أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يوليو 20، 2008

هذيان سياسي وهلوسة فكرية



هذا الوصف ما أراه ينطبق تماما على دعوات البعض بشأن موضوع حل السلطة الوطنية وتسليم الملف الفلسطيني برمته إلى الأمم المتحدة وإحراج إسرائيل وتحميلها المسؤولية الكاملة ، لماذا ؟؟ .
صحيح أن السلطة بحد ذاتها ليست هدفا نسعى له ولا هي صنما نعبده، بل هي نتاج لتراكم طويل من العمل النضالي وحصيلة كفاح خاضه الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وطوائفه، وإنجاز وطني نعتز به ويجب علينا جميعا الحفاظ عليه وتطويره، وهي أيضاً حاجة وطنية أملتها الظروف السياسية جاءت لتلبي طموح الشعب الفلسطيني في توقه للحرية والاستقلال وكمقدمة لبناء الدولة المستقلة، وهي بهذا المعنى تمثل الكيان السياسي الفلسطيني والتعبير المادي عن الهويه الوطنية.
حل السلطة أو انهيارها يعني ضياع هذا الانجاز المهم والعودة بالشعب الفلسطيني إلى ما دون نقطة الصفر، وتفتيت الكيانية الفلسطينية إلى ما كانت عليه في الخمسينات، إي جموع من اللاجئين تنتظر فتات الأمم المتحدة وأحزاب سياسية متناحرة تتجاذبها دول المنطقة، ويعني تبديد كل التضحيات الجسام التي قدمها الشعب لبث الروح في قضيته بعد أن تراكم عليها الغبار في أروقة الأمم المتحدة، ويعني التفريط بأنهار الدم التي سفكت على عتبة الحلم الفلسطيني وبأكوام الجماجم التي قدمت قرابين في مذبح الحرية، ويعني الارتهان والتبعية لدول الجوار لتصبح ذكرى معارك الثورة لصون القرار الوطني المستقل كحلم عبثي أفنينا من عمرنا له سنين بالمجان.
حل السلطة في هذا الوقت بالذات يعني أنه ليس أمام إسرائيل شريك لصنع السلام وبالتالي ستعمل على تنفيذ مخططاتها وتحقيق رؤيتها للحل النهائي دون أن يزعجها أحد أو يلومها لائم، فإذا كانت إسرائيل قد استغلت الصورة الديماغوجية التي رسمتها لعرفات كراعي للإرهاب وسوقتها عالميا لتتحجج بقصة غياب الشريك، ثم كررت ذات الصورة مع عباس وإن كان بشكل آخر، وفي هذا الأثناء كانت تبني على الأرض حقائق مادية وتفرضها كأمر واقع مثل السور والمستوطنات ونهب الأرض والمياه وترسيم الحدود .. فكيف سيكون المشهد إذا ما كانت السلطة بكاملها غائبة عن الساحة!! هل ستأتي قوات الأمم المتحدة لتهدم السور وتخلي المستوطنات وتعيد الأرض لأصحابها ؟ وهل سيعين مجلس الأمن مفاوضين عن الشعب الفلسطيني ليقنعوا إسرائيل بأن تكون عادلة وتحترم حقوق الشعوب ؟
حل السلطة سيكون مقدمة لحل المنظمة وبالتالي لن يكون للشعب من يمثله أو يقوده أو يعبر عنه أو يطالب بحقوقه وعلينا البحث عن كيان جديد بصيغة مختلفة وانتظار خمسين سنة أخرى ! وما قيمة الخمسين سنة من عمر الشعوب ؟ لا شيء !!
وحل السلطة سيؤدي إلى الفوضى الأمنية والفلتان الذي سيأتي على الأخضر واليابس، وسيسبب الانهيار الاقتصادي الشامل في الأراضي الفلسطينية بسبب عدم صرف رواتب 140 ألف موظف يعتمد عليهم كل المجتمع في اقتصاده ومعيشته، مما يعني زيادة معدلات البطالة ونسبة من سينزلون تحت خط الفقر وما سينتج عن ذلك من مشاكل وتبعات ستعجز جميع منظمات الأمم المتحدة عن حلها.
وإلى السادة المثقفين أصحاب الدعوة الذين تناولوا الموضوع من ناحية أكاديمية بحتة، وإلى الأخوة من القواعد الفتحاوية الذين جاءت دعوتهم كرد فعل غاضب على عار أريحا أقول لهم: أولاً لم تكن السلطة في يوم من الأيام مانعا أمام المقاومة بأي شكل حتى في أشكال المقاومة التي تدينها بالعلن مثل العمليات التفجيرية أو الصواريخ .. وأن الشعب حين قرر أن ينتفض فعل ذلك لأنه ببساطة " شعب حر " يأبى الضيم ويقاوم الاحتلال بأساليب عبقرية خلاقة، وثانيا إن الأمم المتحدة التي تريدون إحالة الملف الفلسطيني لها لن تفعل أكثر من تحسين في خدمات وكالة الغوث لا أكثر ولا أقل، وإن المجتمع الدولي الذي تراهنون عليه في تحمل مسؤولياته لا يعرف أكثر من تقديم منح وأموال مشروطة، وإن الرأي العام العالمي لا يحترم إلا القوي ولا يسمع عنا إلا من خلال ما تفرج عنه وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل الصهيونية العالمية، أما أمريكا فواهم من يظن أن ضميرها سيصحو وستكتشف أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة وحياة كريمة وستبدأ بممارسة الضغط على حليفتها للإنسحاب وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، اما ثالثا فيما يتعلق بإحراج إسرائيل فنحن أكثر من يعرف أنها لا تقيم وزنا لا لشرعية دولية ولا لمواثيق عالمية ولا تحفل بقرارات أمم متحدة أو متفرقة، وما نتوقعه في هذا المجال هو إحمرار وجه أولمرت خجلاً وذوبان بيريز حياءً وأن يخفي أعضاء الحكومة الإسرائيلية وجوههم داخل ثيابهم من شدة الإحراج أما أعضاء الكنيست فسيختفون لمدة سنة عن أنظار الصحافة حتى لا يضطروا للكذب أما شارون فسوف يوقظونه من غيبوته ليأخذ نصيبه من الإحراج هو الآخر قبل أن يموت !!!

رام الله – آذار – 06

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق