أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أكتوبر 02، 2022

إسرائيل والإرهاب البيئي


تستخدم إسرائيل البيئة كأحد أسلحتها الإستراتيجية، وذلك بتعمدها الإضرار بالموارد البيئية في الأراضي المحتلة، بأساليب مباشرة وأخرى غير مباشرة، وذلك بهدف إجبار الفلسطينيين، خاصة في مناطق C، على ترك أراضيهم من خلال التضييق عليهم، والتأثير على موارد رزقهم، وهذا شكل من أشكال الترويع والإرهاب، ويأتي استمرارا لسياساتها العنصرية القائمة على الاضطهاد والتمييز.

وخلال العقود الماضية شهدت الأراضي المحتلة أفعالا ومخالفات بيئية إسرائيلية عديدة، أضرت بجودة الأنظمة البيئية والموارد والثروات الطبيعية، وقد امتد هذا التخريب إلى دول عربية مجاورة.

وتشكل المستوطنات أحد أبرز تلك الأعمال التخريبية، فعلى طول محاور وأحزمة الكتل الاستيطانية قامت بتجريف مساحة 875 ألف دونماً لإقامة المستوطنات، وجرّفت 55 ألف دونم لشق الطرق الالتفافية، واقتلعت أكثر من نصف مليون شجرة، وقضت على مساحات واسعة من الغابات. كما أن شق الطرق الالتفافية وتخصيص مناطق عسكرية وإقامة جدار الفصل العنصري أدى إلى تجزئة البيئة الفلسطينية، بما يمنع انتقال النباتات والحيوانات البرية ضمن بيئتها الطبيعية، وإعاقتها من إتمام عملية التزاوج والتكاثر.

وتسيطر إسرائيل على 86% من المياه الجوفية الفلسطينية، وتمنع الفلسطينيين من حفر أي بئر ارتوازي، بينما قامت بحفر أكثر من 300 بئر بالقرب من الخط الأخضر لاستنزاف مياه الحوض الغربي، وحفرت 51 بئراً في مستوطنات الضفة، الأمر الذي أوجد خللاً واضحاً في معدلات استهلاك الفرد الفلسطيني مقارنة بمعدلات الاستهلاك الفردي الإسرائيلي، إذ بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني السنوي 93 متراً مكعباً، مقابل 344 متر مكعب يستهلكها الفرد الإسرائيلي. وفوق ذلك تقوم المستوطنات بضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة في الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية، ما يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية والسطحية. وقد بلغت كمية المياه العادمة التي يضخها نحو 400 ألف مستوطن 40 مليون متر مكعب، 90% منها غير معالجة، وهي كمية أكبر مما ينتجه الفلسطينيون في الضفة الغربية والبالغ عددهم نحو 2.5 مليون نسمة.

كما لعبت إسرائيل دوراً غير مباشر في تلويث المياه الفلسطينية بالمياه العادمة عن طريق إهمالها لإدارة المياه العادمة طوال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، وما زالت تعيق وتعرقل كافة المشاريع التي تنوي السلطة تنفيذها في مجالات تجديد شبكات المياه والصرف الصحي أو إقامة محطات تكرير. وذكرت تقارير متخصصة أن إسرائيل تلقي أسبوعيا نحو مليون متر مكعب من مياه الصرف غير المعالج في سواحل خليج العقبة الغنية بالشعاب المرجانية، مما أثر على إنتاجيتها وتنوعها، وانخفاض ثرواتها السمكية.

ناهيك عن الأسمدة الكيماوية ومبيدات الآفات الزراعية التي تفرط في استخدامها وتلوث التربة والمحاصيل، بالإضافة إلى النفايات الصلبة بأنواعها المختلفة، ودفن النفايات الخطرة والمواد السامة في قلب الأراضي الفلسطينية، ونقل المصانع الملوثة من مناطق سكنية إسرائيلية إلى مناطق حدودية قريبة من التجمعات السكنية الفلسطينية..

وأيضا ما تتركه من تلويث إشعاعي، سواء من مفاعل ديمونا، والذي يخلف إشعاعات ناتجة عن تسرب الماء الثقيل المشبع بالإشعاعات إلى المياه الجوفية، حيث سُجل مستوى نشاط إشعاعي بدرجات متفاوتة في صحراء النقب ووادي عربة على طول الحدود مع الأردن. وكذلك مخلفات صناعة الذخائر المنضبة ياليورانيوم، وصناعة دروع الدبابات المدعمة باليورانيوم.

ولعل أخطر تدمير للبيئة ما قامت به إسرائيل من تجفيف بحيرة الحولة، ونهب مياه نهر الأردن، لدرجة أنه بات مجرد وادي هزيل بالكاد تجري فيه المياه، وهذا الأمر من أهم أسباب تدهور البيئة في الأغوار، واختلال توازنها الحيوي، والأهم: حرمان البحر الميت من أهم عناصر تجديد مياهه، فضلا عن نشاطات المصانع الإسرائيلية التي تستنزف أكثر من 250 مليون متر مكعب من مياهه، ما فاقم من معدلات تبخره وانحساره، حتى أنه أخذ يتراجع منسوب المياه فيه بمعدل 1 متر سنويا، لدرجة أن علماء البيئة أكدوا أن استمرار هذا الانحسار سيؤدي إلى اختفاء البحر الميت في غضون عقود قليلة.

وتصادر إسرائيل نحو 650 مليون متر مكعب سنويا من نهر الأردن، وتحولها إلى صحراء النقب عن طريق سد "دغانيا"، وقد انخفض منسوب مياه النهر إلى مائة مليون متر مكعب سنويا حاليا من أصل 1.1 مليار متر مكعب قبل خمسين عاما، ما يهدد في جفاف حوض التهر، وجفاف بحيرة طبرية نفسها، وبالتالي تحويل منطقة الأغوار الفلسطينية التي كانت تشكل في السابق سلة غذاء فلسطين الى صحراء قاحلة، وتهجير أهلها، وإحكام السيطرة العسكرية الإسرائيلية عليها.

والغريب أنها تزعم أن ذلك من أجل تخضير الصحراء! في حين أنها تقوم سنويا بإتلاف آلاف الدونمات الزراعية التي يزرعها فلسطينيو النقب، ورشها بالمبيدات الكيماوية من خلال طائرات خاصة..

وتزعم إسرائيل أنها تتبنى سياسات بيئية صارمة لحماية الحياة البرية وضمان التوازن البيئي، وهذا فقط ضمن حدود 1948، ولكنها في أراضي الضفة الغربية والقطاع تفعل كل ما بوسعها لتخريب البيئة، فهي تتبنى سياسة عنصرية ضد الفلسطينيين وضد كل ما يمت لهم بصلة من نباتات وحيوانات وعناصر البيئة المختلفة، ومع ذلك، تمتد أعمالها التخريبية حتى داخل الخط الأخضر، ففي تقرير لمركز "مدار" عدد خبراء بيئة إسرائيليون عشرة كوارث بيئية سببتها سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وفقا للمعايير البيئية التي وضعتها باربرا توخمان، مؤلفة كتاب "موكب الحماقة"، وهي: تجفيف بحيرة الحولة (55 ألف دونم، كانت محطة استراحة للطيور المهاجرة، وموطنا لعشرات أنواع الكائنات الحية)، ومصادرة مياه نهر الأردن، والمساهمة في تجفيف البحر الميت، وشق الطرق السريعة، وتلويث وإهمال الوديان، إقامة مدينة موديعيم وإنشاء الضواحي، وإنشاء محطة حافلات تل أبيب المركزية، وتلويث خليج حيفا، والبناء على الساحل، انعدام السياسات البيئية والافتقار إلى التخطيط طويل الأجل لحماية الأنواع الحيوانية والنباتية، وبناء الجدار الفاصل، وغير ذلك.

وقبل ذلك، وبعده، لا ننسى أن إسرائيل مشروع استعماري، استيطاني، عنصري، وهي لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل تشكل خطرا على العالم بأسره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق