أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يناير 25، 2012

فتيات سجينات – قصص مروعة


في الانتفاضة الأولى، وأثناء مطاردة الجنود الإسرائيليين لشبان مطلوبين، اقتحموا منزلا في إحدى مخيمات رام الله، وكانت المفاجأة الصادمة رؤيتهم لبقايا فتاة نحيلة في أواخر العشرينات، شعرها كث ومغبر، أظافرها طويلة، يغطي جسدها العاري طبقات من الوحل، عيناها غائرتان، وتصرخ بشكل هستيري، كانت أول مرة تشاهد بشرا منذ سنين طويلة، وبعد التحقيق تبين أن والدها حبسها في هذه الغرفة قبل أكثر من عشر سنوات، بعد أن لاحظ أحد الشبان من الجيران يتقرب منها، وأنهما يتبادلان النظرات من حين لآخر.

في أواسط التسعينات من القرن الماضي، وفي منطقة بيتونيا اكتشفت الشرطة أن إحدى العائلات تحتجز فتاة في غرفة ملحقة بالمنزل منذ تسعة سنوات، الغرفة ضيقة ومعتمة ولا يوجد بها نافذة أو حمام، كان أهلها يلقون إليها بالطعام من تحت الباب الذي قاموا بدق المسامير عليه، حتى لا تستطيع أن تطرقه، فلا تزعجهم بالصراخ ولا يسمع أنينها أحد.
وفي غزة طالبت شابة من إخوتها "الذكور" حقها في الميراث، فأقدموا أولا على فسخ خطوبتها، ثم رموها في قبو غير مؤهل حتى لتربية الحيوانات، وبقيت فيه مدة 14 عاما، ولم يجرؤ أحد من جيرانها على إنقاذها خوفا من أهلها، حتى اكتشفتها الشرطة، حين فتشت منزل شقيقها، وعُثر عليها في وضع مزرٍ للغاية، كانت محتجزة في ما يشبه الزريبة المليئة بالأوساخ والقاذورات، كانت الفتاة نائمة على الأرض فوق كومة أخشاب متلاصقة وضعت عليها فرشة بدون غطاء، مع وسادة عفنة سوداء، وفوق رأسها سقف من الحديد الصدئ المليء بثقوب تدخل منها مياه الأمطار، كانت حالتها النفسية مزرية وقريبة من الجنون، وفي ردة فعلها الأولية انكمشت على نفسها وخبأت وجهها بين كفيها، ولم تصدر أي صوت، وكانت حينها قد بلغت من العمر خمسة وأربعون عاما.
وفي قلقيلية فتشت الشرطة منزل حسن ملحم وزوجته الثانية حنان العاصي، فعثروا على ابنته من زوجته السابقة واسمها براءة محتجزة في الحمام منذ تسعة سنوات، أي حين كان عمرها 11 سنة، كانت جالسة على الأرض، وهي ترتعد خائفة ومذعورة. بعد تحريرها قالت "براءة" إن الراديو كان الشيء الوحيد الذي ارتبطت عبره بالعالم الخارجي؛ لذلك فهي لا تعرف شيئا عن الكمبيوتر أو التليفزيون والتليفون، وكانت تمضي الوقت جالسة على أرضية الحمام، وأحيانا كان يوقظها أبوها عند منتصف الليل لتنظيف البيت، فتبقى تنظفه لساعات، ثم يعيدها إلى الحمام لتنام فيه.
وفي العام 2007 تم العثور في ريف دمشق على الشابة سمر (19 عاما)، بعد أن حبسها والدها لمدة 13 عاماً متواصلة داخل أحد الكهوف المجاورة لمنزله، ما جعلها تفقد المهارات "البشرية"، وتصل إلى حالة من "التوحش". بدأت مأساة سمر بعد انفصال والديها عندما كان عمرها سنتين، وعندما بلغت السادسة أخذها والدها لحضانته، ولكنها عادت إلى بيت جدها بعد عام، بجسد مشوّه ومحروق بالنار في مواضع كثيرة. ثم عاد الوالد مجدداً، وأخذها بحجة أنه يريد أن يتولى رعايتها بنفسه. بعدها، لم تتمكن الوالدة من رؤية طفلتها، إذْ تم إبلاغها أن ابنتها توفيت.
وفي سوريا أيضا اعتقلت الشرطة في مدينة "السلمية" رجلاً احتجز ابنته المعاقة البالغة من العمر 18 سنة، بعد أن كبلها بجنزير، في ظروف بائسة في غرفة معزولة، لم تخرج منها طيلة ثماني سنوات. وقد ربط الأب كلباً بالقرب من الغرفة لمنع أي شخص من الاقتراب منها. وكانت الفتاة ترتدي ملابس رثة، وساقها اليسرى مربوطة بجنزير معلق بالجدار. وهذه ثالث قصة يكشف النقاب عنها في سورية خلال عام واحد (2008)، تتعلق بأب يسجن ابنته في ظروف بالغة السوء.
وفي إقليم "تاونات" بالمغرب عثرت قوة من الدرك على شابة تدعى نبيلة كانت محتجزة قسرا داخل إسطبل للمواشي، منذ سبعة سنوات، ضمن ظروف قاسية وقذرة، قبل أن يجري نقلها إلى مستشفى للأمراض العقلية.
وفي المغرب أيضا عثرت عناصر الدرك في إقليم "الجديدة" على مواطنة تعاني اضطرابات نفسية شديدة، حيث ظلت محتجزة على سطح منزل والديها في ما يشبه الغرفة، التي تنعدم فيها التهوية والإضاءة ولا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة. اسمها فوزية، وكانت عن اكتشافها تبلغ من العمر 29 سنة، أمضت منها 24 سنة كاملة محتجزة ومرمية في ظروف لا إنسانية ومهينة، بحجة خوف الأسرة من الفضيحة، لأنها متخلفة عقليا.
ولنفس السبب، ولكن هذه المرة في السعودية في محافظة "رماح"، عثرت الشرطة على فتاة تبلغ العشرين من عمرها محبوسة في قفص حديدي متنقل يتسع لشخص واحد، ظلت حبيسة فيه منذ كانت طفلة، وقد وُضع القفص أمام بيت الشعر الذي تسكنه العائلة، وكانوا ينقلونه معهم أينما حلوا في الصحراء، خشية عليها من الهرب.
وفي الجزائر اعتقلت السلطات والد وشقيق امرأة تبلغ من العمر "48 عاما" لأنهما احتجزاها في حظيرة أغنام لمدة ثلاثين سنة متواصلة. وكان الأب قد احتجز ابنته التي تدعى زهرة عندما كانت في الـ 18 من عمرها لتجنب الفضيحة بعد أن حملت بطريقة غير شرعية .وعثرت الشرطة على المرأة مقيدة مثل الحيوانات بين الأغنام والماعز وترتدي ثيابا بالية ممزقة، ولم تكن قادرة على التحدث وبدت في حالة من اللاوعي.
علي غرار ما حدث من الأب النمساوى الذي احتجز ابنته مدة 24 عاما متواصلة، وأنجب منها سفاحا 7 أطفال، في جريمة هزت المجتمع النمساوي حينها، تكررت الحالة في البرازيل مع أب سجن ابنته سبعة سنوات، ظلَّ خلالها يغتصبها حتى أنجب منها ثلاثة أطفال. وفي مصر أيضا توجهت سيدة شابة إلى قسم بولاق في القاهرة واتهمت أباها باحتجازها لمدة 7 سنوات متواصلة، كان خلالها يغتصبها مما أدى لحملها مرتين.
هذه مجرد قصص حدثت فعلا، ومن الممكن أن تحدث وأن تتكرر في أي بقعة من هذا العالم الظالم، وقد تكون بمستوى أكثر من البشاعة .. ما يجمعها أبٌ أو أخٌ متسلط وظالم، فتاة ضعيفة أو معاقة، ومحيط اجتماعي سلبي، وعقوبة "السجن" لمدة مفتوحة في ظروف لا إنسانية مهينة، تنتهي في أغلب الأحيان بوصول الفتاة إلى حافة الجنون، بعد أن تكون قد خسرت سنين عمرها، في القهر والخوف والجوع والبرد والمهانة والألم.
هذه السنين التي من المفترض أن تكون الأجمل والأحلى.. في بيت دافئ، بحضن أم حنون، أو مع شريك الحياة .. فإذا بها تستحيل إلى جحيم مستعر، وأنّاة من العذاب، وآهات من الوجع  .. ترددها كل ليلة كلما أعتمت عليها السماء، فتصرخ ولا تسمع من صرخاتها إلا الصدى .. ليؤكد وحدتها، وينبؤها بضياع ما سيأتي من أيام، حتى تخر آخر خلية من عقلها ذليلة مسحوقة.
مهما كان السبب: التخلف، الجهل، الخوف من الفضيحة، الاستئثار بالميراث، سفاح القربى، جهل العائلة في كيفية التعامل مع الإعاقات ... لا شيء يبرر الظلم، وانعدام الرحمة وغياب أبسط معاني الإنسانية، فهؤلاء جميعهم مجرمون ومعتدون، مهما كانت أعذارهم، ويستحقون أقسى العقوبات.
ولكن في كل تلك القصص نلاحظ أن الشرطة هي التي تكتشف الحالة وتنقذ الضحية، ولولا تدخلهم لبقيت الضحية في السجن حتى تموت وتتفسخ وتتحلل جثتها، فلا تحظى حتى بقبر !! والسؤال المحير: أين الأخوة، والأم وبقية الأهل والجيران والمجتمع ؟ هل يُعقل أن أحداً منهم لم يسمع بالضحية، لم يتحرك، لم يحنّ قلبه، لم يتغلب على سلبيته وجبنه وأنانيته ؟!
هل ثقافة المجتمع تبيح مثل هذه الممارسات السادية ؟ هل يتسامح الناس مع هذا المستوى من الإجرام ؟ هل الأب وحده هو المجرم المدان ؟ ألا يحمي القانون تلك الفئة المستضعفة ؟ كثير من الأسئلة المحيرة والمؤلمة .. أهمها: هل سنظل نكتشف المزيد من هذه القصص المروعة من حين لآخر ؟ هل هناك المزيد من الفتيات المسجونات اللواتي لا يستطعن أن يطرقن باب الخزان ؟! 

هناك تعليق واحد:

  1. حقا أمور توجع القلب والروح والعقل أتمنى اخي عبدالغني لو كتبت مراجع الموضوع فهذا يثريه ويقويه
    أحمد عزم

    ردحذف