أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

مايو 19، 2020

حديث عن التطبيع



تتهم بعض الأصوات العربية المطبعة الفلسطينيين بأنهم أول من قام بالتطبيع، وما زالوا يطبعون علاقاتهم مع إسرائيل من خلال المفاوضات واللقاءات الرسمية التي تجري بشكل مستمر بين مسؤولين من الطرفين، أو من خلال الاتصالات اليومية لمواطنين فلسطينيين مع جهات حكومية إسرائيلية.. وفي حقيقة الأمر هذه الأقاويل مجرد ذرائع وحجج واهية لهؤلاء المطبعين، للاستمرار في نهجهم الانبطاحي الإذعاني، أو هو في أحسن الأحوال خلط دوغمائي بين مصطلحات سياسية مختلفة.

وحسب تعريف حركة المقاطعة BDS للتطبيع (يمكن الرجوع إليه من صفحتهم الرسمية)؛ فإن ما يجري بين السلطة وإسرائيل من مباحثات ومفاوضات ليس شكلا من التطبيع، فالمفاوضات تجري بين طرفين عجز كل منهما عن تحقيق إرادته بالقوة، فيلجآن للتفاوض لحل ما بينهما من قضايا عالقة.. سواء رفضنا المفاوضات جملة وتفصيلا، أو قبلنا بها وفق شروط محددة، أو اعتبرناها أداة نضالية، أو ممارسة استسلاميه.. بغض النظر عن موقفنا من المفاوضات، المهم أنها ليست شكلا من التطبيع.. الأمر ذاته ينطبق على أشكال التواصل اليومي بين الطرفين، نظرا لوجود عشرات القضايا الحياتية التي تستوجب اتصالا وتنسيقا مع سلطات الاحتلال.

وفي تبرير آخر، لا يقل ضعفا عن سابقه، يقول بعض المطبعين إن القضية الفلسطينية باتت عبئا على العرب، وأن العرب (بالذات دول الخليج) قدمت دعما ماليا كبيرا للفلسطينيين، قوبل بالنكران والشتائم، وأن إسرائيل دولة متطورة، والسلام معها سيجلب الرخاء للمنطقة..

يغيب عن هؤلاء (جهلا أو بشكل مقصود) أن إسرائيل لا تقتصر بعدوانها ومشروعها التوسعي على فلسطين، بل تستهدف الأمة العربية كلها، وأنها هي جذر وأساس كل المشاكل والأزمات التي يعاني منها العرب، وأنها سبب بقاء حالة التشرذم والضعف لكافة الدول العربية، بل إن بقاء الأنظمة الاستبدادية والفاسدة مرتبط بالمشروع الصهيوني.. وبالتالي فإن في حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يشكل مصلحة عربية قومية بالدرجة الأولى، كما هو مصلحة للفلسطينيين.. وهذا الحل لا يستوجب بالضرورة شن حرب كبرى (عالمية)، بل يحتاج إلى استثمار ما لدى العرب من عناصر قوة سياسية واقتصادية وجغرافية وبشرية.. ومثل هكذا حل سيجعل من العرب أهم قوة دولية، وسيحول الوطن العربي إلى جنة عالمية..

بخصوص الدعم المالي، يجدر التذكير أن دول الخليج أنفقت على تمويل الحرب الأهلية الأفغانية 22 مليار دولار، السعودية أنفقت مليارات عديدة على مشروع نشر الوهابية بين الجاليات المسلمة في الدول الغربية، على شكل بناء مساجد، ومراكز إسلامية، وتمويل مؤيدين لها من خطباء وأئمة مساجد وجمعيات خيرية.. كما أنفقت حتى الآن مئات المليارات في حربها على اليمن، وتعهدت بدفع 450 مليار دولار للخزينة الأمريكية على شكل دفعات نقدية ومشاريع استثمارية.. بالإضافة لتمويل دول الخليج الجماعات المناهضة للدولة السورية بما يصل إلى عشرات المليارات.. قطر دفعت لاستضافة كأس العالم مبالغ مالية تكفي لإحداث نهضة عربية شاملة بأحسن المواصفات، حتى أنها مولت حملات انتخابية أمريكية وإسرائيلية.. فضلا عن مئات المليارات من الأموال الخليجية المودعة في بنوك أمريكية وسويسرية وليس لها قدرة على التصرف بها دون موافقة أمريكية.. دون التطرق للمليارات التي أنفقت على شراء اليخوت واللوحات الفنية وشراء القصور الباذخة، وتلك قصة أخرى..

ما يعني أن مجمل ما دُفع للفلسطينيين عبارة عن فتات موائد، وأرقام متواضعة جدا، مقارنة بما دفع في جهات أخرى، لم يستفد منها لا العرب، ولا حتى شعوب الخليج أنفسهم..

أما الحديث عن "نكران الجميل" و"الشتائم".. فهي مجرد حجة، فكل الذين شتموا وانتقدوا عبارة عن أقلية، لا يمثلون الإجماع الشعبي ولا الموقف الرسمي الفلسطيني.. وبالعادة فإن الدول والشعوب لا تبني مواقفها بناء على منشورات فيسبوك يكتبها أفراد أو جهات محلية، لأنه لا يجوز التعميم..

والحديث عن "السلام الاقتصادي" الذي سيجلبه السلام مع إسرائيل فهو مجرد أوهام، فإسرائيل ليست معنية بأية استثمارات في الدول العربية، ولا تحتاج حتى اعترافها بها، وما تريده حقا استغلال التطبيع لتهميش القضية الفلسطينية، وإظهارها بأنها لم تعد تشكل قضية العرب الأولى؛ والخروج من العزلة السياسية والدبلوماسية التي تعانيها إسرائيل في المنطقة، وتلميع صورتها دولياً، والتغطية على استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، والتستر على ممارساتها القمعية، وتعزيز الخلافات والبغضاء بين الشعوب العربية، واستغلال العداوة المستشرية بين الدول السنية المعتدلة وإيران، كي تصور إسرائيل نفسها في خندق واحد مع هذه الدول، وبالتالي تحويل الصراع من عربي صهيوني إلى صراع سني شيعي.. 

يقول الصحافي السعودي عبد الحميد الغبين، إن سبب تخلي العرب عن القضية الفلسطينية هم الفلسطينيين أنفسهم، فهم السبب في أحداث أيلول، والسبب في الحرب الأهلية اللبنانية، وهم الذي أيدوا غزو الكويت.. وأن الرأي العام السعودي بدأ يتغير منذ عامين، ولم يعد يعتبر إسرائيل عدو، ولم يعد معنيا بفلسطين وشعبها.. وأنه تجاوز التطبيع وأصبحت علاقته بإسرائيل حميمية.. ويبشرنا بأن دول الخليج ستقدم مسلسلا دراميا العام المقبل يروج للتطبيع، وسيصوَّر في تل ابيب والقدس بمشاركة فنانين خليجيين وإسرائيليين..

هل تذكر هذا المطبع أحداث أيلول 1970 وحرب لبنان 1975 وغزو الكويت 1990 قبل سنتين فقط؟ بعد أن مرت عليها كل تلك الأعوام! أم أنه خلال السنتين الماضيتين تم طرح صفقة القرن، وبات مطلوبا من السعودية تنفيذ الجزء المتعلق بها من الصفقة، وبالتالي على النظام أن يهيئ الرأي العام لتقبل الخطوات القادمة، والتي هي مجرد تنفيذ لأوامر الأمريكان والإسرائيليين، وعلى أمثال هؤلاء المطبعين القيام بدورهم في التطبيل والتسحيج.. مع تأكيدنا بأن المصلحة الوطنية السعودية هي عكس ذلك تماما.. ولكن العبيد لم يعتادوا عصيان أوامر أسيادهم..

ومع تأكيدنا أيضا أن الشعب السعودي الحر والشعوب الخليجية والعربية كلها ترفض التطبيع، وترفض إسرائيل، وهي مع فلسطين، لأنها رمز للعدالة وللضمير الإنساني الحر، الرافض لكل أشكال الاحتلال والعدوان والقهر والظلم والعنصرية، والتي هي سمات المشروع الصهيوني. 


حسب تعريف حركة المقاطعة BDS للتطبيع (يمكن الرجوع إليه من صفحتهم الرسمية)؛ والذي ينطبق على الفلسطينيين في الضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة، بالإضافة إلى العرب والفلسطينيين في العالم؛ التطبيع هو "المشاركة في أي نشاط، محلي أو دولي، مصمم خصيصا للجمع بين فلسطينيين وعرب مع إسرائيليين (أفراد أو مؤسسات)، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الفلسطينيين. وأهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو المهني أو النسوي أو الشبابي، أو إلى إزالة الحواجز النفسية. ويستثنى من ذلك المنتديات الدولية التي تعقد خارج الوطن العربي، كالمؤتمرات أو المهرجانات أو المعارض التي يشترك فيها إسرائيليون إلى جانب مشاركين دوليين، ولا تهدف إلى جمع الفلسطينيين أو العرب بالإسرائيليين، بالإضافة إلى المناظرات العامة. كما تستثنى من ذلك حالات الطوارئ المتعلقة بالحفاظ على الحياة البشرية، كالأوبئة والكوارث طبيعية. وبالتالي فإن الأنشطة التي ينطبق عليها التعريف السابق تشمل: أي نشاط يهدف لتحقيق "السلام" من دون ضمان الحقوق الفلسطينية الوطنية. أو أي نشاط يدعو له طرف ثالث يساوي بين الإسرائيلي والفلسطيني (أو العربي)، في المسؤولية عن الصراع، أو يدعي أن السلام بينهما يتحقق عبر التفاهم والحوار والتعاون بينهما، بمعزل عن تحقيق العدالة. أو أي مشروع يغطي على وضع الشعب الفلسطيني كضحية للاحتلال، أو يحاول إعادة قراءة تاريخ الصراع بحيث يقدم الرواية الصهيونية كرديف للرواية الفلسطينية، أو أي مشروع يتجاهل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحق العودة. أو مشاركة عرب أو فلسطينيين، في أي مشروع يقام داخل إسرائيل أو في الخارج بالشراكة مع مؤسسة إسرائيلية لا تقر علنا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق