هل جرّبت أن ترقص في شارع مزدحم، شارع ليس فيه من يسخر منك، أو يرميك بنظرة إزدراء، أو شفقة، أو حتى يراك .. ترقص لوحدك، الموسيقى تصدح في رأسك، ثم تسري في عروقك، فتهتز أطرافك بتناغم مع روحك المتعطشة والقلقلة، ويبدأ قلبك بالخفقان بأعلى سرعة، وأجمل إيقاع .. ثم تنسى نفسك تماماً، تتماوج مع الريح، غير آبه بعاصفةٍ قد تنشب من حولك، تواصل الرقص بجنون أكثر، تُـحرِّر طاقتك الحبيسة، وتطلِق كل مكنوناتك، تفجِّر سرَّك الداخلي، فتنسلُّ أحزانك عبر أقدامك وهي تطرق الأرض بنعومة، ثم يتسرب عتبك على الدنيا عبر ذراعيك المصوبة نحو السماء .. ثم فجأة، يراك أحد المارة، فينزع ربطة عنقه ويعانقك، ثم يأتي آخر فيخلع جاكيته الرمادي، وينفجر ضاحكا، ثم تأتي سيدة أنيقة، وترمي حذاءها ذو الكعب العالي، وتلامس الرصيف بأخمصها الطري، ثم ينضم الشارع بأكمله إلى جوقة الرقص، فتنتقل العدوى إلى الشارع المجاور .. المدينة بأكملها ترقص .. إلى أن ينال منها التعب .. ثم تفتح عينيك فإذا بالمدينة كلها تلوذ بالصمت، وتغوص في نوم عميق، ربما أنهكها التعب، لكن روحها تنعم بالسلام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق