أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

نوفمبر 23، 2014

في يوم ميلادك

بعد أن تعبتُ من السؤال، ومللتُ من الألوان الرمادية، ومن رتابة الأشياء .. مددتُ يدي على طول الروابي والسفوح، حفرتُها بأظافري .. ثم مددتها للسماء لأقـشّـرَ زرقتها الكئيبة .. ثم إلى الغيوم لأعصرها .. كنتُ أبحث عن شيءٍ واحد .. شيء ينقصني، يكمّلني، يبدّد حيرتي .. ينهي قلقي بالنظرة القاضية .. في الحقيقة كنت أبحثُ عنكِ ..

كنتُ ماراً أول المساء، في شارع خلا من المارة، وكانت العمارة الشاهقة تسد الأفق تماما، ومن خلفها يختبئ قمرا مستديرا، ضبابٌ خفيف يحيط بالمكان، وريح تعوي من بعيد، فيرتد صداها أمامي مباشرة، وحتى يكتمل الجنون؛ بدأ المطر بالهطول .. خفتُ قليلاً، ولكني واصلت المسير، فجأة بزغ جبين القمر، وأرسل شعاعا على استحياء، توهج بعض الشيء، دنوتُ منه؛ فدنا مني، سرنا باتجاهين متعاكسين، اقتربنا أكثر، فأكثر .. إلى أن جلستُ تحت شجرة "الجاكارندا" لأحتمي من المطر، فجلس قربي .. كان مساءً يقطر دهشة، وينزف جمالا نادرا .. التقطته على الفور.

لم تكن تلك سوى البداية؛ فقد تواصل الجنون، وصار المطر طوفانا من الحب .. وصار القمر كله لي ..

صرت أعيش كل لحظة حب، أكوّرها بحنانٍ بين يديّ، أصنعها وتصنعني .. أسكنها وتسكنني .. أنا وأنتِ .. وحيدين معاً، نكتب قصيدة واحدة، ونلحنها كما تشتهي قلوبنا ..

أنتِ وحدكِ دون نساء الأرض .. بعد أن كادت روحي تغادر مسكنها .. أعدتني من جديد .. شذى عطرك حين يفوح يشدني، يأسرني، ويملأ صدري بضوء سرمدي .. همساتك حين تبوحين، تأتي كصدىً لنغمٍ شجيٍ قديم، يداك نهر حنان ينساب خافتا ليغسلني، وهادرا ليفيض على الدنيا .. أنتِ موسيقى الروح .. ودفء الشمس، ونسمة الصبح الندية ..

أدرك أن الأيام تنساب من بين أصابعنا، وأن حروف الأغاني تهيء نفسها لتختبئ في ثنايا الذاكرة ؛ لذا؛ سأكون أنا الباب والنافذة .. كي لا تهرب ضحكاتنا بعيدا. وستظلين أنتِ سقف الحلم وناره المتقدة .. وسنملأ البحر بذكرياتنا وأمانينا، لنغوص فيه سوية، ونذوب فيه حتى تختفي معالم الوجود ..

اليوم، حياتي بأكملها مختزلة في مشهد واحد .. عيناكِ ..
وأيامي كلها معلقة في لحظة واحدة .. لحظة ميلادك ..
لحظة ميلادك هي التي انبثق منها نور الحياة ..

كل عام وأنت حبيبتي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق