أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

يونيو 24، 2014

بكل بساطة


أسهل شيء على أي قائد يبحث عن الزعامة، أن يتحدث دوما عن المقاومة والجهاد والتضحية وتقشف الشعب، وصبره على البلاء ..

أسهل شيء على أي فصيل يريد أن يحافظ على شعبيته أن يخرج ملثم منه، ليتمنطق بعشرات المايكروفونات، ويحرق الأرض تحت أقدام الغزاة، ويتوعد الاحتلال بتلقينه درسا لن ينساه ..

أسهل شيء على أي مواطن عادي أن يجلس خلف شاشة التلفاز، أو أن يفتح صفحته على الفيسبوك .. ليخوض من بعدها معاركه البطولية، يفتش عن أخطاء الآخرين، ويبدأ بتصنيف الناس، وتخوينهم والتشكيك بكل شيء ..

أسهل شيء على أي إنسان مقهور أن يصرخ، وأن يشتم، وأن يلقي باللوم على المسؤولين والقادة، وأن يستجيب بتلقائية مدهشة لغرائزه وانفعالاته العاطفية، وأن يلغي تفكيره في لحظة الغضب .. وأن يكتفي بفش غله بأي طريقة ..

أسهل شيء على أي متحدث، أو ناطق رسمي أن يحاكي مشاعر العامة، ويداعب عواطفهم، ويسمعهم ما يحبون سماعه ..

أسهل شيء على أي محلل سياسي أو أيٍ من فرسان الفضائيات أن يختصر المرحلة كلها، ويفسر كافة الأحداث من أندونيسيا إلى لوس أنجلوس بأن ما يجري هو مؤامرة كونية أعدتها الصهيونية والإمبريالية والكفرة الملحدين ..

لكن أصعب شيء أن نقتنع بأن كل الانفعالات السابقة والأطروحات السطحية لا تجدي نفعا، لا تقدم ولا تؤخر؛ لا تحرر زيتونة، ولا تعيق دبابة، ولا تحمي بيتا من قذيفة، ولا تمنع قناصا من ممارسة ساديته، ولا تفتح أي أفق لأي حل ..
أصعب شيء على أي قائد مسؤول أن يتحلى بالشجاعة ويقول ما يقتنع به، وما هو في مصلحة شعبه، حتى لو أغضبهم ذلك ..

وأصعب شيء على المحلل والمتحدث والناطق الرسمي أن يقرأ قليلا، وأن يبحث، وأن يفكر، ويتعب عقله، ويتحدث عما هو مقتنع به، لا ما يطلبه الجمهور .. حتى لو كان خطئاً ..

وأصعب شيء على الإنسان، أن يتحكم بانفعالاته، وأن ينحي عواطفه جانبا، ويفكر بعقلانية .. وأن يبحث عن دوره هو، ويمارسه فعليا، بدلا من تحميل المسؤولية على الآخرين ..

وأصعب شيء على المواطن أن يبحث عن الحلول الواقعية الصعبة، بدلا من النوم في واحة الوهم والمعادلات الجاهزة والحلول السحرية، وأن يقتنع بأن له دور فاعل ومهم .. ولكن ليس خلف الكيبورد ..

وأصعب شيء، أن نتقبل وجهات النظر الأخرى التى لا توافق آراءنا .. وأن نصدق أن الحقيقة والصواب ليست حكرا علينا ..
ولكن يبدو أننا جميعا نبحث عمّا هو أسهل، وأيسر، وأكثر أمنا.. نستسهل المزاودة، وإطلاق الأحكام، ونستريح للحديث عن مؤامرة تفوق قدرتنا على المواجهة .. وتروق لنا فكرة أن الحل والربط هو بيد القيادة فقط (والتي هي دوما خائنة ومتنازلة) .. وأن الشعب دوما مسكين ومظلوم .. ونكتفي بقول كلمتنا ثم نمشي .. 

أغلب الذين زاودوا على الشرطة الفلسطينية وطالبوهم بفتح ترسانتهم العسكرية وسحق القوات الغازية (أغلبهم، ولا أقول جميعهم) يرفضون التنازل عن الشمينت والتبوزينا وجبنة العيمك (منتجات إسرائيلية) !! أغلبهم يفضل بطيخ المستوطنات على بطيخ جنين !! أغلبهم غاب عن اعتصامات التضامن مع الأسرى المضربين !! أغلبهم لم يخرج بمسيرة احتجاج !! لم يشارك بجنازة شهيد !! أغلبهم احتج على قرار السلطة عندما قررت التبرع براتب يوم لصالح مخيم اليرموك !! أغلبهم رفض التبرع بخمسة شواقل من راتبه لصالح الجامعات الفلسطينية !! أغلبهم لا يتوقف عند إشارة المرور، وإذا خالفه شرطي صب لعناته على السلطة !!

بكل بساطة، نحتاج أن نرتقي بوعينا قليلا .. ويكفي جلدا للذات ..


هناك تعليقان (2):