أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أكتوبر 20، 2018

يكفي يا شركة الاتصالات



حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن مجموعة الاتصالات الفلسطينية، فإن عدد مشتركي الهاتف الثابت حتى نهاية 2017، بلغ 438 ألف مشترك. وبلغ عدد مشتركي خط النفاذ، نحو 326 ألف مشترك. فيما ارتفع عدد مشتركي شركة جوال إلى 2.581 مليون مشترك (نظام الدفع المسبق)، أما مشتركي الفاتورة، فقد بلغ 356 ألف مشترك.
معدل استهلاك المشترك الواحد الشهري عن كل شريحة جوال فعالة يبلغ نحو 30 شيكل، أي أن إيرادات الشركة تبلغ من ستة إلى سبعة ملايين دينار شهري. بينما معدل استهلاك الخط الثابت حوالي 38 شيكل شهري، بما يعادل نحو 7.5 مليون دينار.

وقد بلغ صافي الأرباح الذي حققته الشركة في العام 2017 حوالي 70.5 مليون دينار أردني (100 مليون دولار)، وفي العام الذي سبقه 80 مليون دينار، منخفضا بنسبة 12%، والسبب يعود للتبعات المالية لتجديد رخصة الشركة في أواخر العام 2016، وانتهاء الإعفاء الجزئي من الضرائب بنسبة 50% تزامنا مع تجديد الرخصة.
وتبين الأرقام الرسمية الصادرة عن شركة الوطنية موبايل (تتبع شركة أوريدو القطرية)، أن عدد مشتركيها في الضفة الغربية يبلغ 777 ألف مشترك، وتظهر بيانات الشركة أنّ إيراداتها الشهرية تقدر بنحو 5.1 مليون دينار.
من المفترض أن تزداد أعداد المشتركين، نتيجة النمو السكاني، وزيادة الاعتماد على هذه التكنولوجيا، وبالتالي زيادة أرباح شركات الاتصالات؛ لكن ما يحدث هو العكس!
في كلمة له في معرض "إكسبوتيك فلسطين 2018"، قدّر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، عمار العكر، وجود بين 500 - 600 ألف شريحة إسرائيلية في سوق الضفة الغربية، موزعة على ثماني شركات إسرائيلية، تعمل في مناطق السلطة دون إذن منها، ولا تدفع لها ضرائب، وقد أخذت توسع شبكاتها في الضفة الغربية، حتى بلغت حصتها السوقية نحو 17% من السوق الفلسطينية، ما يعني أنّ إسرائيل تجتاح سوق الاتصالات الفلسطينية، بناء على توصية من جيش الاحتلال.
وبناء على هذه المعطيات، بلغت خسائر السلطة الفلسطينية (ضرائب ورسوم)، نتيجة استخدام الشرائح الإسرائيلية بنحو 350 مليون شيكل خلال السنوات الثلاث الماضية، بما يعادل مائة مليون دولار. (المصدر: الاقتصادي).
وبطبيعة الحال، لا يتوقّف غزو الاتّصالات الإسرائيليّة للسوق الفلسطينيّة عند الأضرار الاقتصاديّة، بل يتعدّاها إلى المخاطر الأمنيّة، لأنّ استخدام الفلسطينيّين للشرائح الإسرائيليّة يشكّل عائقاً لدى الجهات القانونيّة والأمنية الفلسطينيّة لمتابعة أيّ جرائم إلكترونيّة مرتكبة عبر تلك الشرائح. إضافة إلى أنّ ذلك يمكّن الجهات الأمنية الإسرائيلية من الرقابة على مكالمات الفلسطينيّين، ورصد تحرّكاتهم.
الغريب واللافت في الموضوع، أنه عند نشر تلك الأرقام في وسائل الإعلام، والتي تُظهر خسارة الخزينة الفلسطينية، وخسائر شركات الاتصالات الفلسطينية، وبأرقام كبيرة، وبما ينذر بانهيارها.. أنه ومع ذلك، كانت ردة فعل قطاع واسع من الجمهور شامتة، وفرحـة.. ومنهم من تمنى مزيداً من الخسائر.. حتى لو كانت تلك الخسائر تعني بالضرورة أرباحا للشركات الإسرائيلية، وبالتالي تدفقات مالية كبيرة لصالح خزينة الحكومة الإسرائيلية وجيشها!!
طبعا، مثل هذه المواقف (المستهجنة) لم تأتِ صدفة، ولا تدل بالضرورة على تدني مستوى الانتماء الوطني، وإن كانت تدل على جهل في كيفية ترجمة هذا الانتماء، وتدني مستوى التضحيات في مواجهة الاحتلال.. وعلى أزمة ثقة بين المواطنين وشركات الاتصالات الفلسطينية.
المواطنون الذين يستخدمون شرائح إسرائيلية، منهم عمّال، يشتغلون داخل الخط الأخضر، ومنهم سكان القدس، وبالتالي فهم مضطرون لاستخدامها، ولكن الأكثرية تبرر ذلك بارتفاع أسعار الشركات الفلسطينية مقارنة بالشركات الإسرائيلية، وأيضا بسبب جودة الخدمة التي تقدمها الشركات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالإنترنت من الجيلين الثالث والرابع (G3, G4).
يعني فجأة، أصبحنا مرتبطون بالتكنولوجيا المتطورة، لدرجة أننا لم نعد نستغني عن (G3, G4)، ونحن في الشارع، أو قبل عودتنا للبيت، أو قبل وصولنا مكان العمل!! رغم أن الشركات الإسرائيلية ليس لديها وكلاء رسميين في مناطق السلطة، خلافا للشركات الفلسطينية التي لديها وكلاء، ومراكز صيانة، ومتابعة خدمات على مدار الساعة.
ولكن، لا يجب أن نلوم المواطن وحده؛ فالشركات الفلسطينية تتحمل المسؤولية عن هذا الوضع غير الطبيعي، فلو أنها تخفّض أسعارها، وتحسّن من مستوى جودة الخدمات، وترتقي بأدائها، وبعلاقتها بالجمهور، لتغيّر الوضع بالتأكيد.. حيث لا يعود مبرر لأحد لاستخدام شرائح إسرائيلية، وبالتالي فإن كل الإيرادات التي تذهب حاليا للشركات الإسرائيلية ستصب في خزينة الشركات الفلسطينية. وهنا أيضا تتحمل السلطة (وزارة الاتصالات) مسؤولية كبيرة عن ذلك.
في الآونة الأخيرة تعالت أصوات مواطنين للتعبير عن رفضهم لسياسات شركة الاتصالات، فقاموا بتشكيل حراك شعبي، أطلقوا عليه تسمية "بكفي يا شركة الاتصالات"، وجعلوا لهم صفحة على الفيسبوك، بلغ عدد منتسبيها أكثر من 120 ألف.
القائمون على الحملة يصفوها بأنها حراك وطني وحضاري ومطلبي، يهمّ غالبية الناس، وقد جاء نتيجة للاستغلال والاحتكار وظلم الشركات للمستهلك الفلسطيني عبر حملاتها الربحية، والحملة تستهدف شركات الاتصال الخلوية والأرضية، وأبرز مطالبها: وقف احتكار شركة الاتصالات الفلسطينية، وقف استغلالها للجمهور، وتخفيض الرسوم الشهرية الثابتة، وسعر خط النفاذ، وتوضيح حقيقة الحملات الدعائية التي تروجها تلك الشركات من حين لآخر، التي اعتبروها حملات تضليليلة، إضافة إلى ضرورة إعادة صياغة قانون جديد، عوضًا عن قانون 3 لعام 1996 الخاص بقطاع الاتصالات، لأنه منقوص وغير كافٍ، وأيضا مراجعة قانون حماية المستهلك 2005، الذي يعاني نقصًا في التركيز على حماية المستهلك في قطاع الخدمات والاتصالات؛ وتشديد الرقابة الحكومية على أداء شركات الاتصالات للجمها عن الحملات المضللة ومنعها استغلال الناس. وتوضيح اتفاقيات الاتصالات التي تتخذ طابعاً سرياً، تغيب عنه مبادىء الشفافية، وتظل محاطة بالغموض، ولا تُنشر على العلن، وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب ودوافع التعميم من قبل السلطة الوطنية.
بالتأكيد، لا يرغب أي مواطن أن ينهار قطاع الاتصالات الفلسطيني؛ بسبب أهميته القصوى، ولأن نجاحه ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني، وانهياره، أو ضعفه هو خسارة عامة للناس والسلطة، ومكسب لإسرائيل. لكنّ الأمر يستلزم تصويب العلاقة بين الشركة والجمهور، بحيث تخلو من الاحتكار والاستغلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق