أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

أغسطس 01، 2017

ثورة عبيد

في زمن الرومان، وعلى مدى عقود طويلة، كانت تُقام في المدرجات حفلات عامة، أشبه بمهرجان سنوي، يقدم فيها العبيد عروضا دموية فظيعة؛ القتال حتى الموت.. يدخلون إلى المسرح بعضلاتهم المفتولة، وقبل أن يبدؤوا العرض يصطفون إلى جانب بعضهم، ثم ينحنون أمام القيصر باحترام، ويرددون بصوت جماعي: "يا جلالة القيصر، نحن الموشكون على الموت، نحييك ونفديك، أتينا لتسليتك وإسعادك.."، ثم يرفع القيصر يده إيذانا ببدء القتال.. في معركة دموية، لا تنتهي إلا بمقتل الجميع، ونجاة آخر عبد.. والذي لا بد وأن يكون منهكا بالجراح، وبالتأكيد لن يتلقَّ أي علاج، وسيموت بعد ذلك وحيدا، بصمتٍ وألم.. رغم أن العبيد يعلمون علم اليقين أنهم ميتين لا محالة، مع ذلك كانوا ينحنون بخشوع أمام القيصر، ينصاعون لأوامر جنده، يقدمون على قتل بعضهم البعض، بوحشية رهيبة، وبأسٍ شديد!!

ذات صيف، اتفقت مجموعة من العبيد فيما بينهم على رفض هذه المهانة.. فما أن دخلوا مسرح الموت مهرولين كعادتهم، حتى أخذوا يعانقون بعضهم مثل أصدقاء قدامى التقوا في حفلة، ومثل رف حمام اصطفوا قبالة المنصة الملكية، وبصوت جماعي هادر هتفوا: "أيها القيصر الحقير، يفضح عرضك، أتينا اليوم لننكّد عليك وعَ اللي خلفوك.. هذا اليوم لن نقدم  أي شيء..".

فجّر صوتهم طبلتي أذني القيصر، فيما صُدم الجمهور من هول المفاجأة.. وساد الصمت لحظات رهيبة، حاول القيصر كتم غيظه، وابتلاع الإهانة التي لم تخطر بباله، حتى في أسوأ كوابيسه.. لكنه لم يطق صبرا، فصار يرعد ويمزجر، ويصرخ بشكل هستيري، ثم أمر زبانيته بقتل العبيد بلا رحمة.. وهكذا، انتهت الحفلة قبل أن تبدأ.. وخاب أمل الجمهور المتعطش للدماء..

في الحفل الثاني، طلب جلاوزة القيصر من العبيد البدء بالقتال فورا دون الحاجة لأداء الهتاف المعتاد، خشية أن يحرفوه، ويهينوا القيصر كما فعل زملاؤهم في المرة السابقة، لكن هذه المرة امتنع بعض العبيد عن مقاتلة بعضهم البعض.. أعلنوا تمردهم على الأوامر، وهنا، أمر القيصر من شدة غيظه بإعدام الجميع على الفور..

الحفل الثالث لم يٌقم أصلا، لأن القيصر والنظام لم يعد بوسعهم تحمل أية إهانة أخرى.. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق