسوب الطاقة المتدفقة إلى أدمغتهم، فالدماغ ليس إناءً يُملأ، بل ناراً تتوهج. كما يهيئ اللعب فرص التنفيس وتفريغ الطاقات المكبوتة لدى الأطفال، وتهذب من شعورهم بالنشوة، وتشغلهم فترة معينة من الزمن عن انفعالاتهم وأفكارهم السلبية التي تؤرقهم، كما تعودهم على أسلوب البذل والعطاء في عملهم وتعاطيهم مع الآخرين، والاعتماد على ذاتهم وخبرتهم في التعبير.

أي أن اللعب والرياضة والفن والموسيقى تفعل في الطلبة ما لم تستطع بقية المواد الدراسية أن تفعله، فهي تفجّر إمكاناتهم الإبداعية وتحفز الجوانب المختلفة من عقولهم، ابتداءً من التفكير المنطقي وإتباع منهج التجريب العلمي حتى توسعة الخيال، وتنمية الميول والاتجاهات المبكرة لديهم بذائقة فنية. كما أن إدماج اللعب بالتعليم يجعل من العملية التعليمية ممتعة للمعلمين والأطفال على حد سواء.
وتلك هي فلسفة "مؤسسة الحق في اللعب"؛ وهي منظمة عالمية غير حكومية، مقرها كندا، وتحظى بدعم مجموعة من الرياضيين الدوليين، وتمويل من الخارجية النرويجية. أسسها سنة 2000، البطل الأولمبي النرويجي "يوهان كوس" والذي حطم ثلاثة أرقام قياسية وحاز على ثلاث ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية 1994.
تؤمن المؤسسة بأن اللعب والرياضة وسيلة فعالة لإيصال رسائل مهمة للأولاد، من خلال برامج لعب صُممت خصيصاً تعتمد أسلوب نقاش يقوم على مبدأ (فكر، أربط، طبق..)، لتنمية مهاراتهم الحياتية كالثقة بالنفس والعمل ضمن فريق، والاندماج في المجتمع، ومهارات حل النزاع وآليات بناء السلام، وتعزيز ثقافة الحوار واللاعنف، وربط هذه المهارات بخبراتهم الحياتية، وتطبيقها على حياتهم الشخصية ومجتمعهم في المستقبل. لذلك، تركز على اللعب والبرامج الرياضية والأنشطة البيئية التي تكسب الأطفال إضافة إلى الفوائد الجسدية، المرونة في التكيّف مع من حولهم، والنمو السليم والصحة النفسية، والتمتّع بالروح الرياضية..
تستوحي المؤسسة عملها انطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وتطبيقا لمبدأ حق الأطفال المشروع بعيش حياة آمنة ملؤها اللعب والفرح، بعيداً عن المشاكل والحروب التي تسرق منهم ضحكاتهم.. وتستهدف برامجها بشكل خاص الأطفال اللاجئين الذين عانوا من ويلات الحروب، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة، والأطفال بلا مأوى.. وطبعا دون تمييز بينهم..
تنفذ المؤسسة برامجها ومشاريعها في أكثر من عشرين بلدا (في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط)، بحيث ترسَل التوجيهات والتعليمات من المركز الرئيس إلى المكاتب الوطنية والإقليمية في العالم، ليُعمل بها ضمن المناطق والفئات المستهدفة، خاصة الأولاد الفقراء في المناطق المهمشة. وتركز على فكرة دمج التعليم باللعب لتحقيق تربية ونمو أفضل للأطفال، من خلال تعزيز نموهم الجسدي والإدراكي والاجتماعي، عن طريق موظفيها الذين يقومون بتأهيل معلمين ومتطوعين محليين يعملون باستمرار على توسيع القاعدة المستهدفة.
انطلقت المؤسسة في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا من خلال مكتبها الإقليمي في لبنان منذ سنة 2006، ولديها فروع في الأردن وفلسطين والإمارات ودول أخرى عديدة. وفي مناطق عملها تسعى لتجاوز الصعاب والظروف المعيقة التي قد تحرم الأطفال من أدنى حقوقهم. وتعمل على تكريس مبدأ "الحق باللعب"؛ واللعب حسب رؤيتها، ليس مجرد نشاط ترويحي دون هدف، بل وفقاً لقواعد وأسس محددة ومدروسة، تدرب عليها العاملون في برامج المؤسسة، لإرشادهم إلى أفضل السبل الواجب إتباعها في التعامل مع الأطفال، بعض البرامج ترتكز إلى ألعاب بدائية شعبية كان يلعبها الأطفال منذ عشرات السنين، مثل القفز على الحبل أو الجري... لكن الجديد هو تنفيذها بطريقة علمية للوصول الى نتائج ملموسة في شخصية الطفل، بحسب الفئات والاحتياجات.
بعد تدريبه وتأهيله يستلم المعلّم أو المدرّب من المؤسسة «حقيبة اللعب» التي تضم أدوات اللعب، وكتباً تشرح قواعد تطبيقها، ويبقى بعد ذلك على تواصل دائم مع المؤسسة للإطلاع على حسن تطبيق المنهجية وحل المشاكل التي قد تواجهه.
بدأت مؤسسة "الحق في اللعب" في فلسطين عام 2003، ضمن واقع عمل بالغ الصعوبة، ومليء بالتحديات. ووضعت هدفا مركزيا هو إحداث التغيير الإيجابي في حياة  الأطفال، وخاصة أولاد اللاجئين والمناطق المهمشة.. وتعاونت في كافة برامجها بشكل وثيق مع وزارة التربية والتعليم، والمجلس الأعلى للشباب، ومع "الأونروا"، ومنظمة اليونيسيف، والعديد من المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والنوادي التي تلتقي معها في أهداف تحسين نوعية التعليم وبناء مجتمعات آمنة، وأحيانا بالاستعانة بلاعبين مشهورين.

قدمت الدعم الفني واللوجستي للعديد من المدارس، خاصة في القدس، ومناطق C، والأغوار والمخيمات، ودربت وأهلت مئات المعلمين والمتطوعين، ونظمت العديد من البطولات الرياضية في المدارس والأندية .. وهي بذلك تعوض جانبا مهما من النقص الحاصل في بعض المدارس الحكومية (وكذلك مدارس الوكالة)، خاصة من ناحية نقص أو عدم توفر العديد من الأدوات والمواد والتجهيزات الضرورية للألعاب، أو من ناحية غياب المعلمين المؤهلين لذلك. والأهم أنها تعوض النقص الحاصل في الاهتمام بهذا الجانب التربوي، والمتمثل بإغفال أو عدم الاهتمام الكافي بمادتي الرياضة والفن، وضعف الأنشطة اللامنهجية، وعدم إتباع أساليب التنشيط البدني، واستخدام اللعب كطريقة ناجعة في العملية التعليمية، وهي مشكلة قائمة في أغلب المدارس، ومنهجية مغيبة عن أذهان الكثير من المعلمين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق