أهلا بكم

على هذه الصفحة نثير التساؤلات ،، ونفكر ،، ولا نعرف حدوداً للتوقف

آخر الأخبار

مارس 05، 2013

أزمة المياه في فلسطين



تعاني فلسطين، شأنها شأن دول المنطقة، من أزمة مياه مستفحلة؛ والمسؤول الأول عن هذه الأزمة هو الاحتلال الإسرائيلي، وسيطرته على المياه، وحرمانه ملايين السكان الفلسطينيين من التمتع بها، أو حتى بالتصرف بالحد الأدنى من حقهم الطبيعي فيها؛ والذي من المفترض أن تكفله القوانين والاتفاقيات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومعاهدات السلام.

وفي كتابه "آخر شفّة" يصف الجيولوجي الألماني "مسرشميد" أزمة المياه في فلسطين بالمفتعلة، ويقول إنها أمر سياسي بامتياز. مؤكدا أن فلسطين من البلدان التي تحتوي على مصادر مياه متجددة جيدة في المنطقة. حيث تشير بيانات الأرصاد الجوية أنه في المائة وخمسون سنة الماضية لم تشهد البلاد سنة واحدة انحبس فيها المطر، وكان معدل سقوط الأمطار على القدس مثلا 564 ملم في السنة، وهي نسبة تزيد عما يسقط في برلين.

بالإضافة إلى ذلك فإن الضفة الغربية، لديها معدل استثنائي عالٍ من تغذية المياه الجوفية ومعدل منخفض من الجريان السطحي. وهذا يعني أنها تمتلك مخزونا جيدا من المياه الجوفية، غير أن "إسرائيل" تمنع الوصول إليها.

وقد أشارت اتفاقية أوسلو إلى اعتراف إسرائيل بالحقوق المائية الفلسطينية. بيد أن تعريف هذه الحقوق أرجئ إلى مفاوضات الوضع النهائي. إضافة إلى أن الاتفاق يخلو من نص صريح يؤكد على سيطرة الفلسطينيين على المياه، بما في ذلك المناطق المصنفة "A". أي أنه لحفر بئر لا بد من الحصول على الموافقة الإسرائيلية، وغالبا ما تكون الإجابة بالنفي، لأن مجلس المياه المشترك يشترط في قراراته الإجماع.

والمشكلة ليست فقط في أن الاتفاقيات كانت مجحفة ولم تعطي الفلسطينيين حقهم الطبيعي في مياههم، بل في كون إسرائيل لا تلتزم حتى في تلك الحدود الدنيا غير العادلة التي وافق عليها الطرف الفلسطيني على أمل تغيير الوضع ومعالجة المسألة في مفاوضات الحل النهائي، فإسرائيل التي كانت قبل اتفاق أوسلو تنهب المياه وتتحكم فيها، صارت بعد أوسلو تفعل ذلك ولكن تحت عنوان الشراكة، وصار المجتمع الدولي يتقبل تلك الممارسات، بحجة أنه يريد إنجاح العملية السلمية.

وقد بدأت المشكلة أساسا حين ضمت إسرائيل عام 1948 معظم المناطق الوفيرة بالمياه، وبعد احتلال الضفة عام 1967 احتلت نهر بانياس الذي يغذي نهر الأردن، وهضبة الجولان الغنية بالمياه، وفي نفس العام صدر القرارات العسكرية الإسرائيلية القاضية بنقل السلطة على الموارد المائية لإسرائيل، ومنع البناء غير المرخص لإنشاء أي من البنى التحتية للمياه، وبالتالي صار ممنوعا حفر أي من الآبار الجديدة، أو تصريف الينابيع، أو مد خطوط الأنابيب، أو حتى صيانة الآبار. وفي حالات الموافقة (النادرة) على حفر آبار فإنها تشترط أن لا يزيد عمقها عن 140 مترا. وما زالت تقوم بتدمير أي منشآت مائية بحجة عدم الترخيص. وفي المقابل تسمح للمستوطنات بحفر آبار بدون قيد أو شرط.

علما بأن إسرائيل بدأت عدوانها على المياه منذ وقت مبكر، فمنذ العام 1964، شرعت باستغلال مياه حوض نهر الأردن، دون أن تراعي حقوق الدول المشاركة في النهر. ووفقاً للقانون الدولي "خطة جونستون 1955" يملك الفلسطينيون الحق بحوالي 250 مليون م3 من نهر الأردن، وفي الواقع فإن ما يحصلون عليه هو لا شيء تقريبا، حيث تضخ إسرائيل منه حوالي 700 مليون م3 سنويا. كما قامت بتجفيف بحيرة الحولة وتحويل مياه النهر إلى صحراء النقب، تحت ذريعة تخضير الصحراء؛ مع العلم بأن 97% من صحراء النقب بقيت غير مزروعة، وهي في الحقيقة كانت تصادر ملايين الدونمات من أصحابها الفلسطينيين، بل أنها ما زالت حتى اليوم تمنع الفلسطينيين من زراعة أراضيهم، وتقوم بإتلاف آلاف الدونمات المزروعة سنويا بحجة أنها لسكان بدو غير معترف بهم.

وبحسب توصيات منظمة الصحة العالمية فإن الفرد يحتاج إلى نحو مائة لتر من الماء الصالح للشرب يوميا، على أن يكون متوفر وبأسعار معقولة. بينما لا يحصل المواطن الفلسطيني إلا على نسبة تتراوح ما بين 30 ~ 60 لتر يوميا بحسب المنطقة والفصل، وفي بعض المناطق يحصل على 100 لتر، في حين يحصل المستوطن على أضعاف هذه النسبة. وطبقا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد بلغ متوسط استهلاك الفرد في إسرائيل يوميا 353 لتر/ لليوم، وتزداد تلك النسبة لتبلغ نحو 900 لتر يوميا للمستوطن الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وبسبب الاستهلاك المتزايد للمياه، وعدم تكافؤ الوارد للخزان مع المستهلك منه، من غير أن يقابل هذه الزيادة تطوير لمصادر المياه، تناقصت كمية المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة حسب المواصفات القياسية بشكل بات يهدد بالخطر، ويتوقع الخبراء أن تصبح جميع مياه القطاع غير صالحة للاستعمال الآدمي بحلول عام 2020، وقد ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة، إن قطاع غزة على حافة العطش، إذ أن موارد المياه الجوفية التي يعتمد عليها 1.7 مليون فلسطيني في الشرب والزراعة يمكن أن تنهار نتيجة سنوات من الاستخدام الجائر والتلوث.

وفي الضفة الغربية تقوم شركة المياه الإسرائيلية (ميكوروت) بسحب كميات كبيرة من المخزون الجوفي، أو من الآبار الواقعة مباشرة على خط الهدنة (دون مقابل)، ثم تقوم ببيع هذه المياه مجددا لبلديات الضفة الغربية. وغالبا ما يحصل عجز ونقص حاد في المياه لدى الفلسطينيين، خاصة في فصل الصيف، ما يدفع المواطنين لشراء الماء بأسعار عالية. والسبب في ذلك أن الشركة الإسرائيلية تقطع المياه عن الفلسطينيين وتعطيها للإسرائيليين، لأن إسرائيل تستخدم المياه أداة للضغط والابتزاز والعقاب الجماعي.

واليوم، هنالك حوالي 200 قرية وتجمع سكني لا يوجد بها شبكات مياه أصلا في كل محافظات الوطن، ويعتمد الأهالي فيها على مياه الينابيع المحلية والآبار المنزلية ومياه الصهاريج، وهذه بالإضافة لمخاطر التلوث فهي مكلفة. وتعتبر المناطق المصنفة (C)، من أشد المناطق الفلسطينية فقراً لمشاريع المياه، نتيجة للسيطرة الإسرائيلية عليها.

وقد أدى بناء الجدار العنصري، إلى حجز الكثير من آبار المياه، وحرمان الفلسطينيين من مصدر مهم من المياه الجوفية. وخسارة الفلسطينيين مناطق إنتاجهم المستقبلي على طول الأراضي التي ابتلعها الجدار.

وعندما تتقدم الدول المانحة بمشاريع تساهم بحل أزمة المياه، يتم إيقاف هذه المشاريع بعد فترة وجيزة من بدئها بسبب المعيقات الإسرائيلية، ولا تمارس الدول المانحة أي ضغوطات على إسرائيل، بل أحيانا تتواطأ معها؛ ما يعني أنها تتحمل مسؤولية ما يحدث. حيث تنفق أموالها على مشاريع مائية مصممة لتتناسب مع الرغبات الإسرائيلية، مثل إنشاء شبكات وخزانات وآبار جمع منزلية، بينما يحتاج الفلسطينيون إلى زيادة فرص الوصول إلى المياه الجوفية، ما يعني أنها لا تسعى لمعالجة الأسباب السياسية الجذرية بل تركز على المشاريع الشكلية.

في المفاوضات قدمت إسرائيل أرقاما غير صحيحة من حيث قدرة أحواض المياه الجوفية والحد الأقصى المسموح به في كل حوض، حيث تم التلاعب بالأرقام ولا سيما بالحوضين الشرقي والغربي، ما خدم المصلحة الإسرائيلية لتسمية الأحواض بالأحواض المغلقة، وعدم السماح لحفر أي آبار فلسطينية هناك.

حلول ومقترحات

يبدأ الحل بتنفيذ مشاريع تنموية مستدامة ومتطورة في كل ما يتعلق بالبنية التحتية المتعلقة بشبكات المياه من خلال إنشاء شبكات مياه حديثة وربط التجمعات السكانية بها، وصيانة الشبكات القديمة، حيث يمكن توفير 15% من الفاقد عن طريق إصلاح الأنابيب، وبناء خزانات ضخمة لجمع المياه وإعادة توزيعها، وإقامة السدود الطبيعية والصناعية عند مجرى السيول والوديان للاستفادة من مياه الأمطار. بحيث يتم ذلك بتوجيه المشاريع الإنمائية التي تقوم به الدول المانحة والسلطة الفلسطينية والمؤسسات الأهلية لجعل مشكلة المياه من الاهتمامات الأولية للمشاريع المستقبلية.

وللوصول إلى حل جذري لمشكلة المياه في فلسطين، لا بد من تكريس كل الجهود والآليات وحشد الطاقات، لمطالبة الجانب الإسرائيلي والضغط عليه لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أوسلو، وضرورة تعديل الاتفاقيات في مفاوضات الحل النهائي، بحيث تتم زيادة حصص الماء المقررة للفلسطينيين، وفق زيادات معدل السكان، ووفق ما تقرره المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وما نص عليه القانون الدولي فيما يتعلق بحقوق الشعوب المحتلة وواجبات الدولة القائمة بالاحتلال، وصولا إلى حصول الفلسطينيين على حقهم الكامل بالسيادة المطلقة على مواردهم المالية، لأنها حقهم الطبيعي.

وهذا يتطلب القيام بتحركات على كافة المستويات لإثارة الرأي العام والضمير الدولي لحماية الشعب الفلسطيني من ممارسات الاحتلال وحرمانه من أبسط حقوقه بالحياة، وطرح مشكلة المياه للفت نظر العالم إلى هذه الأزمة وتعريفه بحجمها ومدى خطورتها الآن وفي المستقبل القريب والبعيد وعلى الأجيال اللاحقة.
وأيضاً لإقناع المفاوضين، وصناع القرار والمؤثرين والدول المانحة والدول الراعية لعملية السلام والمجتمع الدولي وكافة الجهات بأن أزمة المياه في فلسطين ليست مشكلةً فنية؛ بل هي قضية سياسية بامتياز. حيث أن النكران الإسرائيلي للحق الطبيعي للفلسطينيين في مياههم، يعكس النزعة المسبقة للعدوان الإسرائيلي ضد حقوقهم المائية، وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلى تدخل دولي حقيقي لصالح الفلسطينيين.
والتأكيد على أن الحل المستدام هو تمكين الفلسطينيين من حفر آبار تصل للمياه الجوفية العميقة، في الأحواض الجبلية المشتركة المتنازع عليها، وهذا هو الحل الأرخص والأفضل والأكثر اعتماداً على الذات، والأكثر ديمومة؛ حيث أنه بموجب القانون الدولي فإن للفلسطينيين الحق في تطوير موارد المياه في الأحواض المائية الخاصة بهم.

والتأكيد على أن مشروع قناة البحر الميت- الأحمر ما هو سوى فخ سيجعل الفلسطينيين يتوهمون إمكانية الحصول على مياه إضافية، بدلا من نصيبهم العادل في موارد المياه القائمة، وهذا سيضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه من المياه الجوفية. كما سيؤدي إلى فقدان حصة وحق الفلسطينيين في نهر الأردن وإلى الأبد، وعوضا عن ذلك سيكون عليهم شراء المياه المحلاة بالقرب من البحر الميت بثمن باهظ.
تحلية مياه البحر في غزة من الحلول الجزئية المطروحة، لكنه ليس الحل الوحيد لإنقاذ غزة، فالتحلية ليست حلاً مستداما؛ لأنه مكلف وغير فعال ويعني مزيدا من الاعتماد على الدول المانحة، وهذا الحل تروّج له إسرائيل بدلا من منح الفلسطينيين حقهم من المياه الجوفية في الحوض الساحلي المشترك.
وأخيرا، التأكيد على أن المياه قد تكون (اليوم أو في المستقبل) سببا قويا لنشوب الحرب وإدامة الصراع بين شعوب المنطقة، لأنها قضية لا تحتمل التأجيل، وفي المقابل من الممكن أن تكون المياه، إذا ما تم الاتفاق بشأنها بالتراضي والتفاهم مدخلا للتعاون وبناء الثقة، وبالتالي ستصبح أحد أقوى العوامل في نجاح عملية السلام. ما يعني أنه على إسرائيل أن تتوقف عن استخدام المياه كوسيلة للابتزاز والقهر والعقاب الجماعي، لأن الماء ليس ضروريا للحياة وحسب، بل هو الحياة نفسها. وهناك ما يكفي من المياه لتتقاسمها شعوب المنطقة بأمن وسلام.

هناك تعليقان (2):


  1. شركة غسيل خزانات بجدة رخيصة
    هل ترغب فى الحصول على خدمة غسيل خزانات بجدة من خلال شركة غسيل خزانات بجدة رخيصة فشركة المنزل توفر لك الخدمة بأقل تكلفة ومن خلال امهر العمالة كما تقوم بخدمات عزل خزانات بجدة, تنظيف خزانات بجدة
    شركة غسيل خزانات بجدة
    اتصل بنا : 0567871154
    http://elmnzel.com/cleaning-tanks-jeddah/

    ردحذف